حلبة البحرين الدولية: هدير محركات.. متعة وتشويق، وعوائد اقتصادية

(أحمد الطاهري)
المنامة – عاشت مملكة البحرين، خلال الأيام الماضية، حدثها الجماهيري السنوي المميز والمشوق، بتنظيم سباق (فورمولا 1) على حلبة البحرين الدولية، موطن رياضة السيارات في منطقة الشرق الأوسط، التي علا أرجاءها هدير المحركات، واستمتع جمهورها المحلي والخليجي، بالخصوص، بأجواء احتفالية وترفيهية مرحة وممتعة.

فمن فاتح إلى ثالث أبريل الجاري، أبان متسابقون من فرق دولية بارزة عما اكتسبوه من مخبرة ومهارة في المضمار، فيما تابع عشاق رياضة السيارات سلسلة من الحفلات الفنية والعروض الترفيهية اجتذبت جمهورا غفيرا من الصغار والكبار، في كرنفال بهي امتزج فيه البعدان الرياضي والفني، تحقيقا للمتعة وجلبا لعوائد اقتصادية في آن.

واحتضنت حلبة البحرين، مفخرة المملكة التي تبعد عن العاصمة المنامة بنحو ثلاثين كيلومترا، نخبة من أبرز الفنانين والفرق الغنائية العالمية الشهيرة، مثل رائد الروك العالمي، الجامايكي جيمي كليف، والثنائي السويدي، إكسويل- أنكروسو، والفنان العالمي أفتشي.

وحضرت أيضا الفرقة اليابانية الشهيرة (سايرو إيه) التي تعمل على دمج فنون التمثيل الصامت بالمؤثرات البصرية والموسيقى الإلكترونية، والفرقة الهندية (تذكرة إلى بوليوود) التي تنظم عروضا هندية راقصة بهيجة، إضافة إلى سلسلة عروض بهلوانية قدمتها فرقة (لي بوتي برا) الفرنسية المتخصصة في الألعاب البهلوانية الهوائية.

وانتشرت في أرجاء الحلبة عروض فنية فرجوية مثيرة وممتعة، مثل عروض (رجل المنشار)، وقارعي الطبول، و(طوال القامة)، و(فرقة القرود)، فيما أقيمت أنشطة لفائدة الأطفال، منها ورشات لتعليم فنون السيرك، والبالونات، والفقاعات، وألعاب الخفة، في أجواء نالت إعجاب ورضى الأسر المتقاطرة على الحلبة، والجمهور المكون من مختلف الشرائح والأعمار.

وأكد أرباب عائلات أن الأطفال ينتظرون هذه المناسبة السنوية بشوق بالغ، كونها تدخل السرور والبهجة على نفوسهم، وتلبي أنشطتها المتنوعة فضولهم ورغبتهم الجامحة في الاكتشاف والاطلاع، والتسلية والترفيه، بما يفتق أذهانهم ويصقل ملكة الإبداع لديهم.

ولاحظ الزوار حسن التنظيم الذي أضحى يميز التظاهرة دورة تلو الأخرى، من حيث انسيابية الولوج حسب تصنيف المدرجات، بالنسبة للأعداد الغفيرة من الجمهور، واستتباب الأمن، مبرزين أن هذا اللقاء السنوي المميز بالإثارة والمتعة، يلبي، من خلال السباق والأنشطة المواكبة، رغبات واحتياجات مختلف الفئات المجتمعية، المحلية والخليجية الوافدة إلى الحلبة.

ولكي يكون التشويق في ذروته لدى عشاق رياضة السيارات، بالخصوص، لا تكتفي الحلبة (لؤلؤة الصحراء) باحتضان سباق جائزة البحرين الكبرى ل(فورمولا 1)، منذ انطلاقه على مضمارها عام 2004، بل تستضيف، أيضا، مجموعة من السباقات المساندة مثل بطولة (تي سي آر) العالمية، و(تحدي بورشه جي تي 3 الشرق الأوسط).

وبالإضافة إلى استقطاب الاهتمام العالمي، وتسويق الصورة الحيوية، المنفتحة والآمنة للمملكة كبيئة خصبة للاستثمار بالمنطقة، فإن تنظيم هذه التظاهرة الضخمة، ذات الوقع الإعلامي الكبير، يعود بفوائد اقتصادية مهمة، حيث تفيد تقارير اقتصادية بأن متوسط عائدها المالي خلال السنوات الماضية، يصل إلى سقف 500 مليون دولار.

