تجديد التحالف المغربي – الغيني
( بقلم محمد التوزاني )
كوناكري – تشكل الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لغينيا يوم الاثنين مناسبة لتجديد علاقة مغربية غينية ذات خصوصية نسجها جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه والرئيس الغيني الراحل أحمد سيكوتوري .
وتعتبر هذه العلاقة نموذجا، يعز نظيره، للأخوة والصداقة التي ينبغي أن تطبع العلاقات بين بلدين إفريقيين .
إن غينيا والمغرب ،اعتبارا لرصيد الثقة الثمين والتضامن الفعال والمتبادل بينهما ، عاقدان العزم على إرساء أسس تعاون متجدد ، مكثف ومتعدد الأشكال.
فقد عرفت المبادلات التجارية بين البلدين تطورا ملحوظا في العشرية الأخيرة وتنوعت ،حيث أضحت تشمل جميع مجالات التعاون من تجارة وبنوك ونقل وسياحة ومالية وشؤون دينية وتكوين مهني وغيرها.
فغينيا، التي باشرت بنجاح مسار إعادة البناء الاقتصادي بعدما ركزت جهودها في السنين الأخيرة على تعزيز المؤسسات الديمقراطية، إثر وفاة الرئيس لانسانا كونتي ، في حاجة إلى تضامن أصدقائها للدفع باقتصادها وتحسين الظروف المعيشية لسكانها وتوطيد دعائم الاستقرار السياسي بها.
ويمكن لهذا البلد الكبير في منطقة غرب إفريقيا ، الذي قدم على الدوام دعمه غير المشروط للمغرب في ما يخص قضية الصحراء، أن يعول على دعم ومساندة الرباط له في عملية بناء المؤسسات الديمقراطية، وخلق الثروات والاستغلال الأمثل لفرص الاستثمار والنمو.
فغينيا تزخر بثروات طبيعية ومعدنية هائلة حيث تتوفر على ثلثي الاحتياط العالمي من البوكسيت، إلى جانب الحديد والذهب والماس والنيكل واليورانيوم والمنغنيز، لكن كل هذه الخيرات تبقى غير مستغلة كما يجب.
ويساهم القطاع المنجمي وحده بنسبة تتراوح ما بين 15 و20 في المئة من الإنتاج الداخلي الإجمالي و25 في المئة من العائدات الداخلية للدولة.
ويمكن الإشارة في هذا السياق الى أن غينيا في حاجة إلى الخبرة والعنصر البشري ،رفيع التأهيل وقطاع خاص يتسم الحيوية والدينامية والخبرة لضخ الاستثمارات اللازمة ومواكبة السلطات العمومية في تقييم الموارد واستغلالها وتسويقها الى الخارج.
وهنا تبدو جدوى استعانة غينيا بالخبرة المغربية ،كما هو الحال بالنسبة لباقي البلدان الواقعة جنوب الصحراء، من خلال القطاع الخاص الذي يكتسب تجربة عريقة ودراية واسعة في مجالات الأوراش المهيكلة الكبرى، بدءا من تدبير للمياه ، إلى استخدام الطاقات المتجددة، والجامعات والمعاهد والمراكز التي تكون كل سنة آلاف الأطر والمهندسين والتقنيين المغاربة والأفارقة.
وكتجسيد حي لإرادة المغرب في مواكبة جهود غينيا ومالي وكوت ديفوار والغابون في تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والدفع بالمبادلات الاقتصادية والتجارية مع شركائه الأفارقة ، يرافق صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال جولته الإفريقية الراهنة ،وفد هام من أرباب المقاولات العمومية والخاصة، سواء المتواجدة منذ مدة في بعض البلدان الإفريقية أو المهتمة بهذه السوق الواعدة التي تتوفر على طاقة تنموية هائلة.
فبغض النظر على البحث عن عقود وحصص في الأسواق، وهو حق مشروع في ظل اقتصاد ليبيرالي، فإن هاته المقاولات تسعى أيضا إلى إفادة البلدان الإفريقية من خبرتها في عدة ميادين حيوية وتشغيل أعداد كبيرة من الأيدي العاملة الإفريقية، مساهمة بذلك في نماء وتقدم القارة.
