القطار فائق السرعة “البراق”.. مشروع ملكي وازن يمضي بالمغرب قدما على سكة الحداثة والتطور والتقدم التكنولوجي
الرباط – بعد انقضاء زهاء 8 سنوات من الأشغال الجبارة والعمل الحثيث على مختلف الواجهات، وبفضل رؤية ملكية متبصرة ما فتئت تستشرف آفاقا أكثر رحابة ينعم فيها المواطن المغربي بمختلف مظاهر الرخاء والازدهار، أضحى القطار المغربي فائق السرعة “البراق”، الذي سيربط مدينتي طنجة والدار البيضاء، جاهزا ليمضي بالمغرب قدما على سكة الحداثة والتطور والتقدم التكنولوجي.
هو إذن مشروع ملكي آخر ينضاف إلى عقد المشاريع الملكية الوازنة التي رأت النور خلال العشريتين الأخيرتين، والتي تستلهم فلسفتها ومطمحها وغايات إنجازها من إدراك مستنير ونظرة مولوية ثاقبة تكرس توجه المملكة الثابت نحو تبوأ الصدارة الإقليمية والقارية من حيث المنشآت والأرضيات اللوجستيكية والبنيات التحتية الأساسية، لا سيما الطرقية والسككية منها، اعتبارا لكونها آليات حيوية لا محيد عنها في تحقيق الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي المنشود.
فمنذ ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لمراسم توقيع الاتفاقيات الست المتعلقة بمشروع القطار فائق السرعة الرابط بين مدينة البوغاز والحاضرة الاقتصادية للمملكة، في دجنبر 2010، انطلق المكتب الوطني للسكك الحديدية بمعية مختلف شركائه في مسيرة التنفيذ التي ابتدأت بتصفية الوعاء العقاري والشروع في إنجاز الخط المزدوج المكهرب وتهييئ قواعد الأشغال مرورا عبر بناء ورشة الصيانة بطنجة واقتناء 12 قطارا فائق السرعة، وصولا إلى تشييد المحطات السككية الكبرى بكل من طنجة والقنيطرة والرباط والدار البيضاء.
واليوم، يشهد الجميع على أن الجهود، التي انطلقت فعليا بتاريخ 29 شتنبر 2011، حينما أعطى جلالة الملك الانطلاقة الرسمية لأشغال خط القطار فائق السرعة بمعية الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، تتكلل بنجاح مشهود مع أول رحلة يقطعها “البراق”، وذلك بعد انقضاء فترة التجارب التقنية والتشغيل التجريبي ومرور مختلف مراحل المصادقة، بما يأذن بانتهاء مرحلة ما قبل الاستغلال وفتح الباب أمام الشروع في الاستغلال التجاري للمشروع ككل.
والأكيد أن التتبع الملكي الموصول لمختلف مراحل تنفيذ هذا الورش البنيوي الضخم، وحرص جلالة الملك الدقيق على أن يشكل القطار المغربي فائق السرعة واجهة مشرقة لمغرب الحداثة والتطور التكنولوجي، ينبع من الأهمية القصوى التي يكتسيها هذا المشروع من حيث أهميته الاقتصادية وحمولته الاجتماعية القوية وبعده الإيكولوجي النوعي، لا سيما أنه سيتيح تفادي انبعاث 20 ألف طن من الغازات الدفيئة في السنة.
ولقد شكل الـ 19 من شتنبر 2015 تاريخا حاسما في مسار إنجاز هذا المشروع السككي المتفرد، وذلك بإشراف جلالة الملك رفقة رئيس الجمهورية الفرنسية السابق فرانسوا هولاند على تدشين ورشة صيانة القطارات فائقة السرعة بطنجة، والتي تشكل لبنة أساسية في مشروع إنجاز هذا الخط الأول، الذي سيمكن المغرب من أن يصبح أول بلد إفريقي وعربي يمتلك منظومة للنقل السككي من مستوى تكنولوجي عال، بما يفسح الطريق أمام إنجازات مستقبلية ذات وقع كبير.
ويجدر، في هذا السياق، استحضار قوة ومتانة الشراكة القائمة بين المغرب وفرنسا على جميع الأصعدة، والتي كان من ثمارها الكثيرة خط القطار المغربي فائق السرعة الذي أنجز بتعاون وتنسيق وثيق مع الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديدية وشركة “ألستوم” المصنعة للقطارات فائقة السرعة، بما يشهد مرة أخرى على نموذجية ومثالية العلاقات التي تربط البلدين.
