الرباط -سلا- القنيطرة.. التأكيد على أهمية دعم الهوية المجالية للجهة ومسارها التنموي الخاص

الرباط 16 يونيو 2022 (ومع) أكد مشاركون في ندوة الحوار المجالي لإنجاز توجهات السياسة العامة لإعداد التراب، لجهة الرباط سلا القنيطرة، المنظم اليوم الخميس بالرباط، على أهمية دعم الهوية المجالية للجهة ومسارها التنموي الخاص مع الحرص على ضمان التماسك الوطني.

وشدد المشاركون في هذا الحوار المجالي، الذي تنظمه وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بشراكة مع وزارة الداخلية وجمعية جهات المغرب، على إشراك الفاعلين المجاليين في المساهمة في تحديد المبادئ التوجيهية، وكذا بلورة رؤية مشتركة استشرافية تحددان مسارات جديدة كفيلة برسم معالم وسبل تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة للمجال الوطني، وذلك في إطار تصور لسياسة متجددة لإعداد التراب الوطني وفق مقاربة تشاركية.

وتتوخى هذه المقاربة تعميق النقاش حول القضايا والرهانات والتوقعات التي يتوجب أخذها بعين الاعتبار، والتفكير الجماعي في الآفاق المستقبلية للمجالات والمسارات التنموية، تماشيا مع الخصوصيات الجهوية التي من شأنها الاستجابة للرهانات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وفي كلمة بهذه المناسبة، قالت مديرة إعداد التراب الوطني بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان وسياسة المدينة، لطيفة النحناحي، إن الجهوية المتقدمة توجد في صلب انشغالات سياسة اعداد التراب الوطني، لكون الجهة المجال الأنسب لضمان ودعم التقائية التدخلات العمومية، وتدخلات مختلف القطاعات وتحقيق رهان التنموية الجهوية الدامجة والمندمجة، مشيرة إلى أن ورش تنزيل الجهوية المتقدمة يقتضي اعتماد توجهات متجددة لسياسة اعداد التراب الوطني وتبني مقاربات مبتكرة وفق منظور حكامة ترابية شمولية تروم تعزيز الاندماج والتماسك الترابي.

وأوضحت أن التوجهات التي ستشكل مرجعا وطنيا جديدا لاعداد التراب تنضاف إلى ما راكمته البلاد في مجال التخطيط الاستراتيجي، ويندرج ضمن مسايرة الأوراش الاصلاحية للبلاد والنفس الديمقراطي الذي تضمنه دستور 2011، والذي أكد على الدور المحوري لاعداد التراب على المستوى الجهوي من خلال دسترة التصاميم الجهوية ودعم اختصاصات الجماعات الترابية، مسجلة أن هذا المرجع سيساهم في أجرأة ورش الجهوية كمشروع حضاري حسب المقتضيات القانونية ذات الصلة، وخاصة تلك التي نص عليها دستور المملكة ورسخها القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

وشددت المسؤولة على تفعيل الخيارات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد، التي تؤكد على أهمية بناء مجالات ترابية قادرة على الصمود والتأقلم وترسيخ أسس التنمية الدامجة والمستدامة وتبني نمط ادماجي في خلق القيمة يثمن كافة الطاقات ويضمن انتقال البلاد إلى مصاف القوى الصاعدة بشكل كامل، فضلا عن تنفيذ الالتزامات المضمنة في البرنامج الحكومي، والذي ينبني على ركائز تدعيم أسس الدولة الاجتماعية، وتقوية أسس انتعاش الاقتصاد الوطني ضمن اطار يراعي تعزيز آليات الحكامة.

وأبرزت أن الوزارة بادرت منذ يونيو 2021 إلى اعطاء الانطلاقة لإنجاز الرؤية الاستشرافية 2050 واعداد التوجهات العامة في إطار حوار مجالي من خلال برمجة 12 ندوة مجالية خلال الفصل الثاني من هذه السنة، وذلك من أجل ضمان بناء مشترك لهذه التوجهات ومناقشة القضايا والرهانات التنموية والخصوصيات الجهوية والمجالية، مسجلة أن ذلك سيسهم ايجابا في إعطاء دفعة قوية لتأطير ومواكبة نمو المجالات بمختلف خصوصياتها وضمان تجانس التصاميم الجهوية لإعداد التراب الوطني مع السياسات القطاعية.

