جهتا الداخلة وادي الذهب والعيون الساقية الحمراء.. دينامية الاندماج الجهوي في أفق تعزيز التنمية الترابية

الداخلة- تمثل جهتا العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب فضاء ملائما لتعزيز دينامية الاندماج الجهوي وآفاق التطور الترابي من أجل تكريس حكامة تنموية واثقة، لتحقيق انتظارات المواطنين وتلبية احتياجاتهم في شتى المجالات.

كما تشكل الجهتان، بوابة على إفريقيا جنوب الصحراء وأرضا خصبة لمستقبل التنمية المستدامة وفضاء جيو استراتيجيا محوريا لمعالجة حاضر ومستقبل التنمية المتبادلة المنفتحة على إفريقيا، وكذا على باقي المناطق الأخرى من العالم.

ولأن بناء مستقبل تنموي ناجع بالمنطقة، يقوم على أساس الحق في تنمية بشرية مستدامة، والحفاظ على الثقافة والموروث التراثي الحساني، فإن الجهود التي تبذلها ومازالت تبذلها المملكة في كل المجالات الحيوية، لتحقيق غد مشرق وأفضل للساكنة المحلية، تشكل نموذجا يقتدى به لإرساء تنمية جهوية فاعلة من خلال تفعيل آليات النمو الاقتصادي وفق الاحتياجات المتزايدة المحلية.

من هذا المنطلق، يشكل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في نونبر 2013، نموذجا إصلاحيا رائدا من أجل تحصين المكتسبات التنموية المشروعة التي تحققت على الأرض، وتشخيص النواقص الحاصلة في الميدان، تعزيزا لتنمية جهوية خلاقة كفيلة بتعزيز دينامية النمو الترابي محليا.

كما يمثل هذا النموذج الخلاق، جيلا جديدا من المبادرات الإصلاحية، يقترح البدائل الواقعية القابلة للتطبيق، وفق تشخيص موضوعي يروم تطوير الوضع التنموي بالأقاليم الجنوبية والنهوض بحقوق الإنسان وفق آليات تدبيرية حديثة.

ويتوخى هذا النموذج أيضا جعل جهتي الصحراء المغربية، انطلاقا من خصوصياتها ومؤهلاتها، جسرا للتبادل والنمو المشترك مع دول الجوار، وبوابة نحو الاندماج الاقتصادي داخل الفضاء الإفريقي والأطلسي، لاسيما في مجالات التجارة واللوجستيك والطاقات المتجددة، والخدمات الأساسية من تعليم وصحة.

ولأن تحقيق هذه الغايات يتطلب دينامية تنموية جديدة، يقترح هذا النموذج التنموي الجديد، توطين السياسات القطاعية ترابيا ومراعاة الخصوصيات والمؤهلات الطبيعية والاقتصادية للأقاليم الجنوبية، علاوة على دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، ومؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من أجل إنعاش التشغيل والتشغيل الذاتي، وتوسيع قاعدة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.

وفي هذا الصدد، يركز هذا النموذج الرائد، على ضرورة توفير مناخ أعمال مناسب لخلق الثروة، وتشجيع جيل جديد من الاستثمارات من خلال وضع ميثاق استثماري جهوي تحفيزي اعتمادا على إطار ضريبي واضح ومحفز وتثمين المؤهلات الاقتصادية المحلية، إضافة إلى إحداث صندوق للتحفيز الاقتصادي وللقطاع الخاص جهويا.

كما يتوخى تعزيز الدور المستقبلي الجديد الذي سيضطلع به الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من جهة، والقطاع الخاص من جهة أخرى، من أجل الإسهام في خلق الثروات وإنعاش التشغيل، خاصة لفائدة الشباب والنساء.

ولأن التنمية تعد رهانا استراتيجيا واضح الأهداف والمعالم، فإن هذا النموذج التنموي يتناغم بشكل ذكي مع مبدأ الجهوية المتقدمة الذي سيمكن الأقاليم الجنوبية من إرساء جهوية عصرية، تسهم في تكريس ديمقراطية محلية حقيقية واثقة، تعتمد على موارد ومؤهلات بشرية كفؤة قادرة على تدبير الشأن العمومي الجهوي، والاستجابة لانتظارات الساكنة المحلية.

كما يتوافق بشكل مبدئي، مع مغزى الجهوية المتقدمة، باعتباره مدخلا لإصلاح عميق لبرامج التنموية المحلية التي تقوم على أساس تكريس اللامركزية واللاتمركز الفعليين النافذين، وتعزيز الديمقراطية، والتحديث الاجتماعي والسياسي والإداري للبلاد، وتكريس التنمية المستدامة والمندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا.

لذلك فإن الرهان معقود الآن على منتخبي جهتي الصحراء، الذين باتوا يتوفرون على الشرعية الشعبية، وعلى الآليات والأدوات والوسائل القانونية والمالية الكفيلة بتمكين المنطقة من الاضطلاع بالدور المناط بها كمحرك أساسي للتنمية المنشودة.

(بقلم : جواد التويول)