العدالة الاجتماعية.. صون لكرامة الإنسان وقاعدة أساسية للتعايش السلمي والاستقرار

العدالة الاجتماعية.. صون لكرامة الإنسان وقاعدة أساسية للتعايش السلمي والاستقرار

الجمعة, 19 فبراير, 2016 - 12:39

إعداد فاطمة تيمجردين

الرباط – تقوم العدالة الاجتماعية على مبادئ المساواة وصون كرامة الإنسان وتكافؤ الفرص مما يجعلها صعبة المنال أمام تفاقم حدة التفاوتات الاجتماعية وانتشار مظاهر الفقر والحرمان والتمييز ، والتي باتت تشكل وصمة عار على جبين البشرية تسائل الحكومات عن مدى التزامها بالتعهدات التي قطعتها على نفسها في هذا المجال.
وفضلا عن بعدها القيمي والاخلاقي، باتت العدالة الاجتماعية اليوم أكثر من أي وقت مضى قاعدة أساسية للتعايش السلمي والاستقرار في ظل الاضطرابات التي تشهدها بعض البلدان في منطقة شمال إفريقيا والشرق الاوسط، والتي انطلقت شرارتها باحتجاجات رفعت خلالها شعارات الحق في العيش الكريم والعمل والتمتع بقدر مقبول من الرفاه والمساواة في الفرص. وتعتبر الأمم المتحدة ، التي أقرت تخليد اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية يوم 20 فبراير من كل سنة، أن السعي إلى ضمان العدالة الاجتماعية للجميع يشكل جوهر رسالتها العالمية والمتمثلة في تحقيق التنمية وصون كرامة الإنسان.
وأكدت أن اعتماد منظمة العمل الدولية للإعلان الخاص بالوصول إلى العولمة المنصفة من خلال العدالة الاجتماعية ليس سوى مثال واحد على التزام المنظومة الأممية بالعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية حيث يركز الإعلان على ضمان حصول الجميع على حصة عادلة من ثمار العولمة مما يتأتى بتوفير فرص العمل والحماية الاجتماعية ومن خلال الحوار الاجتماعي وإعمال المبادئ والحقوق الأساسية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد دعا في رسالة وجهها بمناسبة تخليد اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية العام الماضي، المجتمع الدولي إلى بناء عالم من العدالة الاجتماعية حيث يمكن لجميع الناس العيش والعمل في حرية وكرامة ومساواة.
من جانبه، شدد المدير العام لمنظمة العمل الدولية، غاي رايدر ، بنفس المناسبة ، على أن الفجوة الاقتصادية آخذة في الاتساع، وأن الوضع “يتفاقم بسبب انتشار غياب الحماية الاجتماعية الأساسية. وتعرض الملايين من الناس لظروف غير مقبولة في العمل والحرمان من الحقوق الأساسية “.
ولتحقيق العدالة الاجتماعية، يتعين بحسب العديد من الأكاديميين والباحثين توفر عدد من العناصر من أبرزها المساواة وتكافؤ الفرص والتوزيع العادل للموارد والضمان الاجتماعي وتوفير السلع العامة والعدالة بين الأجيال.
وهذا لن يتأتى ، في رأيهم ، إلا من خلال اعتماد مقاربات التنمية القائمة على تعزيز الحقوق الأساسية مع الأخذ بعين الاعتبار قدرات الدول والحاجة للتدرج في ترسيخ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في العيش الكريم والغذاء والمسكن والصحة والتعليم والعمل.
وفي المغرب، تمثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2005 نموذجا يحتذى في تدبير الاوراش الاجتماعية، والسعي نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وفق فلسفة تقوم على مكافحة الفوارق الاجتماعية والترابية، من خلال تقليص الفقر ومحاربة الهشاشة والاقصاء الاجتماعي في الاحياء الفقيرة والجماعات القروية النائية والمعزولة.
وقد دشنت المبادرة مرحلة جديدة من التماسك الاجتماعي، والتنمية المتوازنة، وأسسÜت لتحول اجتماعي حقيقي، قوامه حفظ كرامة المواطن، وهي لا تقتصر فقط على الفئات الفقيرة والأسر المعوزة، وإنما تنفتح على كل الأوراش التنموية، الهادفة إلى تقليص الفوارق الاجتماعية.
وقد استفاد من هذا الورش التنموي المفتوح بعد عقد من العمل الدؤوب، 10 ملايين شخص الى جانب المنجزات المادية المحققة، والتي تتمثل في العدد المهم من المشاريع التي بلغت 38 ألفا و341 مشروعا و8294 نشاطا لفائدة 9 ملايين و7 آلاف شخص.
ويرتبط تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع ارتباطا عضويا ببلوغ أهداف الألفية من أجل التنمية، وفي هدا المجال تمكن المغرب من تحقيق أول هدف يتعلق بالحد من الفقر المدقع والجوع، ودلك قبل سنتين من الموعد المسطر لهذا الهدف، وهو الانجاز الذي كافأته منظمة الأمم المتحدة للأغدية والزراعة بمنحها المملكة جائزة العام الماضي.
وفي سياق إغناء النقاش حول شروط ومسؤوليات الالتزام بالمواثيق الدولية للعدالة الاجتماعية وبآلياتها الأممية ومرتكزاتها الدستورية، يحتضن مجلس المستشارين بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية يومي 19 و20 فبراير، وذلك تحت شعار “تنمية الكرامة الإنسانية لتمكين العيش المشترك”.
ويروم هذا المنتدى البرلماني الدولي، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تطوير الاجتهاد المعرفي والتشريعي والسياسي حول تنفيذ قواعد العدالة الاجتماعية في السياسات والعلاقات العمومية.
كما يتوخى المنتدى الاستلهام من التجارب والممارسات الفضلى الدولية، ومن المنظومة المعيارية الوطنية في هذا المجال، من أجل استشراف معالم نموذج وطني متوافق عليه حول العدالة الاجتماعية.
ويشارك في هذا المنتدى ،على الخصوص ، منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية، ووكالات التعاون الدولي، والاتحاد البرلماني الدولي والاتحادات البرلمانية الإقليمية، والبرلمانات الشريكة والصديقة والمؤسسات الجامعية والأكاديمية، إلى جانب خبراء وإعلاميين.
ومن المؤكد أن العدالة الاجتماعية تظل هاجسا يؤرق المجتمعات التواقة إلى صون كرامة مواطنيها وتحسين ظروف عيشهم من خلال العمل على الوفاء بالتزاماتها الدولية والاجتماعية والأخلاقية بالرغم من التحديات التي تعترضها لتحقيق ذلك والمرتبطة أساسا بالأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم.