إلا أن طموح المملكة لا يقف عند هذا الحد، ذلك أن هذا المشروع الضخم يندرج في إطار المخطط التوجيهي للخطوط فائقة السرعة الذي يروم إنجاز شبكة بطول يناهز 1500 كلم، والتي تتألف من المحور “الأطلسي” طنجة- الدار البيضاء- أكادير، والمحور “المغاربي” الرباط- فاس- وجدة، بما يؤشر على رؤية مستنيرة بعيدة المدى تروم جعل المغرب نقطة ربط إقليمي وقاري تتبدد فيها المسافات ويتصل فيها الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.
واليوم، سيكون بوسع المسافر قطع المسافة الرابطة بين طنجة والقنيطرة لتصبح 50 دقيقة عوض 3 ساعات و15 دقيقة، وبين طنجة والرباط في ساعة و20 دقيقة عوض 3 ساعات و45 دقيقة، وبين طنجة والدار البيضاء في ساعتين و10 دقائق عوض 4 ساعات و45 دقيقة، ما يجعل المملكة تنخرط بتألق في عصر السرعة ويمكنها من مسايرة ركب التطور التكنولوجي الذي أضحى أمرا لا محيد عنه.
والواضح أن جدوى اعتماد النقل متعدد الأنماط وإكراه حماية المنظومة البيئة وترشيد استعمال الموارد الطاقية، جعل من تكنولوجيا السرعة الفائقة الحل الأنجع والخيار الذي يندرج بشكل طبيعي في مسلسل تطوير شبكة السكك الحديدية الوطنية، والتي تفرض نفسها كوسيلة نقل الأشخاص الأكثر فعالية بالنسبة للمسافات المتوسطة والطويلة.
والأكيد أن القطار المغربي فائق السرعة “البراق”، أيقونة التطور التكنولوجي ورمز مغرب التقدم والحداثة، المنجز بسواعد المغاربة، يشكل تجسيدا بليغا لعزم ملكي راسخ على جعل المغرب يبلغ أسمى مدارج الرقي في شتى المجالات، وذلك في إطار مسيرة تنموية تسير بالسرعة القصوى نحو المستقبل، لكن بكل ثبات ووضوح في الرؤية.
اقرأ أيضا
معهد واشنطن في الصويرة: السيد أزولاي يسلط الضوء على الاستثناء المغربي بين الأمم
أبرز مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور، أندري أزولاي، الأربعاء بالصويرة، خصوصية وتماسك الاستراتيجية التي ينفذها المغرب في البحر الأبيض المتوسط وضمن المجتمع الدولي، وذلك خلال جلسة عمل مع فريق إدارة معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط الذي يزور المملكة.
“مراكش إير شو 2024”: توقيع مذكرات تفاهم لتعزيز الاندماج المحلي لقطاع الطيران
جرى اليوم الخميس بمراكش، التوقيع على أربع مذكرات تفاهم بين المملكة المغربية وشركات الطيران تتعلق بمشاريع استثمارية صناعية تهدف إلى تطوير مصادر التوريد لشركة “بوينغ” لصناعة الطائرات من الفاعلين في مجال الطيران المغربي، وذلك على هامش الدورة السابعة للمعرض الدولي للطيران والفضاء “مراكش إير شو 2024”.
مجلس الحكومة يطلع على عدد من الاتفاقيات الدولية ومشاريع القوانين المتعلقة بها
اطلع مجلس الحكومة، اليوم الخميس، على عدد من الاتفاقيات الدولية، ومشاريع القوانين المتعلقة بها، قدمها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
أخبار آخر الساعة
-
معهد واشنطن في الصويرة: السيد أزولاي يسلط الضوء على الاستثناء المغربي بين الأمم
-
“مراكش إير شو 2024”: توقيع مذكرات تفاهم لتعزيز الاندماج المحلي لقطاع الطيران
-
مجلس الحكومة يطلع على عدد من الاتفاقيات الدولية ومشاريع القوانين المتعلقة بها
-
المملكة المتحدة.. إعادة تشكيل المجموعة البرلمانية متعددة الأحزاب المخصصة للمغرب ببرلمان وستمنستر
-
الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية يستقبل رئيس أركان القوات المسلحة لدولة الرأس الأخضر
-
الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية يستقبل رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية
-
المهندس المعماري السنغافوري سون يو-لي يستعرض بالجامعة الخاصة لفاس أسرار “لغته الكونية”
-
المغرب قطب استراتيجي للمقاولات الهنغارية الساعية للانفتاح على إفريقيا (السيدة بيهاري)