انتخابات جامو وكشمير.. تحد آخر أمام حزب بهاراتيا جاناتا لإحكام سيطرته على الحياة السياسية في الهند

(من المراسل الدائم للوكالة بنيودلهي: سعد أبو الدهاج)

نيودلهي- تنطلق، اليوم الثلاثاء، المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية في الشطر الهندي من إقليم جامو وكشمير، لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي المحلي، الذي ستنبثق منه حكومة جديدة للولاية ذات الأغلبية المسلمة.

وتأتي الانتخابات المحلية لولاية جامو وكشمير هذه المرة في ظرفية مغايرة، بعدما شهدت المنطقة، خلال شهر شتنبر المنصرم، فيضانات هي الأسوأ منذ عقود، خلفت مقتل 285 شخصا على الأقل وآلاف المشردين والمنكوبين وخسائر مادية جسيمة، بعد أن غمرت السيول القوية البنيات التحتية الأساسية والمرافق الحكومية والاجتماعية والاقتصادية.

وستنظم هذه الاستحقاقات الانتخابية على خمس مراحل في 87 دائرة انتخابية، حيث تختتم المرحلة الأخيرة من العملية الانتخابية في 20 دجنبر المقبل، على أن يتم الشروع في عملية فرز الأصوات بداية من 23 من نفس الشهر.

كما تجرى هذه الانتخابات المحلية في موعدها القانوني، بالرغم من التحفظات التي كان حزب “المؤتمر الوطني” (الحاكم في الولاية) قد أبداها سابقا، ورفع بشأنها ملتمسا من أجل التأجيل، معللا ذلك بصعوبة إجرائها نتيجة الدمار الذي أحدثته الفيضانات الأخيرة التي ضربت المنطقة، إلا أن جميع الأحزاب السياسية الأخرى، بما فيها حزب “الشعب الديمقراطي” (المعارض) رحبت بمواعيد الانتخابات.

ويعرف المشهد السياسي والانتخابي في منطقة جامو وكشمير عادة تنافسا شديدا بين حزبي “المؤتمر الوطني”، الذي يقوده عمر عبد الله الرئيس الحالي لحكومة الولاية، وغريمه التاريخي حزب “الشعب الديمقراطي” الذي تقوده محبوبة مفتي، بالإضافة إلى حزب المؤتمر الهندي.

لكن طرفا سياسيا آخر، وهو حزب “بهاراتيا جاناتا” (الحاكم في الهند) يتطلع، في إطار سعيه إلى تحقيق “العلامة الانتخابية الكاملة” في مجموع ولايات البلاد، إلى تحقيق نتائج جيدة في هذه الولاية ذات الأغلبية المسلمة، بالرغم من إيديولوجيته وهويته السياسية كحزب قومي هندوسي.

وفي هذا الصدد، يجمع بعض المراقبين على أن حزب “بهاراتيا جاناتا” يسعى جاهدا إلى ضم الولاية إلى قائمة انتصاراته، إذ قام الوزير الأول ناريندرا مودي، أياما قليلة قبل انطلاق الحملة الانتخابية، بزيارة تفقدية للمناطق المتضررة من الفيضانات، أعلن خلالها عن تخصيص مساعدات مالية بلغت 7.5 مليار روبية (حوالي 120 مليون دولار)، مما أثار انتقادات لدى باقي الهيئات السياسية المركزية منها والمحلية.

ولهذا السبب، قام الوزير الأول وزعيم حزب “بهاراتيا جاناتا”، ناريندرا مودي، بحملة انتخابية في إقليم جامو وكشمير، حيث ألقى خطابا عنيفا شن فيه هجوما على الحزبين الرئيسيين في الولاية (المؤتمر الوطني وحزب الشعب الديمقراطي)، متهما إياهما ب”الفساد المالي والإداري والتناوب فيما بينهما على استغلال سكان وخيرات المنطقة”.

وخلال هذا الخطاب، الذي ألقاه مودي يوم السبت الماضي أمام حشد انتخابي في بلدة “كيشتوار”، التي تبعد حوالي 208 كيلومتر جنوب مدينة سريناغار، حث الوزير الأول المواطنين على التصويت لصالح حزبه “بهاراتيا جاناتا”، معتبرا أن هذا الأخير سيعمل على تطوير منطقة جامو وكشمير وتنميتها، كما سيحقق لساكنتها ما لم تحققه الأحزاب الأخرى طيلة عقود.

وفي السياق ذاته، كان المسؤول عن شؤون كشمير في حزب “بهاراتيا جاناتا”، راميش أرورا، قد صرح لوسائل الإعلام بأن “الانطباع الخاطئ حول الحزب، إنما جاء بسبب بعض الأحزاب الأخرى المنافسة، التي روجت لفكرة مفادها أن مواطني إقليم كشمير سيكونون في خطر في ظل حكم حزب بهاراتيا جاناتا”.

وأضاف أن “الانطباع العالق في الأذهان هو أن حزب بهاراتيا جاناتا سيشكل تهديدا بالنسبة للثقافة الكشميرية، لكنني أريد أن أوضح أن التهديد الحقيقي يأتي من أولئك الذين يروجون لمثل تلك الدعاية المغرضة”، مؤكدا أن “الهند بلد علماني ولكل مواطن الحق في ممارسة شعائره الدينية”.

تجدر الإشارة إلى أن التصويت في الانتخابات المحلية أو العامة يواجه، في أنحاء الشطر الهندي من إقليم جامو وكشمير، برفض من قبل جماعات انفصالية تعارض سلطة الحكومة الهندية على الإقليم، وتدعو السكان المحليين إلى مقاطعة جميع الاستحقاقات الانتخابية.

ويشهد إقليم جامو وكشمير، المتنازع عليه مع باكستان، اضطرابات دائمة ومواجهات وحرب عصابات متقطعة منذ عام 1989 ، بين القوات النظامية وجماعات مسلحة تعارض الوجود الهندي في الإقليم.