المرأة الفنانة المغربية .. رؤية خاصة للمجتمع تنسف الصور النمطية السائدة حول النساء

( بقلم : هاجر الفقير )

الرباط- تقدم رؤية الفنانات النساء حول المجتمع بلا شك إضاءة جديدة وغير منتظرة أحيانا تعيد النظر حول عدد من الأفكار المسبقة والصور النمطية السائدة حول وضعية النساء في المجتمع المعاصر. والفنانة المغربية لا تشكل استثناء في ذلك، إذ تساهم من مختلف مواقعها كليا في الارتقاء بمحيطها.

وتتشكل صورة المجتمع المغربي وتتطور، حسب توجهات وأساليب هؤلاء “النساء الفنانات”، من خلال لحظات وتجارب في الحياة يطرحنها عبر إنتاجهن الأدبي والفني والسينمائي بالخصوص.

وكمناضلات ملتزمات، تتساءل هؤلاء النسوة ويوجهن بدون كلل قدرهن من خلال اتخاذ مواقف في خدمة القضايا المشتركة. ويضاعفن أصواتهن ويتحولن ويعدن ابتكار أنفسهن باستمرار يحركهن في ذلك تعطش لا ينضب للالتزام والحرية.

ويتناولن لهذا الغرض عدة مواضيع، ابتداء من التحرر في كتاب “امرأة ببساطة” لبهاء الطرابلسي والمقاومة في “الراية البيضاء” لليلى التريكي، وضحايا الرقيق الأبيض في “العيون الجافة” لنرجس النجار، ومرورا بمحاربة الأمية من خلال بطلة شريط “الركراكية” الذي يرصد القدر المدهش لفنانة عصامية غنية بالمواهب.

واقتحمت هؤلاء الفنانات مجالات طالما كانت حكرا على الرجل، وكثفن كفاحهن من أجل مناصفة مشروعة ترسي فعليا نموذجا جديدا للمجتمع الحديث.

ولا يقتصر هذا الالتزام الراسخ على القضية النسائية، بل إن هؤلاء النسوة ينتفضن أمام الظلم بجميع أشكاله الذي يمس المرأة، فيوم واحد في السنة، 8 مارس، ليس كافيا لتسوية جميع القضايا النسائية.

وتؤكد ذلك المخرجة المغربية نرجس النجار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء قالت فيه “المرأة أرض أم وحصرها في تاريخ سنوي يعني حشرها في إطار خيالي مميت”.

إنها نموذج للمرأة الفنانة التي فرضت مكانتها المتميزة في عالم الفن السابع، إذ أن نرجس النجار من بين المتحفظات إزاء هذا النوع من الاحتفال لأنه يكرس في اللاوعي الجماعي تهميشا قائما بالفعل.

وتقول منتفضة “المرأة لا تحتاج تماما أن نوجد لها مزايا كي تكون موجودة”.

وبنفس النبرة، تصرح ليلى التريكي أنها “لا تستسيغ هذا التاريخ” بمعنى أنه ينبغي الاحتفال بالنساء يوميا، مضيفة أنه “من خلال الرغبة المفرطة في الدفاع عن حقوق المرأة، غالبا ما نسقط في صور نمطية رتيبة”.

وقالت “أدافع عن المرأة وعن الرؤية النسائية والتحرر النسائي في المجتمع سواء في المجال الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإبداعي وغيره، إلا أن بعض الخطابات النسائية قد تطور صورا مسيئة أكثر منها إيجابية إزاء المرأة المغربية”.

وتسعى المخرجة والمنتجة المغربية، المعروفة بأفلامها ومسلسلاتها، خاصة “عشر نساء في التاريخ”، من خلال إنتاجها إلى التعريف بنساء طواهن النسيان إلا أنهن بصمن تاريخ المغرب.

أما الكاتبة والصحفية بهاء الطرابلسي، أول امرأة قدمت للأدب المعاصر رؤية جديدة حول المجتمع خاصة عبر “امرأة ببساطة”، فتؤكد أن المرأة تتوفر على نفس القدر من الكفاءات والمهارات كما الرجال.

وتشير بالمقابل إلى أنه “لا تزال هناك قضايا في حاجة للدفاع عنها للنساء اللواتي يتعرضن للعنف والميز الجنسي والتمييز”.

وتعتبر بهاء الطرابلسي أن الأدب “المذكر” يرسم لوحة “تبئيسية” للمرأة، مبرزة أنها تحاول عبر رواياتها معالجة هذه الصورة المغلوطة والضيقة.

وكشاعرة متمكنة وناقدة فنية ومفتشة للغة الفرنسية وعضو في الاتحاد الوطني للنوادي السينمائية، تؤكد أمينة الصيباري بدورها أن كفاءات المرأة المغربية لا تحتاج لإثبات في مختلف القطاعات.

ففي قطاع السينما، الذي كان برأيها حكرا على الرجال، تشير أمينة الصيباري إلى أن النساء اكتسبتن مكانتهن على الصعيدين الوطني والدولي، مما أدى لعودة الثقة في العمل الذي ينجزنه.

وفي نفس الاتجاه، تبرز الفنانة فاطمة الخير كفاءات المرأة المغربية، داعية لفتح المزيد من الأبواب أمامها من أجل حضور متوازن.

وأضافت أن “صورة هذا الحضور اللامتوازن على المستويين المسرحي والسينمائي، يوحي بوجود مكان تشغله النساء بشكل ونشاط أقل ويجعلها بالتالي أقل قابلية للرؤية”.

وتجمع هؤلاء الفنانات أنه ينبغي قطع مسار أطول، مع مواصلة النضال من أجل القضية النسائية، متطلعات بصدق لغد أفضل للمرأة المغربية التي تخلد يومها في ثامن مارس.