الفنان سعيد نجيمة..الريشة التي لحنت بالألوان جمالية الطبيعة الصحراوية بتافيلالت

الفنان سعيد نجيمة..الريشة التي لحنت بالألوان جمالية الطبيعة الصحراوية بتافيلالت

الثلاثاء, 28 أكتوبر, 2014 - 10:30

( بقلم علي الحسني)

الرشيدية – بروح طفولية وبعشق سرمدي للطبيعة الصحراوية بتافيلالت بواحاتها وقصباتها وقصورها استطاع الفنان التشكيلي سعيد نجيمة بريشته أن يجعل من لوحاته التعبيرية سنفونية تتغنى بجمالية مكان له خصوصيته الاجتماعية والثقافية والنفسية عند الانسان الصحراوي.هي أعمال تعكس، كما يقول نجيمة في بوح لوكالة المغرب العربي للانباء، “تعلقي بأرض تافيلالت التي شهدت طفولتي وانبهاري العاشق لطبيعتها حيث الرمال والماء تتغنى بأروع الأغاني والأشعار والحكايات “، حيث كان في أعماله ميل إلى اللاوعي والروح الطفولية والتعلق بتافيلالت مسقط رأسه.
أرسم للحياة للبحث عن الذات، كما يقول الفنان نجيمة، فقد ألهمتني طبيعة الجنوب الشرقي بواحاتها وجبالها وصحرائها بل وحتى إنسانها فكانت القصبة ومالها من حمولات تراثية تيمة اساسية في أعمالي، حيث كنت مخلصا لمعالمها وأبراجها وألوانها.
الرسم لغة وأسلوب حياة، يقول نجيمة ، فلكل حركة أثر، “والشكل ذاكرة حية تعطي لحياتي معنى ووجودا عندما تحاصرني الذكريات ، حيث اسعى من خلال لوحاتي إلى الاحتفاء بالنوستالجيا، وإبراز مكامن الروح الداخلية بالقبض على تمظهرات الواقع عبر سفر دائم في الزمان والمكان”.
ولئن كانت مجموعة من الروائيين وظفوا جمالية الصحراء في نصوصهم الأدبية والروائية كغسان كنفاني وعبد الرحمن منيف وصبري موسى، فإن الفنان سعيد نجيمة ترجم في أعماله التشكيلية تلك الجمالية التي وظفت اللون كأداة تعبيرية رئيسية لها موثرات حسية في بيئة المكان الجمالية عكست حلمه الانساني والتشكيلي.
لهذا استطاع الفنان نجيمة عبر عوالم ما وراء اللون والمشهد والظل والنور والالوان الراقصة بفرح حب الاطفال توظيف مكونات الصحراء بشكل تقليدي برؤية فنية نابعة من الانتماء الانساني والوجداني لهذه الارض وعشقه التعبيري لها عبر أحاسيس ومشاعر كان لها تأثيرها المعرفي الجمالي الذي صنع اسلوبه التشكيلي.
إن الألوان عند سعيد نجيمة مفعمة بالحياة، حيث يحرص على أن يرحل بعشاق لوحاته إلى عمق الحياة البدوية في دلالاتها الإنسانية، فمضامينها فيض أحاسيس ورسم صادق باللون والحركة مما يعطي الانطباع بوجود حياة في العمق الإنساني والوجودي.
وتسير الألوان التي اشتغل عليها فهي عاشقة ودائمة البحث عن قيم الحرية والحب و السلام والانطلاق من صفاء السماء وجاذبية الشروق والغروب ومن الرمال الناصعة والوديان الزرقاء التي تجسد الحياة والمعيش اليومي لانسان الصحراء بمنطقة تافيلات.
الفنان الحقيقي ، كما يؤكد نجيمة، هو من يتقرب من الإنسانية قدر المستطاع، إنها انفعالاته وأحاسيسه التي تشده إلى ملاحظة جمالية الأشياء بل وخلق جمالية من البسيط والعادي والمألوف، إنه الوحدة الفنية التي يختارها الفنان من محيطه لكي يزين بها إنتاجه الفني ويكسبه طابعا خاصا يتفاعل مع معطيات الأبعاد التاريخية والقيم الثقافية السائدة والمتوارثة في المجتمع.
