المغرب يكرس عبر سياسته التضامنية تجاه الدول الإفريقية قناعته العميقة بضرورة التعاون جنوب- جنوب
الرباط- بالرغم من أن المغرب لا يحظى بمقعد في الاتحاد الإفريقي، فإنه يواصل، على أرض الواقع وبكل إصرار، تكريس قناعته بضرورة التعاون جنوب- جنوب عبر السياسة التضامنية التي ينهجها مع الدول الإفريقية، وفيا ، في ذلك ، لإرث ممتد عبر التاريخ كانت فيه للمملكة علاقات وثيقة، اقتصادية و تجارية، وروابط روحية وثقافية وإنسانية، مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.
وبالرغم من المنعرجات التاريخية المتعددة التي مرت منها القارة الإفريقية، والإكراهات السياسية الظرفية التي تحكمت، في فترة من الفترات، في توجهات بعض بلدانها، فإن المغرب ظل ثابتا على الموقف، مخلصا للجذور التاريخية التي تربطه بالدول الإفريقية، وفيا لامتداداته التقليدية مع هذه البلدان، تلك الامتدادات التي تميزه عن باقي البلدان المغاربية.
وإذا كان المغرب قد سعى على مر الأزمنة لتعزيز العلاقات التاريخية بينه وبين مجاله الإفريقي، الذي انخرط فيه بطريقة مميزة طيلة حقبة محاربة الاستعمار، فإنه يواصل اليوم هذا التوجه من خلال الدفع بالجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار والتنمية في القارة السمراء.
و لذلك جعل المغرب، البلد المؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية ( الاتحاد الإفريقي حاليا) من التعاون مع البلدان الإفريقية هدفا يحظى بالأولوية مكن بالفعل، من إقامة شراكة استراتيجية حقيقية من أجل التنمية مع هذه البلدان.
و قد أكد جلالة الملك ذلك، في خطابه اليوم خلال حفل تنصيب الرئيس المالي الجديد السيد إبراهيم باباكار كيتا، حيث قال جلالته ” إن المغرب، العضو المؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية، لا يحظى بمقعد في الاتحاد الإفريقي، غير أنه ما فتئ (…)، و أكثر من أي وقت مضى، يقوم بكل حرية، بإطلاق العديد من المبادرات الملموسة، وإنجاز مجموعة من المشاريع الناجحة بمزيد من النجاعة”.
ولاشك أن الاتحاد الإفريقي يعاني اليوم من غياب المغرب، البلد الذي يتمتع بحضور قوي في القارة الإفريقية، إن على المستوى الاقتصادي والتنموي، أو على مستوى تحقيق الأمن والاستقرار، وهو الرأي الذي أكده وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي و الفرنكفونية الغابوني، السيد إيمانويل إيسوزينغوندي، في تصريح سابق لوكالة المغرب العربي للأنباء، بالقول” يجب أن نعترف اليوم بأن الاتحاد الإفريقي يعاني من غياب المغرب سواء على مستوى الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلم والاستقرار، أو في ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية بالقارة الإفريقية “.
وبنظر المسؤول الغابوني فإن “المملكة المغربية تعتبر من بين البلدان المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية، وأنه على مدى سنوات طويلة، قدمت الدعم لهذه المنظمة، خاصة في مجال تعزيز الأمن والاستقرار”، مضيفا أن خروج المغرب من صفوف منظمة الوحدة الإفريقية “خسارة كبرى” لهذه المنظمة.
وبالرغم من ذلك، فإن المغرب الذي جعل من توجهه الإفريقي عنصرا ثابتا على الصعيد الدبلوماسي، انخرط في الجهد التنموي بالبلدان الإفريقية جنوب الصحراء، بالاستثمار أكثر في القطاع الخاص لتعزيز المبادلات مع البلدان الإفريقية، وقد ارتفعت هذه المبادلات بثلاثة أضعاف بين عامي 2000 و2010.
وتعد المملكة حاليا ثاني أكبر مستثمر في القارة السمراء بعد جنوب إفريقيا، كما تحظى الخبرة المغربية في إفريقيا بمكانة رفيعة، وخاصة في القطاعات البنكية والتجهيزات الأساسية والفلاحة الغذائية والمعادن.
غير أن جهود المغرب إزاء البلدان الإفريقية تجاوزت المساهمة في التنمية الاقتصادية لهذه البلدان، إلى الانخراط في الجهود الرامية إلى تحقيق السلام و الأمن، عبر تقديم الدعم الدائم لمبادرات الأمم المتحدة الرامية إلى استتباب الاستقرار في إفريقيا.
فمنذ سنة 1960 وضع المغرب تجريدات عسكرية رهن إشارة عمليات حفظ السلام الأممية في الكونغو، وشابا، والصومال و أنغولا، و جمهورية الكونغو الديموقراطية، وكوت ديفوار، وما زال المغرب يؤكد استعداده التام للمساهمة في جهود المصالحة عبر الوساطات من أجل استتباب الاستقرار المبني على أسس الحوار والثقة.
و تبرهن الزيارة التي يقوم بها جلالة الملك، حاليا، إلى جمهورية مالي التزام المغرب الدائم إزاء قضايا قارته، وتجسيدا لسياسته التضامنية، ففي دجنبر 2012 بذلت المملكة، بصفتها رئيسا لمجلس الأمن، جهودا جبارة من أجل تبني القرار 2085 الذي سمح بإرسال قوة إفريقية إلى مالي. كما أعلن المغرب، خلال مؤتمر المانحين حول مالي في يناير الماضي بأديسا بابا، عن تقديم مساعدة مالية بقيمة 5 ملايين دولار مساهمة منه في جهود تمويل البعثة الأممية لدعم مالي تحت إشراف إفريقي.
وقد سبق لجلالة الملك أن أكد في رسالة وجهها إلى المشاركين في القمة العادية ال42 لرؤساء الدول والحكومات في منظمة المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية التي انعقدت في ياموسكرو بالكوت ديفوار، خلال شهر فبراير 2013، أن المملكة المغربية ستواصل تحمل المسؤوليات المنوطة بها على الوجه الأكمل، سواء على الصعيد الثنائي باعتبارها جارا يؤمن بقيم التضامن، أو على المستوى الدولي باعتبارها شريكا يتوخى استتباب السلم والأمن في المنطقة، مشددا جلالته على أن المغرب سيظل حريصا على اعتبار الوضع الأمني في مالي، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالوضع القائم في المنطقة برمتها، يندرج ضمن أولويات دبلوماسيته، سواء داخل المنتظم الأممي أو في أي سياق آخر.
اقرأ أيضا
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
أعلن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، اليوم السبت، أن السلطة التنفيذية تعتزم إعلان المناطق المتضررة بشدة من الفيضانات المدمرة التي ضربت جنوب شرق البلاد “مناطق منكوبة”.
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
أصدر وزير العدل قرارا بإنشاء وتنظيم المصالح اللاممركزة للوزارة، متمثلة في مديريات إقليمية للعدل موزعة على مستوى الدوائر القضائية لكل محكمة استئناف.
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الجمعة بالرباط، أن تعزيز حكامة المالية العمومية يخلق آثار إيجابية على عدة مستويات.
أخبار آخر الساعة
-
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
-
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
-
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
-
السيد بنسودة يدعو إلى تحسين نموذج الحكامة المالية العمومية
-
الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية
-
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
-
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
-
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)