اقرأ أيضا

فاس: تكريم الكاتب والمخرج المسرحي محمد الكغاط

الأحد, 30 يونيو, 2024 في 18:20

كرم ثلة من المثقفين ورجال الأدب من فاس وخارجها، السبت، الكاتب والمخرج المسرحي محمد الكغاط، بمناسبة الذكرى ال23 لوفاته، تكريما لذاكرة مبدع استثنائي بصم الساحة الثقافية المغربية.

مراجعة مدونة الأسرة.. الإحالة الملكية تضع حدا للتأويلات الدينية الفردية (فاعلة جمعوية)

الأحد, 30 يونيو, 2024 في 12:16

أكدت رئيسة جمعية “أيادي حرة”، ليلى أميلي، أن الإحالة الملكية لبعض المسائل الواردة في مقترحات اللجنة المكلفة بالنظر في مدونة الأسرة، على المجلس العلمي الأعلى، “تضع حدا للتأويلات الدينية الفردية التي لا تراعي الواقع وتطورات المجتمع”.

المهندس دعامة أساسية في بلورة الاستراتيجيات الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة (السيد أخنوش)

السبت, 29 يونيو, 2024 في 21:52

أكد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، اليوم السبت بطنجة، أن المهندس يعتبر دعامة أساسية في بلورة الاستراتيجيات الوطنية التنموية وتحقيق التقدم والتنمية المستدامة.