وتتجلى إرادة المغرب في تقوية علاقاته مع غينيا في تنويع وتقوية الأدوات القانونية للتعاون، من خلال التوقيع بشكل منتظم، على اتفاقيات لتبادل الوفود رفيعة المستوى.
وهكذا فإن البلدين يرتبطان بنحو عشرين اتفاقية تطال الميادين السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية والعلمية والتقنية ،وهي ترسانة ، تعززت خلال انعقاد الدورة السادسة للجنة المختلطة المغربية -الغينية بكوناكري يومي 23 و 24 غشت 2012 بالتوقيع على اتفاقيات شراكة جديدة في مجالات النقل الجوي، والتجارة، والاستثمارات والسياحة ،والصيد البحري،والطاقة،والصناعة التقليدية،والشؤون الدينية،والإعلام، والتعليم العالي، والصحة والماء الشروب.
وخلال الزيارة التي قام بها الوزير الأول الغيني الأسبق لانسانا كوياتي للمغرب عام 2007، عبر البلدان عن رغبتهما الأكيدة في جعل شراكتهما ” نموذجا ناجحا للتعاون بين البلدان الإفريقية” فضلا عن كونهما لم يدخرا أي جهد لإضفاء مزيد من الدينامية والفعالية على التعاون القائم بينهما في كافة الميادين ،لاسيما الاقتصادي منها.
وعلاوة عن اتفاقية الحماية والتشجيع المتبادل للاستثمارات، احتضنت مدينة الدار البيضاء عام 2012 ، الأيام الأولى المغربية – الغينية للتنمية الاقتصادية تحت شعار” فرص الاستثمار في غينيا “.
وجاء انعقاد هذه التظاهرة أشهرا بعد توقف القافلة الخامسة للتصدير في إفريقيا بكوناكري ،حيث حثت رجال الأعمال المغاربة على إقامة علاقات شراكة مع نظرائهم الغينيين.
ويمكن القول أن المغرب وغينيا ،اللذين تميزت مواقفهما على الدوام بالتطابق التام لوجهات النظر إزاء مختلف القضايا الدولية وتقاسمهما لنفس القيم ودفاعهما المستميت عن نفس المواقف بشأن كبريات القضايا الراهنة، كما جاء على لسان وزير التعاون الدولي الغيني ،مصطفى كتوبو صانوح، سيكرسان كل الجهود حتى تكون الزيارة التاريخية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لكوناكري ،فاتحة خير ،توفر دفعا قويا للعلاقات العريقة ،المميزة القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
اقرأ أيضا
الرئاسيات الأمريكية.. دونالد ترامب يعلن الفوز، ويعد بـ”عصر ذهبي” لبلاده
أعلن دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، ووعد بتدشين “عصر ذهبي” لبلاده.
وزير الصحة والحماية الاجتماعية يستعرض بمجلس النواب الخطوط العريضة لبرنامج عمل القطاع لسنة 2025
استعرض وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، الخطوط العريضة لبرنامج عمل القطاع لسنة 2025.
قضية الصحراء المغربية تحقق مكاسب نوعية بفضل الدبلوماسية الاستباقية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك (ندوة)
أكد المتدخلون خلال ندوة نظمت، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن مسلسل الدفاع عن قضية الصحراء المغربية بات يحقق خلال مكاسب نوعية بفضل الدبلوماسية الاستباقية والجبهة الداخلية الموحدة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
أخبار آخر الساعة
-
الرئاسيات الأمريكية.. دونالد ترامب يعلن الفوز، ويعد بـ”عصر ذهبي” لبلاده
-
وزير الصحة والحماية الاجتماعية يستعرض بمجلس النواب الخطوط العريضة لبرنامج عمل القطاع لسنة 2025
-
قضية الصحراء المغربية تحقق مكاسب نوعية بفضل الدبلوماسية الاستباقية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك (ندوة)
-
الكويت تحتضن المؤتمر الرفيع المستوى الرابع حول تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وبناء آليات مرنة لأمن الحدود بمشاركة المغرب
-
الولايات المتحدة.. معطيات لفهم النظام الانتخابي
-
التحول الرقمي.. المغرب قطع أشواطا كبيرة في ظل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك (السيدة الفلاح السغروشني)
-
المغرب، محرك للنمو في إفريقيا بفضل التكامل الإقليمي (الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية)
-
المغرب يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (السيد حجيرة)