المؤتمر الوطني الجمهوري بكليفلاند: دونالد ترامب يستعد للدفاع عن ترشيحه وتأكيد قدرته على قيادة القوة الأولى عالميا

       من مبعوث الوكالة إلى أوهايو .. فؤاد عارف             

     كليفلاند (ولاية أوهايو) – في الوقت الذي يستعد فيه الحزب الجمهوري لتنظيم مؤتمره الوطني يوم غد الاثنين من أجل الإعلان رسميا عن تعيين قطب العقار دونالد ترامب، حاملا للواء الحزب في الانتخابات الرئاسية لثامن نونبر المقبل، يعتزم هذا الأخير طي صفحة الانقسامات التي تولدت عن الانتخابات التمهيدية، وإقناع الأمريكيين بأنه يتمتع بالشخصية القادرة على قيادة القوة الأولى عالميا.

   وتبدو المهمة أكثر صعوبة، بالنظر إلى أن حزب أبراهام لنكولن يدخل هذا المؤتمر وسط انقسامات إيديولوجية عميقة، في ظل تصريحات ترامب المثيرة للجدل، والتي  أثارت حفيظة الأقليات الناطقة بالإسبانية، والأمريكيين من أصول إفريقية والمسلمين، والذين تظل أصواتهم هامة سواء بالنسبة للمرشح الديمقراطي أو الجمهوري، لبلوغ عتبة 270 صوتا للهيئة الناخبة.

   ويرى العديد من المراقبين أن دونالد ترامب أضحى يهدد واقع ومستقبل الحزب الجمهوري بعيدا عن المسلسل الرئاسي الحالي، وذلك بالنظر إلى أنه تمكن من تشكيل ائتلاف من الناخبين البيض دافعهم الأساسي الموضوعات القومية والهوياتية والسيادية. فظاهرة ترامب أدت إلى نسف الجهود المبذولة من قبل الحزب الجمهوري لجذب الأقليات، التي كانت قد رجحت بشكل كبير كفة باراك أوباما خلال سنتي 2008 و2012.

   ويجد الحزب الجمهوري نفسه، أمام استياء نخبته، في مواجهة خيار صعب سيحدد مستقبل الحزب خلال السنوات القادمة، ويتمثل سواء في تأييد كامل للنموذج المقترح من قبل ترامب، ليصبح حزبا سياسيا يقوم على هوية البيض، أو البحث عن ائتلاف انتخابي متنوع قدر الإمكان، وهو ما سيتطلب التنصل من الأفكار التي يدافع عنها دونالد ترامب والكثير من الناخبين الذين صوتوا لفائدة ترشيحه. أمر مستحيل التحقيق.

   فقد تمكن ترامب من خلال تصريحاته المعادية للإسلام، وهجرة المكسيكيين، والمنافسة الاقتصادية لاسيما مع البلدان الآسيوية، من الحصول على دعم كبير من قبل غالبية الناخبين البيض، الذين ثاروا ضد الوضع الراهن. وتروم خطته الاستراتيجية الانتخابية خطب ود طبقة العمال البيض، والبيض المستقرين في المناطق القروية خصوصا جنوب ووسط غرب البلاد. وهي استراتيجية محفوفة بمخاطر كبيرة ستنفر الأقليات والنساء، العاملان القويان اللذان كانا حاسمين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بالولايات المتحدة.

   وباختيار حاكم ولاية إنديانا، مايك بينس، نائبا له، يكون دونالد ترامب قد ذهب بعيدا في استراتيجيته الرامية إلى الاستفادة من تأييد الناخبين البيض بالولايات الواقعة وسط غرب البلاد .

   كما أن اختيار مايك بينس يؤكد هذا التوجه لدى المحافظين البيض المتواجدين بالولايات الصناعية (روست بيلت)، التي تحتضن الصناعات الثقيلة.

   فخلال مؤتمر الحزب الجمهوري الحالية، سيكون دونالد ترامب مطالبا بإقناع الائتلاف الذي أوصله إلى ترشيح الحزب الجمهوري بقدرته على تحقيق النصر خلال الانتخابات الرئاسية لثامن نونبر المقبل. ورغم ذلك، فإن  مساهمة الناخبين المستقلين وجزء من الأقليات تظل أساسية لتحقيق هذا الهدف، كما هو الحال بالنسبة لأصوات الناخبين المناصرين لبيرني ساندرز، والذين لا تعتزم فئة منهم التصويت لصالح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.

   وتتوقع مختلف استطلاعات الرأي سباقا محتدما نحو البيت الابيض. لكن إذا خسر دونالد ترامب رهانه، فإن ائتلافه الانتخابي سيظل قويا نوعا ما داخل الحزب الجمهوري. وهذا الأمر سيؤدي إلى إحباط الجهود الرامية إلى توسيع قاعدة الحزب الجمهوري، بصرف النطر عن الناخبين المتقدمين في العمر الغاضبين من الوضع الراهن.

   ومن جانبه، توقع رئيس مجلس النواب، بول ريان، أنه سينخرط، بعد الانتخابات الرئاسية، في معركة من أجل “روح الحزب”، مشددا على الحاجة الملحة إلى رفض خطاب التفرقة العنصرية.

   وهكذا، سيكون دونالد ترامب، على مدى أربعة أيام التي سينعقد خلالها المؤتمر الوطني الجمهوري، مدعوا إلى إقناع أمريكا بقدرته على الاضطلاع بمهمة الرئيس ومعالجة الموضوعات والقضايا التي سمحت له بأن يصبح المرشح الجمهوري، الذي لم يكن أحد يتوقع وصوله إلى هذه المرحلة من السباق الرئاسي.