الجالية المسلمة بفرنسا تحيي شهر رمضان ضمن أجواء وطقوس روحانية وتضامنية
(إعداد : عبد اللطيف وادراسي)
بوردو- تحرص الجالية المسلمة بفرنسا ،كعادتها خلال شهر رمضان ، على قضاء الشهر الفضيل ضمن أجواء روحانية يطبعها التضامن وممارسة الشعائر الدينية ، رغم عدد من الاكراهات ، منها البعد عن الوطن الأم ،وطول فترة الصيام (16 ساعة) في أوج موسم الحر .
وتتشبث الأسر المسلمة ، وخاصة تلك المنحدرة من البلدان المغاربية ، بإحياء طقوس رمضان ، المتعارف عليها في بلدانها الأصلية ،عبر تزيين موائد إفطارها ، بشتى أنواع المأكولات التي تعدها لهذه المناسبة المباركة ، ومنها وجبة “الشوربة” أو “الحريرة” والتمور ،فضلا عن عدد من أنواع الحلويات مثل “الشباكية” والمعجنات والفطائر ومنها “البغرير” و”رزة القاضي” و”الرغائف” أو” المسمن” العادي أو المحشو ببعض المكونات الغذائية مثل البصل واللحوم اليابسة وأصناف البقوليات .
وعلى عكس فترة السبعينات ،حيث عانى الجيل الأول من المهاجرين المسلمين، من ندرة المنتوجات الحلال، أضحت المحلات التجارية الكبرى في مدن فرنسية عدة ،تتسابق خلال الشهر الفضيل ،على توفير احتياجات المسلمين من المواد الاستهلاكية خلال شهر الصيام ، عبر تخصيص أركان بداخلها للمنتوجات الحلال ،تضم بالإضافة الى اللحوم والألبان ، مواد مستوردة كالتمور والحلويات والمكسرات.
لكن مسلمي فرنسا يفضلون اقتناء حاجياتهم خاصة من اللحوم ، من مجازر العرب اعتقادا منهم أن ما تعرضه المتاجر الأخرى، مشكوك في كونها مذبوحة على الطريقة الإسلامية .
وتشير إحصائيات اقتصادية إلى أن مسلمي فرنسا ينفقون نحو أربعمائة مليون أورو، في شراء المواد الغذائية الخاصة بشهر رمضان ، لكن هذا الرقم انخفض خلال السنوات الأخيرة، لتزامن الشهر الفضيل مع العطلة الصيفية ، التي يفضل خلالها الكثير من أعضاء الجالية المسلمة وخاصة المغاربية ،قضاء هذه المناسبة ببلدانهم الأصلية وسط أهلهم وذويهم .
ورغم افتقادها إلى سماع الآذان ودوي المدافع ،كما هو الشأن في بلدانها الأصلية ،استطاعت الجالية المسلمة خلال هذا الشهر المبارك ، أن تلفت الانتباه إلى تغير عاداتها ،وتعزيز حضورها في ثقافة فرنسا العلمانية التي تحتل فيها الديانة الإسلامية المرتبة الثانية بعد المسيحية.
وحرصا منهم على ممارسة شعائرهم الدينية ، يقصد مسلمو فرنسا مباشرة بعد الإفطار، وجهة المساجد المتواجدة بالأحياء والمدن التي يقطنون بها، من أجل أداء صلاة التراويح في أجواء روحانية.
وفي هذا السياق، يقول السيد حسن بلمجدوب (المغرب) رئيس جمعية مسلمي حي ميرينياك ببوردو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، إن المسلم يعمل على تهييء الأجواء الرمضانية المنعدمة في الشارع ، إما في بيته أو بالذهاب الى المسجد لأداء الصلاة والالتقاء والتواصل مع الناس، وحضور دروس دينية تقام في عدد من أيام شهر الصيام.