يقول الفنان التشكيلي، “عندما كنت منكبا على نشر ثقافة تشكيلية، كبرت الأحلام، وبدأت أفكر في الإسهام في إنعاش الجانب السياحي للمنطقة، وجعلت من نفسي سفيرا لثقافة وسياحة المنطقة، فانخرطت في مجموعة من الأوراش الدولية لتقريب الثقافة المحلية للزوار الأجانب المتطوعين من خلال اللوحة والزيارات الميدانية للمعالم الأثرية لمنطقة تافيلالت، وحلمت برد الاعتبار لمجموعة من المواضيع والمفاهيم، كالمرأة (المرأة بإملشيل على سبيل المثال)، الفن المعماري التقليدي (قصور تافيلالت)، والموسيقى (گناوة والبلدي)”.
كما انخرط نجيمة في العمل التطوعي بغرض تثمين الممارسات الفنية للناشئة بمختلف المؤسسات التربوية والتظاهرات الثقافية بالاقليم عبر الورشات والعروض التي يقوم بتأطريها وكذا الحث على التفكير والبحث في مختلف الأشكال الفنية والثقافية المحلية باعتبارها وسيلة تثقيفية وتواصلية في خدمة تنمية اجتماعية وفنية.
وقد ظل هذا الفنان متعدد الجوانب يدافع بحماسة على الذاكرة والتقاليد، وكان وراء الدعوة الى ترميم العديد من الابواب والقصور التاريخية التي اعتبرها كنزا تراثيا بمنطقة تافيلالت يتعين الحفاظ عليه وتثمينه باعتباره يشكل ذاكرة جماعية. ولهذه الغاية قام بانشاء دار (فن البقيع) التي جعلت منها جمعية ” قافلة الفن بلا حدود” فضاء ثقافيا وفنيا ومتحفا تشكيليا وتراثيا يضم تحفا وأدوات قديمة تؤرخ للمنطقة وتنطق بخصوصياتها.
وعن التجربة الفنية لسعيد نجيمة، يقول رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية سعيد كريمي، أن “هذا الفنان التشكيلي يرسم بإحساس عميق بالأشياء، أعماله تحتفي بالمعمار، نلمس ذلك بوضوح في الجانب الروحي في هذه التجربة المتفردة، إذ الضوء ينتشر من الأعلى “.
فسعيد نجيمة يحاول حسب مفهوم الباحث الألماني إرفين بانوفسكي، بناء صورة جديدة للمكان وللتمثل يجسد بها رؤيته لمفهوم المكان بحمولته الحضارية والثقافية والاجتماعية. فعندما يقحم القصور والقصبات وكذا الأبواب القديمة في فضاء لوحاته، فإنه يفعل ذلك ليس من منطلق رؤية هندسية للمعمار، وإنما انطلاقا من أن للمكان أبعاد فكرية مرئية بالدرجة الأولى تحيل على نسق مجتمعي وحضاري.
فالمكان التشكيلي كإطار ثقافي، عند هذا الفنان يأخذ تأويلا سوسيولوجيا، أي أنه يحاول المزاوجة بين المكانين التشكيلي الاجتماعي، فالمكان بهذا المعنى بالنسبة له هو تجربة الفنان ذاته، انه يقوم من خلال تلك الأمكنة المؤثثة للوحاته، أن يستعمل مفهوم الاسترجاع، والغوص في ثنايا الذاكرة التي تختزل تجربة ومسار الفنان.

اقرأ أيضا

مدينة سلا تعيش على إيقاع الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 20:40

تحتضن مدينة سلا حاليا فعاليات الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام الذي تنظمه جمعية أبي رقراق إلى غاية 30 يوليوز الجاري تحت الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم.

إقليم تازة.. حريق بغابة بورد بدائرة أكنول يأتي على حوالي 30 هكتار

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 19:23

أتى حريق اندلع مساء أمس الأربعاء بغابة بورد بمنطقة الشرشارة بجماعة بورد بدائرة أكنول بإقليم تازة على 30 هكتار من الغطاء الغابوي.

السيد أخنوش يشارك في قمة باريس حول “الرياضة والتنمية المستدامة”

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 18:30

شارك رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، اليوم الخميس بباريس، في قمة “الرياضة والتنمية المستدامة”، التي تنعقد على هامش افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث يمثل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا الحدث الرياضي العالمي.