تكوين وتأهيل العنصر البشري.. أولوية للنهوض الاجتماعي وتوطيد مسلسل التنمية المندمجة

الرباط – منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، جعل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من تكوين وتأهيل العنصر البشري أولوية وطنية للنهوض الاجتماعي وتوطيد مسلسل التنمية المندمجة والمستدامة لمغرب جدير بأطفاله وشبابه.

فمن خلال هذا الخيار الاستراتيجي، وضع جلالة الملك المواطن في صلب مسلسل تنمية السياسات العمومية، وعزز هذا المعطى من خلال تفعيل مقتضيات الدستور الجديد وخاصة منها الفصل ال31 الذي ينص على أن “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في (…) الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة والتنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة والتكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية، (…)”.

وفي هذا الإطار، يحرص جلالة الملك على أن تتوفر كل جهات المملكة على البنيات التحتية وباقي التجهيزات الاساسية التي تتمم وتنهض بأداء قطاع التعليم بغرض تمكينه من الاضطلاع بالمهام البيداغوجية والتربوية النبيلة المنوطة به.

وقد مكن هذا الحرص الملكي السامي الذي جدد جلالة الملك التأكيد عليه في الخطاب السامي الذي وجهه جلالته إلى الأمة بمناسبة الذكرى الستين لثورة الملك والشعب (20 غشت 2013)، المغرب من تحسين مؤشراته في مجالي التربية والتكوين، وتحقيق منجزات مهمة لاسيما على مستوى تدريس الفتيات.

وبالفعل، ما فتئت العناية التي يوليها جلالة الملك لهذه المجالات الحيوية تتعزز وتتجسد من خلال العديد من المبادرات التي أطلقها جلالته، والرامية إلى استفادة الشباب من تكوينات تستجيب لحاجياتهم.

وهكذا أشرف جلالة الملك على إطلاق وتدشين العديد من مراكز التكوين المهني المتخصصة في العديد من القطاعات من قبيل صناعة الطيران والسيارات والصناعات الغذائية والفندقة والبناء والأشغال العمومية، عبر مجموع التراب الوطني، وهو ما مكن الشباب المنحدرين من مختلف الشرائح الاجتماعية، بما فيها الفئات في وضعية هشاشة، من الولوج إلى تكوينات دقيقة وذات جودة منفتحة على عالم مقاولات اليوم والغد.

وعلى سبيل المثال، فقد سجل العرض التكويني لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، خلال الفترة الممتدة من 2002 إلى 2012، ارتفاعا ملحوظا بلغت نسبته 471 في المائة، كما أن مخطط التنمية المسطر من طرف المكتب يروم تكوين مليون شاب، في أفق سنة 2017.

وبغية بلوغ هذا الهدف، أحدث مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل شبكة واسعة من المؤسسات (327 مركزا للتكوين)، تهم مجموع القطاعات الاقتصادية، مع إيلاء أهمية خاصة للتكوين في القطاعات المحدثة لفرص الشغل، من قبيل المهن العالمية الجديدة للمغرب المحددة من طرف الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي (صناعة الطيران، صناعة السيارات، ترحيل الخدمات…)، وكذا مهن البناء والأشغال العمومية، والسياحة، وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، والنقل واللوجيستيك. وتجدر الإشارة إلى أن الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة ليسوا بمعزل عن الاستفادة من هذه المجهودات، حيث تم توفير جميع الوسائل التي تمكنهم من اندماج سوسيو-تربوي ومهني أفضل رهن إشارتهم.

وتبرز مختلف المبادرات التي تم إطلاقها لفائدة هذه الشريحة الاجتماعية الاهتمام الخاص الذي ما فتئ جلالة الملك يوليه لهؤلاء الشباب، والحرص الملكي السامي على توفير الآليات الضرورية التي تمكنهم من الاستقلالية والمساهمة بفعالية في الحياة الاجتماعية.

ويشكل إشراف جلالة الملك على تدشين الفرع الجهوي للمركز الوطني محمد السادس للمعاقين بفاس مؤخرا مثالا لإنجازات عديدة تصب في صالح هذه الشريحة، وتؤكد الإرادة الراسخة والدائمة للنهوض بأوضاعها. وهكذا، فإن مختلف هذه المبادرات التي أطلقها جلالة الملك تبرز بشكل جلي الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك للنهوض بكفاءات الشباب المغربي الذي يعد بمثابة ثروة حقيقية للأمة ومحركا لتنميتها الشاملة والمندمجة.