من جهتها، أكدت المفتشة الجهوية للتعمير والهندسة المعمارية وإعداد التراب الوطني بجهة الرباط سلا القنيطرة، لمياء السغروشني، في عرض قدمته بهذه المناسبة، أن جهة الرباط سلا القنيطرة تتميز بموقع استراتيجي متميز، وتضم ساكنة بحوالي 4,5 مليون نسمة، بمساهمة اقتصادية جد مهمة في الناتج الداخلي الخام، مسجلة أن 70 في المائة من الديناميات الديمغرافية تتمركز بالتكتل الساحلي تمارة الرباط سلا القنيطرة.

وأوضحت أن الجهة تعتمد أساسا على القطاع الخدماتي، ورائدة في الانتاج الفلاحي، مع قطاع صناعي واعد، مشددة على ضرورة تعزيز القطاع السياحي بالاعتماد على مكونات ومؤهلات الجهة، مشيرة إلى أنها تضم أكبر قطب جامعي، وهو ما يؤهلها لتكون وجهة المعرفة بامتياز على المستوى الوطني.

وأضافت أن المؤشرات الاجتماعية تتماشى إجمالا مع متوسط المستوى الوطني، مع وجود بعض التفاوتات بين المجال الميتروبولي والمجالات الداخلية، مسجلة أنها تتشكل من الناحية الوظيفية من فضاء ميتروبولي في طور البناء تتمركز به معظم التجهيزات والخدمات والأنشطة لكنه يواجه العديد من التحديات لاسيما الضغط العمراني.

وأبرزت أن الجهة تتوفر أيضا على مجال داخلي غني ومتنوع، ومجالات طبيعية غنية ومختلفة تواجه تحدي الاستدامة، إضافة إلى فرص جد مهمة لتجاوز النقائص وكسب رهان الاندماج والتتثمين المستدام للموارد، لافتة إلى أن التصميم الجهوي لاعداد التراب لجهة الرباط سلا القنيطرة يهدف خلق تكامل وظيفي للمجالات.

وعرف هذا اللقاء تقديم عرض لمكتب دراسات حول منهجية وخلاصات التشخيص الاستراتيجي والتوجهات الأولية للسياسة العامة لاعداد التراب الوطني، تطرق لأهداف وتوجهات السياسة العامة لاعداد التراب الوطني، ودلالات وتوجهات هذه السياسة، واستشراف تطورات توجهاتها، والورشات الجهوية كتمرين استشرافي لخدمة تنمية الجهات وبروتوكول للحوار.

وأشار هذا العرض إلى أن التحدي المطروح يكمن في اعطاء التوجهات العامة لاعداد التراب صفة جهوية تحسن توظيف الامكانات، وتأسس على ارتباط مؤسساتي ينبني على الالتقائية والتظافر، وكذا ضرورة حوار متعدد بشكل دائم ومستمر من أجل تقليص التباينات بين القطاعات لوضع ترابط بين التوجيهات الوطنية والتصاميم الجهوية لاعداد التراب.

وأبرز أن هذه المنهجية تروم خلق اطار جماعي جديد ينتج الذكاء الجماعي حول الكيفية التي تمكن من كسب الرهانات وتقديم الحلول، مشيرا إلى أن جهة الرباط سلا القنيطرة تمثل القطب الحضري الثاني، وتتميز بشبكة كثيفة من المدارس والجامعات، وتساهم بشكل كبير في القيمة المضافة الوطنية في الخدمات غير التجارية.

وخلص إلى أن دوافع الأداء المتميز ترتبط بالضرورة بمؤشرات التغيير والحركة السريعة والمنافسة والجودة والتكنولوجيا والاندماج في سوق العمل.

وتعتبر الندوة المجالية الرباط-سلا-القنيطرة- مناسبة للنقاش حول الرهانات التنموية للجهة والتفكير الجماعي في استشراف آفاق مسار التنمية المندمجة والمتكاملة والمستدامة لجميع مجالات الجهة في أفق جعل جهة الرباط-سلا-القنيطرة جهة رائدة وقاطرة للدينامية الاقتصادية والاجتماعية على المستويين الوطني والدولي.