العلوم الإنسانية والاجتماعية أضحت تشغل المشهد الأكاديمي المغربي منذ بداية الألفية الثالثة (أكاديمي)

الرباط – قال الباحث والأكاديمي، محمد الصغير جنجار، اليوم الأربعاء بالرباط، إن موضوع الإحاطة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية أضحى يشغل المشهد الأكاديمي المغربي منذ بداية الألفية الثالثة.

وأكد السيد جنجار، في مداخلة له بمناسبة ورشة نظمت في إطار أشغال المناظرة الوطنية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، أن لقاء اليوم يشكل مناسبة لتسليط الضوء على حصيلة الإنتاجات العلمية المنجزة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمغرب “بعد أن كان كل الاهتمام مركزا على البحث العلمي في العلوم الطبيعية والعلوم الحقة طيلة الأعوام الماضية”.

وأشار، في هذا السياق، إلى أن أكاديمية المملكة المغربية، المنظمة لهذه المناظرة، عملت على التواصل والتنسيق مع مختلف المؤسسات الجامعية والأكاديمية المعنية، وذلك في إطار تقييم مجموع الإنجازات والأعمال العلمية التي تم إنجازها لحد الآن في حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية على الصعيد الوطني.

وبعد أن سجل أن الحديث عن تطور حركة البحث العلمي في المغرب، وتحديدا تلك المتصلة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، لا يستقيم دون تقييم مجموعة من الجوانب والمعايير كالتأطير والتكوين على البحث، وتطوير الإنتاج العلمي، وبناء وهيكلة المجموعات العلمية، والنشر والتوزيع، شدد الباحث الأكاديمي على ضرورة دراسة وتشخيص العلاقة القائمة بين العلوم الإنسانية والاجتماعية والتكوين في المدرسة المغربية بمختلف مراحلها وأسلاكها.

وأبرز أن من بين الإشكاليات التي تطرح نفسها بقوة، في هذا الإطار “ضعف إقبال التلاميذ والطلبة النجباء بشكل عام على متابعة دراستهم العليا والمعمقة في التخصصات التابعة للعلوم الإنسانية والاجتماعية”.

من جهته، أكد فؤاد بن أحمد، أستاذ التعليم العالي بدار الحديث الحسنية بالرباط، أن الانتشار الحديث للعلوم الإنسانية والاجتماعية في الساحة الأكاديمية المغربية هو أحد أكبر الرهانات والتحديات المرتبطة بهذه الحقول العلمية، مبرزا أن هذا التحدي وإن كان كونيا لكنه مطروح أيضا على الصعيد الوطني.

ولفت السيد بن أحمد، المتخصص في الدراسات الفلسفية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن الرقمنة تشكل كذلك واحدا من أهم التحديات التي يواجهها البحث العلمي بصفة عامة، والعلوم الإنسانية والاجتماعية على وجه الخصوص، بما في ذلك رقمنة منصات البحث ووسائل النقل المعرفي وانتشار استعمال الشبكة العنكبونية بوجه عام.

وأبرز أن مناظرة اليوم هي فرصة للباحثين والأكاديميين والمهتمين بالشأن العلمي من أجل تشخيص مختلف المشاكل المطروحة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، مع التأمل في ما يمكن أن يترتب عن هذه المشاكل من رهانات وآفاق.

وفي هذا الصدد، أشار إلى الإشكاليات والتحديات ذات الصلة بنشر وتوزيع الإنتاجات العلمية من بحوث جامعية ومقالات علمية وكتب ومؤلفات أكاديمية على مستوى العلوم الإنسانية والاجتماعية، وكذا التخصصات المتعلقة بها.

وتتطلع المناظرة الوطنية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، التي تمتد أشغالها على مدى يومين، إلى تشخيص ودراسة واقع حال هذه العلوم، وتحليل وظائفها، بحثا وتدريسا وإنتاجا، في سياق ما يعرفه المغرب من تحولات عميقة في بنياته الاقتصادية، وأنسجته الاجتماعية، وأنماط تدبير شؤونه السياسية، ومرجعياته الثقافية والقيمية.

كما تسعى هذه المناظرة إلى الوقوف على ما تشهده المعرفة في حقول العلوم الإنسانية والاجتماعية من تطور في النظريات ومناهج البحث على المستوى العالمي.