الملفان السوري والإيراني في قلب الأحداث التي ميزت روسيا سنة 2013

(بقلم: رضا السقاط)

موسكو- صارت موسكو في السنوات الأخيرة رقما صعبا في المعادلة السورية، لا يمكن استبعاده أو تجاهله، وعقبة لا يمكن تخطيها بالقوة أو القفز عليها، حيث استعادت جاذبيتها واسترجعت نفوذها في المنطقة بعد 22 سنة من انهيار الاتحاد السوفياتي.

ولعبت الدبلوماسية الروسية خلال سنة 2013 دورا كبيرا في تحقيق التوازن الجيوسياسي، حيث سعت روسيا، التي تمتد مساحتها البرية الشاسعة وتربط بين شرق وغرب العالم، هذه السنة إلى استعادة مجدها ونفوذها العالمي.

فصياغة اتفاق مع الولايات المتحدة حول تدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية والتوسط بين إيران والقوى العالمية الكبرى لإبرام اتفاق نووي، جعل الدب الروسي يظل في قلب الساحة السياسية العالمية، حيث كانت هناك عدة خطوات دبلوماسية في الملعب السوري هذه السنة، إذ تمكنت موسكو من إقناع دمشق بالاعتراف بوجود أسلحة كيميائية، بل ودفعتها إلى الموافقة على وضع هذه الأسلحة قيد المراقبة الدولية.

وقد نجحت روسيا، خلال سنة 2013 عبر هذه المبادرة التي تقدمت بها في شتنبر الماضي من إنقاذ سورية من ضربة عسكرية أمريكية كانت ستصبح حتمية بدون التدخل الروسي.
كما بذلت روسيا خلال سنة 2013 جهودا في ما يخص التقريب ما بين السداسية وإيران تبلورت في الموقف الروسي من محادثات جنيف حول البرنامج النووي الإيراني، والتي بدت أكثر إيجابية، حيث مارس الجانب الروسي ضغوطات على الولايات المتحدة الأمريكية الرافضة لأي تطور نووي لإيران، لينتهي الأمر بصفقة بين الغرب وإيران تنهي عزلة الإيرانيين وتعيدهم للساحة الدولية بفضل السياسة الدولية الروسية الجديدة.

ومن جانب آخر وفي الوقت نفسه، تحاول روسيا استعادة نفوذها في دول الاتحاد السوفياتي السابق، من خلال إعادة أوكرانيا، التي تشهد في الآونة الأخيرة اضطرابات واحتجاجات بسبب تعليق الحكومة الأوكرانية التوقيع على اتفاقية الشراكة الانتسابية مع الاتحاد الأوروبي، إلى مدارها والذي تعتبره مكسبا دبلوماسيا من منظور تاريخي، حيث أن روسيا حكمت مساحة كبيرة من أوكرانيا لمدة 200 سنة.

وكانت روسيا حذرة من التوسع الطموح للكتلة الأوروبية التي تضم 28 دولة، والتي تنافس موسكو على مستقبل جيرانها من ناحية الشرق، حيث سعت روسيا خلال السنة التي نودعها دعمها للاتحاد الأوراسي لمواجهة الاتحاد الأوروبي، بداية من الاتحاد الجمركي الذي تقوده موسكو، والذي يضم كلا من ( روسيا بيلاروسيا وكازاخستان)، حيث قررت روسيا استثمار 15 مليار دولار في السندات المالية الأوكرانية إلى جانب تخفيض سعر الغاز الروسي لأوكرانيا كإجراء مؤقت من 400 دولار إلى 268,5 دولار مقابل ألف متر مكعب”.

وفي ما يخص العلاقات الروسية الأمريكية سجلت سنة 2013 توترات متباينة من خلال منح اللجوء السياسي المؤقت لادوارد سنودن الموظف السابق في الاستخبارات الأمريكية الذي أثار جدلا واسعا في الولايات المتحدة الأميركية بعد تسريبه معلومات استخباراتية بالغة الأهمية. سنودن البالغ من العمر ثلاثين عاما والذي يعيش حاليا في روسيا بعد منحه اللجوء السياسي المؤقت، كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد طالبت موسكو بعدم منحه حق البقاء على أراضيها، الشيء الذي لم تستجب له موسكو إلى جانب قضايا أخرى تهم حقوق الإنسان والدرع الصاروخية.

وتميزت سنة 2013 كذلك بالنجاحات التي حققتها روسيا على مستوى الفضاء حيث بقيت الأولى عالميا في إطلاق الصواريخ الفضائية خلال هذه العام، وذلك بالرغم من خفضها لبرامج إطلاق الصواريخ الفضائية في عامي 2012 و2013، إذ بقيت مع ذلك تحتل المركز الأول عالميا في عدد الصواريخ التي انطلقت إلى الفضاء في سنة 2013″، حيث ما زالت غالبية الصواريخ الروسية تنطلق من قاعدة “بايكونور” الفضائية إلى جانب تنفيذها لالتزاماتها بتأمين استمرار عمل المحطة الفضائية الدولية.

وسجلت الأيام الأخيرة في سنة 2013 بروسيا خطوة هامة تجلت في إطلاق سراح رجل الأعمال الروسي ميخائيل خودوركوفسكي الذي شمله عفو رئاسي، حيث رحبت العديد من الدول بالعفو الذي أصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لفائدة خودوركوفسكى، قطب النفط السابق والمنتقد للحكومة الروسية والذي قضى أكثر من عشر سنوات في السجن.