الجزائر: انتخابات رئاسية يخيم عليها شبح “الانزلاق” والتزوير

الجزائر – جمال شبلي- يختار الجزائريون، يوم الخميس، رئيسهم لمدة خمس سنوات تتنازعهم ، أكثر من أي وقت مضى، رغبة جامحة في الاستقرارº كمرادف “للاستمرارية”، وأيضا في التغيير، بمخاوف مبطنة من حدوث التزوير والعنف.

ويأتي هذا الاقتراع، الذي يعتبر الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة الأوفر حظا للظفر به، في ظرفية حرجة إن اقتصاديا أو اجتماعيا، يرافقها طلب ملح ومتزايد لإصلاح عميق للنظام السياسي الجزائري الذي يبدو أنه لا يروق لشريحة واسعة من المجتمع المدني.

وبغض النظر عن الاسم الفائز، يساور المواطنين قلق كبير من المنحى الدرامي الذي قد يتخذه هذا الاستحقاق، على غرار أعمال العنف التي طبعت محطات من الحملة الانتخابية التي جرت في أجواء مشحونة.

فبخلاف العهدات الثلاث لبوتفليقة، شاب الرئاسيات الحالية موجة احتجاجات واسعة قادها مناضلون جمعويون عارضوا بشراسة ترشحه للرابعة، وتيارات حزبية ترى في إعادة انتخاب الرئيس الحالي تهديدا للتماسك الوطني.

وطيلة الأيام الأخيرة، ارتفعت أصوات محذرة من مخاطر “الانزلاق”، كمصطلح تردد على كل لسان بمجرد التحدث عن ما بعد 17 أبريل، داعية إلى الهدوء والالتزام بالحكمة.

وقد زاد شبح التزوير الانتخابي، أيضا، من حدة المخاوف لدى المواطن العادي من أن يؤدي ذلك إلى وضع خارج عن السيطرة، مثل المواجهات ذات الطابع الطائفي بمنطقة غرداية (جنوب).

ومنذ إعلان ترشحه الرسمي للسباق نحو قصر المرادية، لم يكف علي بن فليس الذي يعد المنافس اللذوذ لبوتفليقة، عن التحذير من أي نية للتلاعب باختيارات الناخبين، حيث وعد هذه المرة “بعدم السكوت”، مؤكدا أنه “في حال حدوث تزوير، فإن الشعب لن يسمح بذلك”.

وشدد بن فليس على الطابع السلمي لأي احتجاج مقبل في حال تزوير نتائج صناديق الاقتراع، مفيدا بأنه يتوفر على “جيش من 60 ألف” متطوع “يراقبون هذه الصناديق عن قرب ولن يغادروها”. ذلك أن طاقمه يؤكد أنه سيغطي الغالبية العظمى لمراكز التصويت.

في السياق ذاته، كان عبد العزيز بلعيد، وهو أصغر مرشح في هذه الرئاسيات قد حذر من أن مساء يوم 17 أبريل “سيتم فيه حشو صناديق الاقتراع و تزوير محاضر فرز الأصوات، لكن يجب أن لا نتنازل”.

وقبل 48 ساعة من موعد الاقتراع، اتفق المرشحان الآخران علي فوزي الرباعين وموسى تواتي مع بن فليس على توحيد جهودهم للتصدي لأي محاولة لمصادرة الإرادة الشعبية، حيث قررت الأطقم الانتخابية لهؤلاء المرشحين، بتنسيق وثيق بينها، متابعة مختلف مراحل هذا الاستحقاق، لاسيما عملية فرز الأصوات وتسليم محاضر النتائج على مستوى كل مركز.

وأمام المخاوف من حدوث الأسوء، المعبر عنها هنا وهناك، واتهامات التشكيك في حياد الإدارة، سعى وزير الداخلية والجماعات المحلية، الطيب بلعيز إلى طمأنة الرأي العام بأن هذا الاستحقاق “سيجرى في ظل الأمن والطمأنينة”، مؤكدا على حياد و نزاهة الإدارة.

ورد على من يتهم الإدارة بالتزوير بأن هؤلاء الأشخاص “يضعوننا أمام منطق متناقض يقضي بأن نزاهة الانتخابات مرهونة بفوزهم وأن خسارتهم تعني حتما وجود تزوير”، معتبرا هذا “المنطق مناف للديمقراطية وللأخلاق”.

وبرأي الملاحظين، فإن هذه هي المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات مشدودة، ليس لكون التنافس فيها كان محتدما، ولكن للرغبة في طي صفحتها من دون وقوع خسائر.