المغرب والنمسا : فرص وافرة ومستقبل واعد لتطوير العلاقات الثنائية

(من المراسل الدائم للوكالة رشيد سامي )

فيينا -لا تعود العلاقات المغربية النمساوية للأمس القريب. بل لأكثر من 230 سنة. فجميع المؤرخين النمساويين يقرون بذلك، ولعل ذلك ما يجعل المغرب واحدا من البلدان العربية والإفريقية القلائل التي لديها روابط ومبادلات عريقة ومتينة مع هذا البلد المزدهر والمحايد وسط أوربا.
وهذه العلاقات التاريخية التي لم تنقطع يوما كانت خلال السنة الماضية محور احتفالات وأنشطة متميزة عرفها كل من المغرب والنمسا، إذ نظمت عدة تظاهرات ثقافية وفنية سعت لإبراز الأوجه السياسية والدبلوماسية للعلاقات بين البلدين في عراقتها وتميزها.

غير أن الاحتفال في العام 2013 بهذه المناسبة لم ينس كون العلاقات الاقتصادية بين البلدين ماتزال ضعيفة، صحيح أن هناك أكثر من 230 سنة من علاقات التعاون والصداقة ولكن هناك أيضا فقط 230 مليون أورو في سجل المبادلات التجارية بين البلدين، وهو رقم يبقى دون تطلعات وطاقات البلدين وتميز علاقات التعاون التي تجمع بينهما.

لكن رغم ضعف المبادلات التجارية ، إلا أنها سجلت في السنين الأخيرة نموا متواصلا حسب الأرقام التي تم الكشف عنها خلال منتدى نظم مؤخرا من قبل سفارة المغرب بالنمسا حول “فرص الأعمال والاستثمار في المغرب”.
وهكذا يستفاد أن الصادرات المغربية نحو النمسا ارتفعت ب81 في المائة في قطاع العربات والآلات والمواد الكهربائية وارتفعت أيضا ب13 في المائة في القطاع الزراعي.

وبدورها ارتفعت الصادرات النمساوية للمغرب ب45 في المائة، وتتمثل أساسا في الآلات والتجهيزات الصناعية والمواد الكيماوية.

ويقول سفير المغرب بالنمسا وسلوفينيا وسلوفاكيا السيد علي المحمدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن كل المؤشرات والمؤهلات في البلدين تعد بتطور سلسل في العلاقات الاقتصادية خلال السنوات المقبلة.
ويضيف أن مناخ الأعمال الملائم في النمسا مثلما هو الشأن في المغرب، إضافة للاتفاقيات الموقعة بين البلدين تشجع بشكل كبير هذا المنحى المستقبلي الواعد.

ففي فبراير 2002 ، وقع المغرب والنمسا في الرباط على اتفاقية تهدف إلى تفادي الازدواج الضريبي واتفاقية أخرى تنظم النقل الجوي بين البلدين.

وتنطبق الاتفاقية الاولى والتي تهم الضرائب على الدخل وعلى رأس المال ولمنع التهرب الضريبي من بين أشياء أخرى على مداخيل الممتلكات والمهن ورؤوس الاموال ذات المصدر من بلد متعاقد لفائدة قاطني البلد الآخر. بمعنى آخر أن الممتلكات والأرباح لن تخضع للضريبة إلا في البلد حيث توجد تلك الممتلكات أو الأرباح.

أما في ما يتعلق باتفاقية النقل الجوي، فإنها تحدد الحقوق التي تمنح لكل من الطرفين على الخصوص حق استغلال الخدمات الجوية من قبل شركة جوية تحددها حكومتا البلدين في إطار من المساواة في المعاملة بالنسبة لاستخدام المطارات ومنشئات النقل المدني في البلدين.

كما تحدد الاتفاقية الشروط التي يمكن بموجبها أن ترفض سلطات الطيران في بلد من البلدين منح ترخيص بالاستغلال على الخصوص في حال غياب المراقبة الفعلية للبلد على الناقلة أو في حال عدم امتثال الأخيرة للاجراءات المنصوص عليها في الاتفاقية.

وقد تم مؤخرا في 8 أكتوبر الجاري إطلاق خط جوي مباشر بين فيينا ومراكش بواسطة شركة الطيران النمساوية “نيكي إير”. وستمكن هذه الرحلة الأسبوعية التي تنظم كل يوم أربعاء السياح النمساويين وأيضا أفراد الجالية المغربية المقيمة بهذا البلد، من التوجه مباشرة إلى المغرب في أقل من أربع ساعات بدل العبور عبر مطارات أخرى مع ما يعنيه ذلك من متاعب.

وقد أكد كريستيان ليسجاك المدير العام للشركة النمساوية بهذه المناسبة أن المغرب يقدم فرصا كبيرة بالنسبة للسياح من ثقافة وتاريخ ورياضة وترفيه وجمال طبيعي، مضيفا أن الفنادق الممتازة التي يتوفر عليها المغرب تضفي رونقا جذابا بالنسبة للمسافرين.

بمعنى آخر، فإن الشروط متوفرة حاليا لمبادلات أكثر تنوعا وغنى على مختلف الأصعدة بين المغرب والنمسا بما يتيح إضافة قيمة أخرى للعلاقات السياسية والدبلوماسية العريقة بين البلدين. فهناك طموحات كبرى يعبر عنها رجال الأعمال والفاعلون الاقتصاديون، كما أن هناك حسن نوايا من الطرفين للمضي قدما في تطوير العلاقات.

ولعل ما يتعين حاليا القيام به هو تكثيف الزيارات الاستكشافية ومنتديات التفكير والنقاش من أجل فتح آفاق جديدة وخلق فرص للاستثمارات. فالمستقبل واعد والفرصة وافرة ويتعين على البلدين المضي قدما في طريق تطوير علاقاتهما.