وتتمثل هذه الفوائد في مداخيل مباشرة (عائدات بيع التذاكر، وتأجير كافة معدات الحلبة على الفرق المشاركة، وحقوق البث التلفزيوني)، وأخرى غير مباشرة، وهي الأهم، وتتمثل في إشغال الفنادق والشقق السكنية، وانتعاش حركة المواصلات، خاصة بالنسبة لسيارات الأجرة، وتأجير السيارات، علاوة على انتعاش السياحة الداخلية (ارتياد المطاعم، والتسوق بالمجمعات والأسواق ..).
ويؤكد منعشون سياحيون أن سباق (فورمولا 1) بحلبة البحرين الدولية أضحى محركا فاعلا لقطاع الفنادق ومرافق الضيافة على أساس سنوي، بنسبة إشغال قياسية.

وحسب هيئة البحرين للسياحة والمعارض، فقد ارتفعت نسبة إشغال الفنادق خلال هذه الدورة من السباق لتصل إلى 92 و82 في المائة، على التوالي بالنسبة لفنادق الخمس والأربع نجوم.

وطيلة أيام هذه التظاهرة الرياضية العالمية، بدت الحركة نشيطة، أيضا، في السوق التجارية العريقة، حيث توافدت أعداد كبيرة من الزوار والمشاركين لاقتناء المنتجات المعروضة، خاصة التقليدية والتراثية منها، كما انتعشت حركة البيع في أسواق الخضراوات والفواكه واللحوم.

وفور إسدال الستار على السباق، تبادل المسؤولون البحرينيون برقيات التهاني، مؤكدين أن نجاح هذا الحدث الرياضي العالمي جاء ليؤكد، مرة أخرى، ريادة المملكة في تنظيم مثل هذه البطولات الدولية، وليعزز دورها في إحداث النقلة النوعية لرياضة السيارات في الشرق الأوسط، ومكانتها في الأوساط الرياضية، والثقة الدولية المتزايدة التي تحظى بها على الخارطة الرياضية والسياحية العالمية.

وحسب هيئة شؤون الإعلام، تولى تغطية السباق، الذي يعد ثالث أكبر بطولة رياضية على مستوى العالم يتابعها مئات الملايين، أكثر من 520 إعلاميا من مختلف وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المحلية والعالمية.

وفاز بلقب السباق الألماني نيكو روزبرغ، سائق فريق (مرسيدس)، بعد أن أنهى المسافة المكونة من 57 لفة حول الحلبة في ساعة و33 دقيقة و 34 ثانية و 696 جزء من الثانية، ليحقق فوزه ال16 في مسيرته وفوزه الخامس على التوالي بعد أن توج بألقاب آخر ثلاثة سباقات في الموسم الماضي، إضافة إلى سباق استراليا في انطلاقة الموسم الجديد.

كما يعد هذا الفوز ال31 في السباقات ال39 الأخيرة لفريقه (مرسيدس) الذي يستعد هذا الموسم لمواجهة حامية مفتوحة بين سائقيه.

وينقسم سباق (فورمولا 1) إلى ثلاث مراحل، أولاها تتمثل في التجارب الأولى وتجري في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني يقام سباق الحصص التأهيلية التي يتم وفقها توزيع مراكز المتسابقين ومواقعهم على السباق النهائي الذي ينطلق في اليوم الثالث والأخير.

ويمثل السباق في تجاربه الثانية للموسم الحالي، بعد استراليا، إحدى رياضة المحركات العالمية التي يتابعها جمهور كبير من مختلف أنحاء العالم، بمشاركة كبريات شركات السيارات العالمية، حيث يبلغ عدد الفرق المشاركة في السباق 13 فريقا بواقع سائقين عن كل فريق.

وكان المجلس العالمي لرياضة المحركات قد أقر جعل موسم سباق (فورمولا 1) يبدأ في استراليا، ثم تقام الجولة الثانية في البحرين، وتليها شنغهاي الصينية في منتصف شهر أبريل، وبعدها عدة مدن حول العالم (21 مدينة).

وأولت الحكومة البحرينية، منذ استضافة السباق قبل اثني عشر عاما، اهتماما كبيرا بحلبة السباق التي صممت وفق المعايير الدولية المتكاملة لضمان نجاح البطولة بشكل سنوي، والتي ناهزت كلفة إنشائها 150 مليون دولار.