بعد طرابلس .. المؤتمر الوزاري الإقليمي حول أمن الحدود ينعقد بالرباط وفي الأفق تطلع إلى قرارات في مستوى التحديات الراهنة
الرباط – بعد دورته الأولى التي انعقدت بطرابلس بليبيا يومي 11 و12 مارس 2012، ينعقد المؤتمر الوزاري الإقليمي الثاني حول أمن الحدود يوم الخميس بالرباط، وفي الأفق تطلع لدول منطقة شمال إفريقيا والساحل والصحراء ودول شريكة وصديقة ومنظمات إقليمية ودولية معنية، للخروج بقرارات وتوصيات في مستوى التحديات الأمنية والتنموية التي تواجهها هذه البلدان.
وإذا كانت محطة طرابلس قد أسست لتعاون أمني من خلال وضع إطار مرجعي، فإن مؤتمر الرباط، الذي ينعقد في صيغة جديدة، يراهن على التوصل إلى أجوبة بناءة، من خلال مقاربة تشاركية، للإشكاليات ذات البعد الجيوسياسي والسوسيو- اقتصادي التي تعيق الجهود التنموية التي تبذلها بلدان المنطقة، التي لا تخفي اقتناعها بأن هذه الإشكاليات لا يمكن حلها بشكل منفرد، ولاسيما في ظل تنامي ظواهر التهريب و الإرهاب والجريمة المنظمة.
كما تعي هذه البلدان أن التعاون وتبادل المعلومات والتنسيق في مجال تدبير ومراقبة الحدود، على أساس مبدأ المسؤولية المشتركة، يعد الحل الأمثل لمكافحة الحركات الإرهابية والتصدي لمختلف مناوراتها.
ويعد مؤتمر الرباط حلقة أساسية في مسلسل بحث هذه البلدان عن أفضل السبل لحل القضايا المرتبطة بالوضع الأمني وعدم الاستقرار التي تواجهها بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها.
وسينكب مؤتمر الرباط، حسب المتدخلين في جلسته الافتتاحية، على تقييم خطة عمل طرابلس وبحث سبل تفعيلها في إطار رؤية مستقبلة تستند إلى المرجعيات والاستراتيجيات المندمجة الإقليمية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود، وخاصة مؤتمر الأمم المتحدة حول مراقبة الحدود والتعاون بين دول الساحل واتحاد المغرب العربي الذي التئم بالرباط في مارس الماضي والقرارات الأممية حول مالي وتوصيات وزراء داخلية مجموعة 5 +5 (الجزائر) ووزراء داخلية واتحاد المغرب العربي (الرباط) المنعقدين في أبريل 2013.
وفي هذا الإطار، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد صلاح الدين مزوار أن المغرب يعتقد جازما بأن تحقيق أمن الحدود يستوجب تفعيل العلاقات مع دول الجوار والشركاء الإقليميين والدوليين في إطار حوار سياسي منتظم ومنفتح وإيجابي.
وأضاف السيد مزوار أن رفع التحديات المشتركة والرهانات المتقاطعة التي تواجهها دول منطقة شمال إفريقيا وفضاء الساحل والصحراء يقتضي من الشركاء في الدول المتقدمة وفي المنظمات الدولية تقاسم المسؤولية والوفاء بالتزاماتهم في ما يتعلق بتمويل التنمية وتقديم الخبرات والمواكبة وإسداء المشورة، وذلك من منطلق أن “الأمن والاستقرار والتنمية وحقوق الإنسان كل لا يتجزأ”.
وأوضح أن دول المنطقة لا تفتقر إلى الإرادة السياسية عندما يتعلق الأمر بتأمين حدودها، لكنها تواجه صعوبات تتعلق أساسا بنقص الإمكانيات والافتقار إلى الخبرات والآليات التكنولوجية الحديثة الكفيلة بضمان مراقبة فعالة لهذه الحدود أمام اختراقات الجماعات الإرهابية ومهربي البشر والمخدرات والبضائع.
من جهته، اعتبر وزير الداخلية السيد محمد حصاد أن التصدي للأخطار المحدقة ببلدان المنطقة من جراء ما تعرفه من انفلاتات تعتبر من الأوليات القصوى، وهو ما يستوجب تجاوز كل الخلافات والعمل سويا لتوحيد الجهود من أجل رفع هذه التحديات الأمنية.
وشدد الوزير على أن تأمين الحدود لا يعني بالضرورة انغلاق كل دولة على نفسها، بل يجب أن تظل هذه الحدود كما كانت دائما عبر التاريخ فضاء للتبادل بين الشعوب والمجالات الإنسانية والتجارية والثقافية.
وسجل، في هذا السياق، أن أي نظام لمراقبة الحدود لا يسمح ولا يشجع التدفقات المشروعة للأشخاص والسلع لن يكون أبدا في مستوى تطلعات شعوب بلدان هذه المناطق التي يتم العمل على تثبيت استقرارها وضمان رفاهيتها وازدهارها.
فأي مقاربة لا تندرج في هذا الإطار، يضيف وزير الداخلية، لن تؤدي إلا إلى تنامي وتشجيع مختلف الممارسات غير المشروعة والتي يتم العمل على محاربتها، وهو ما يستوجب إيلاء عناية خاصة لساكنة المناطق الحدودية لما تتسم به احتياجاتهم من خصوصيات.
