رئاسيات 2014: الأحزاب الجزائرية تخرج تدريجيا من سباتها
الجزائر – على بعد أشهر قليلة عن الانتخابات الرئاسية 2014، بدأت الطبقة السياسية التي ظلت متكتمة حول هذا الاستحقاق، تخرج عن صمتها وتصعد من تصريحاتها وتضاعف تجمعاتها للتعبير عن مواقفها وتحركاتها في ظل وضع سياسي مفتوح على كل الاحتمالات.
فبعد ترقب طويل فرضته الحالة الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، انطلقت مختلف التشكيلات ، سواء منها المقربة من النظام أو المعارضة ، بسرعة مضاعفة لتدارك الوقت الضائع، حافزها في ذلك الإشارات المطمئنة حول معاودة رئيس الدولة مزاولة مهامه.
ودخلت الأحزاب التي كانت موضع انتقاد من طرف صحافة محلية شرسة لم تتوان عن اتهامها بالخمول، في معركة التحالفات التي بدأت تلوح في الأفق، والإفصاح عن نوايا الترشح بشكل أوضح، مع علامات استفهام بخصوص العملية الانتخابية برمتها، لاسيما على صعيدي الشفافية والمراقبة.
ويأتي التحفظ الذي أبدته الأحزاب حتى وقت قريب إلى الشكوك التي كانت تحوم حول نوايا السلطات من حيث احترام الآجال الدستورية لتنظيم الانتخابات الرئاسية ، وتناسل التساؤلات حول ترتيب الأولويات، أيهما أسبق هل الانتخابات أم التعديل الدستوري، مما جعل الفاعلين السياسيين تائهين بين هذا وذاك.
فبينما كان محللون يراهنون على تأجيل الاقتراع الرئاسي المرتقب في الربيع المقبل، قطع بوتفليقة الشك باليقين بتطرقه ، ولو بشكل غير مباشر ، إلى هذه الانتخابات خلال ترؤسه ، الأحد الماضي ، مجلسا للوزراء، الأول من نوعه خلال السنة الجارية بعد غياب طويل فرضته حالته الصحية.
وقد دعا بوتفليقة خلال هذا المجلس إلى “ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة قصد تمكين الجزائر من الإقبال في أفضل الظروف على اللاحق من الاستحقاقات السياسية”، ليبقى السؤال مطروحا هو: هل سيترشح بوتفليقة لهذه الانتخابات أم لا، وإن كانت تصريحات حزبه (جبهة التحرير الوطني) وحلفائه ترجح الاحتمال الأول.
وباعتبارها القوة السياسية الأولى في البلاد، لم تتوان جبهة التحرير الوطني عن إعلان مساندتها لترشح عبد العزيز بوتفليقة الذي هو رئيسها الشرفي، لولاية رابعة.
ويعطي هذا الحزب الذي ردد الكثيرون بأن “المتحف” أصبح مكانه الطبيعي، الانطباع باستعادة هيبته بتولي أمانته العامة عمار سعيداني الذي يسعى إلى تنظيم البيت الداخلي وتخليصه من الشقاق بين قياداته، منذ تنحية سلفه عبد العزيز بلخادم في يناير الماضي.
ويأتي هذا، في وقت أعلن شركاء الجبهة في تحالف رئاسي مرتقب، مساندتهم اللامشروطة لرئيس الجمهورية. ويتعلق الأمر بالتجمع الوطني الديمقراطي الذي يشكل ثاني قوة برلمانية في البلاد، والحركة الشعبية الجزائرية، وتجمع أمل الجزائر المعروف باسم (تاج)، حيث يبدو أن التحالف بين هذه الأحزاب محسوم في انتظار تأكيده رسميا.
في مقابل هذه الأحزاب، تطل المعارضة التي لم تتوافق على مشروع سياسي واجتماعي خاص بها، وهي منقسمة حول تقديم مرشح موحد يكون بمقدوره مجابهة مرشحي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وذلك في وقت تدافع فيه حركة مجتمع السلم (ذي التوجه الإسلامي) التي ساندت في الماضي الرئيس بوتفليقة، عن فكرة تجميع المعارضين حول رؤية موحدة.