وأضاف السيد بلمجدوب، وهو أيضا رئيس اتحاد مساجد جهة أكيتان ، أن رواد مسجد السلام بميرينياك يتضاعف عشر مرات خلال شهر رمضان إبان صلاة التراويح بما يفوق الطاقة الاستيعابية للمسجد ، مشيرا إلى أنه في غياب الآذان الذي يرفع فقط داخل المسجد، يتم توزيع إمساكية الشهر المبارك على المسلمين حتى يكونوا على علم بموعد الامساك والافطار، كما تم إيفاد إثني عشر إماما من المغرب،أشرفت القنصلية العامة للمملكة ببوردو على توزيعهم على عدد من مساجد الجهة.
ولا شك أن مسلمي فرنسا يشعرون بالاختلاف بين أجواء رمضان في الوطن الأم وبلد الاقامة ،حيث أسر السيد مسلم عبد النبي (61 سنة) ، مغربي متقاعد لمراسل وكالة المغرب العربي للأنباء ببوردو، “نعيش الأجواء الرمضانية في منازلنا وفي المسجد ،وهما المكانان الوحيدان اللذان نشعر فيهما بطعم الشهر الفضيل”، مضيفا أنه يضطر للقيام بمشترياته في الصباح تجنبا لمشاهد لا تتلاءم ووضعه كصائم.
من جهته أقر م. عبد الرحمان (35 سنة)، وهو ميكانيكي فرنسي اعتنق الديانة الإسلامية قبل أربع سنوات ، بوجود نوع من التمييز تجاه المسلمين “خاصة اذا كانت لهم لحية ويرتدون لباسا تقليديا مثلي”، مشيرا الى أن جيرانه ينعتونه ب”العربي” كما تنكرت له عائلته.
ويتميز شهر رمضان في فرنسا كما هو الشأن في البلدان الإسلامية ، بحرص المسلمين على التلاقي والتواصل عبر زيارة الأقارب ،وتنظيم موائد إفطار جماعية، يلتف حولها أيضا الفقراء والمحتاجون ،خاصة في المدن الفرنسية الكبرى التي تتواجد بها أعداد كبيرة من الجاليات المسلمة التي دأب الكثير من أفرادها الميسورين على الذهاب إلى المسجد محملين بالأطعمة من تمور وألبان ولحوم وفواكه وقوارير المياه المعبأة ، على سبيل الصدقة .
اقرأ أيضا
الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية
رفع الستار مساء أمس الخميس بمدينة الرياح، على فعاليات النسخة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية الذي يعد موعدا ثقافيا مميزا فرض نفسه منذ حوالي عشرين سنة ضمن الأحداث الفنية الكبرى.
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
استضافت العاصمة الاقتصادية، التي تعد جوهرة الهندسة المعمارية الحديثة بالمغرب، مساء أمس الخميس بحديقة الجامعة العربية، مائدة مستديرة خصصت لتسليط الضوء على فن “الآرت ديكو”، الذي يعد طرازا معماريا يجسد جزءا أساسيا من تراث مدينة الدار البيضاء.
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
اختتمت، يوم الخميس بالدار البيضاء، أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية، وذلك بعد يومين من النقاشات العلمية التي تمحورت حول موضوع “الملكية الفكرية وتحديات الذكاء الاصطناعي”.
أخبار آخر الساعة
-
الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية
-
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
-
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
-
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)
-
معهد واشنطن في الصويرة: السيد أزولاي يسلط الضوء على الاستثناء المغربي بين الأمم
-
“مراكش إير شو 2024”: توقيع مذكرات تفاهم لتعزيز الاندماج المحلي لقطاع الطيران
-
مجلس الحكومة يطلع على عدد من الاتفاقيات الدولية ومشاريع القوانين المتعلقة بها
-
المملكة المتحدة.. إعادة تشكيل المجموعة البرلمانية متعددة الأحزاب المخصصة للمغرب ببرلمان وستمنستر