أما وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي السيد محمد أمحمد عبد العزيز أن التعامل مع التحديات الأمنية المتمثلة في الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود يفوق قدرة أية دولة بمفردها مهما كانت الإمكانيات المتوفرة لديها، مبرزا أن التحديات الأمنية التي تمر بها منطقة شمال إفريقيا وفضاء الساحل والصحراء لها تأثيرات سلبية على باقي دول الإقليم، وهو ما يؤكد ضرورة إيلاء أهمية خاصة للتعاون الإقليمي ودون الإقليمي في المنطقة.
وأوضح السيد عبد العزيز أن تواصل ليبيا مع دول الجوار يعتبر خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون الأمني، والتركيز على خلق آليات تنسيق وشراكة فاعلة بهدف تأمين الحدود المشتركة وحمايتها وإرساء أسس متينة لسياسة أمنية مشتركة، وتسخير الإمكانيات وبناء القدرات بشريا وتقنيا؛ لا سيما في ظل التحولات المتسارعة التي تمر بها دول المنطقة.
من جانبه، شدد رئيس الدبلوماسية الفرنسية لوران فابيوس على أن أوربا وخاصة فرنسا، معنية بإشكاليات الحدود التي تسهل انتشار بعض ظواهر التهريب ولاسيما تهريب البشر، ملاحظا أن “الاستقرار الذي استرده الساحل سيعود على حد سواء بالنفع على الأفارقة والأوربيين الذين يعبرون عن رغبتهم في تبني مقاربة شمولية إقليمية ومندمجة لمعالجة القضية الأمنية على مستوى منطقة الساحل والصحراء.
وأمام هذه التحديات الشمولية والمشتركة، أكد فابيوس أن مجموع الشركاء المعنيين بهذه القضية الكبرى مدعوون إلى التوصل إلى حل في إطار روح التضامن لمساعدة بلدان الساحل والصحراء على بناء وتعزيز دولة القانون التي تعد “أول مطلب لعمليات مراقبة الحدود”.
ويندرج المؤتمر في إطار متابعة أشغال المؤتمر الوزاري الإقليمي الأول حول أمن الحدود، الذي انعقد بليبيا يومي 11 و 12 مارس 2012، ودراسة سبل تنفيذ “خطة عمل طرابلس”، المنبثقة عنه، بغية تعزيز مراقبة الحدود في منطقة شمال إفريقيا وفضاء الساحل والصحراء وتأمينها، وتوطيد الحوار والتشاور بين دول المنطقة والشركاء الدوليين وتطوير التعاون العملياتي في المجال الأمني لمحاربة الإرهاب، والجريمة المنظمة، بما في ذلك تهريب الأسلحة والمخدرات، وكذا الهجرة غير الشرعية.
ويهدف المؤتمر إلى تبادل التجارب والخبرات حول تدبير أمن الحدود ووضع آليات للتنسيق وتبادل المعلومات بين المصالح الأمنية، وكذا دراسة سبل إدماج وإشراك الساكنة المحلية في تدبير الحدود، من خلال وضع سياسات تنموية موجهة للمناطق الحدودية وللمناطق التي تشكل منطلقا للهجرة غير الشرعية.
وستتوج أشغال هذا المؤتمر بإصدار ” إعلان الرباط “، الذي سيتضمن مقترحات وتوصيات ترمي إلى تحقيق الأهداف المنشودة حول أمن الحدود في دول منطقة شمال إفريقيا وفضاء الساحل والصحراء من خلال مقاربة مندمجة وشمولية تعتمد على الأبعاد السياسية والعملياتية والتنموية.
اقرأ أيضا
بانكوك: السيدة أخرباش تدعو لتقنين يصون حرية السوق الرقمية وحقوق مستخدمي الفضاء الرقمي
دعت رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، لطيفة أخرباش، بمنتدى دولي ببانكوك، لتقنين يصون حرية السوق الرقمية وحقوق مستخدمي الفضاء الرقمي.
الأسبوع العربي الأول في اليونسكو: الثقافة المغربية تبصم على مشاركة بارزة
تبصم الثقافة المغربية، بمختلف جوانبها، على مشاركة متميزة خلال الدورة الأولى للأسبوع العربي، الذي افتتحت، اليوم الاثنين، بمقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي
استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها، اليوم الثلاثاء، بأداء إيجابي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” تقدما بنسبة 0,23 في المائة ليستقر عند 14.201,34 نقطة.
أخبار آخر الساعة
-
بانكوك: السيدة أخرباش تدعو لتقنين يصون حرية السوق الرقمية وحقوق مستخدمي الفضاء الرقمي
-
الأسبوع العربي الأول في اليونسكو: الثقافة المغربية تبصم على مشاركة بارزة
-
بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي
-
المجلس الأعلى للحسابات يواصل تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي (مسؤول)
-
السيدة ابن يحيى: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي
-
مجلس حقوق الإنسان.. السيد زنيبر يترأس أول اجتماع للمجلس الاستشاري المعني بالمساواة بين الجنسين
-
باريس انفرا ويك: البنية التحتية المستدامة، مجال متميز للتعاون بين المغرب وفرنسا (السيد بنشعبون)
-
مراكش: انعقاد المنتدى السنوي لأطراف “الشراكة من أجل تخزين الطاقة”