غير أن هذه الفكرة لا تجد صداها لدى حزب العمال، حيث ترفض أمينته العامة لويزة حنون التي تبدي تأييدا لا متناهيا لرئيس الجمهورية، مقترح المرشح الوحيد “لأنه يتعارض مع الديمقراطية والتعددية”، مفضلة عملا تشاوريا لضمان “شروط انتخابات شفافة”.
أما (جيل جديد) الحزب الفتي الذي بدأ يسجل حضورا قويا على صعيد المشهد الإعلامي، فأكد ترشيح رئيسه سفيان جيلالي المعروف عنه بكونه شديد الانتقاد للنظام الجزائري الذي يتهمه بأنه “يقود البلاد نحو الهاوية”.
ويدعو هذا الحزب ، في الوقت ذاته ، “كافة المرشحين المحتملين إلى إعلان ترشيحاتهم لقطع الطريق عن أي إلغاء غير قانوني للانتخابات”.
وإذا كانت لويزة حنون متحفظة بشأن ضمانات الشفافية مشددة فقط على تنقية القوائم الانتخابية من الشوائب، فإن رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس الذي يدافع من أجل “توافق جمهوري يضمن السلم الاجتماعي وحريات المواطن”، كان مباشرا وأكثر جرأة، حيث يقترح بلعباس الذي كان قاطع حزبه الانتخابات التشريعية ل10 ماي 2012، “إعفاء وزارة الداخلية من الإشراف على الانتخابات وتفويضها لهيئة مستقلة، وكذا “إشراك المجتمع المدني في مراقبة الاقتراع”.
ووسط هذا الحراك السياسي والانتخابي، تطرح علامة استفهام حول رأي وموقف جبهة القوى الاشتراكية، أعتد أحزاب المعارضة في البلاد، حيث ظلت، على غير عادتها ، متكتمة إزاء القضايا الساخنة الراهنة، بدءا من التعديل الحكومي في 11 شتنبر الجاري مرورا بالنقاش حول الرئاسيات المقبلة، وصولا إلى التغييرات الكبيرة داخل المؤسسة العسكرية.
ووفق ما تردد عبر وسائل الاعلام المحلية ، فإن هناك تقاربا محتملا بين جبهة التحرير الوطني وبين هذا الحزب المعارض. وفي حال تأكد هذا المعطى ، فإن ذلك سيكون بمثابة “خلخلة” حقيقية للمشهد السياسي الجزائري، على اعتبار أن هذا الحزب منذ تأسيسه سنة 1963 من طرف الحسين آيت أحمد، اختار موقعه في المعارضة. وقد ترددت المعطيات بشأن هذا التقارب على خلفية رسالة بعث بها الرجل القوي في جبهة التحرير الوطني عمار سعيداني إلى الحسين آيت أحمد (87 عاما) الذي انسحب من جبهة القوى الاشتراكية في ماي 2012، تضمنت دعوة إلى مصالحة تاريخية بين الحزبين.
(جمال شبلي)
اقرأ أيضا
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
أعلن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، اليوم السبت، أن السلطة التنفيذية تعتزم إعلان المناطق المتضررة بشدة من الفيضانات المدمرة التي ضربت جنوب شرق البلاد “مناطق منكوبة”.
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
أصدر وزير العدل قرارا بإنشاء وتنظيم المصالح اللاممركزة للوزارة، متمثلة في مديريات إقليمية للعدل موزعة على مستوى الدوائر القضائية لكل محكمة استئناف.
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الجمعة بالرباط، أن تعزيز حكامة المالية العمومية يخلق آثار إيجابية على عدة مستويات.
أخبار آخر الساعة
-
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
-
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
-
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
-
السيد بنسودة يدعو إلى تحسين نموذج الحكامة المالية العمومية
-
الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية
-
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
-
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
-
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)