التنمية بإفريقيا : جلالة الملك يدعو إلى تحرك جماعي للمجموعة الدولية

نيويورك (الامم المتحدة) -بقلم: فؤاد عارف – شكل الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الأربعاء، إلى الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، والذي تلاه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، مرافعة قوية من أجل “اعتماد رؤية مندمجة، متناسقة ومتكاملة” لتنمية متضامنة للقارة الإفريقية، لكنه كان أيضا دعوة من أجل تحرك جماعي للمجموعة الدولية، الأمر الذي يمر بالضرورة عبر “المعرفة العميقة بواقع الشعوب وخصوصياتها، والتحليل الموضوعي للظروف التي تعيشها، والعمل الميداني الجدي، الذي يستجيب لتطلعاتها وانشغالاتها الحقيقية”.

وكانت إفريقيا، التي أصبحت مساءلة على أكثر من مستوى في إطار الدينامية الأممية الجديدة للتنمية عبر المصادقة خلال الدورة الحالية على أهداف التنمية المستدامة، في صلب اهتمام جلالة الملك بشكل مبكر، تماشيا مع التوجه الإفريقي الأكيد للمغرب، كما تدل على ذلك الجولات الملكية المتعددة بالقارة، والتي تتميز بالتزامها الدائم بهدف تعزيز التعاون مع بلدان القارة، في إطار دينامية استباقية أثارت الإعجاب بفضل خطواتها المنهجية، الواعدة بالفرص من أجل تنمية مستدامة، والأمن والسلم الروحي في هذا الجزء من العالم.

واستلهاما لغنى وتنوع التجربة الإفريقية المغربية، حرص جلالة الملك على الدعوة في خطابه إلى قارة إفريقية “في صلب التعاون الدولي، من أجل التنمية، لمساعدتها على التخلص من ماضيها الاستعماري، وتحرير طاقاتها”، وهو ما وضع المجموعة الدولية أمام مسؤولياتها الأخلاقية والمعنوية للاستجابة إلى المتطلبات المتعلقة بالتنمية المستدامة والتوازنات البيئية البشرية التي تقوم عليها.

ووفق هذا المنظور، شدد جلالة الملك على الحاجة الملحة للتعاون الدولي لتجديد نفسه والتخلص من التعقيدات البيروقراطية للمساهمة في تنفيذ تنمية مستدامة حقيقية بإفريقيا، من خلال توفير الظروف الملائمة لتضافر الطاقات الإيجابية عبر القارة، وهي مقاربة عاجلة أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأن إفريقيا توجد في مطمع الجماعات الإرهابية والانفصالية التي تصطاد في المياه العكرة للنزاعات والفوضى.

وتعتبر القارة الإفريقية للقرن الواحد والعشرين، وفق النموذج الذي يدعو إليه جلالة الملك، قوية بعواملها الذاتية والتنمية المستدامة، وهو أمر غير ممكن اليوم سوى عبر مراجعة طبيعة العلاقات السائدة بين الشمال والجنوب في الوقت الراهن.

ويتعين على المجموعة الدولية أن تضطلع بمسؤولياتها إزاء التنمية بإفريقيا والأخذ بعين الاعتبار أن كل تأخر في هذا الاتجاه سيمهد الطريق لتصبح المنطقة مرتعا للقوى المتطرفة والعدمية، التي تستفيد بالتأكيد من التسويف والتردد في الانخراط في وضع استراتيجية حقيقية للتعاون المتضامن المفيد للجميع. وكلما تأخرنا في معالجة هذه الرؤية، كلما كان العالم أقل استعداد لمواجهة التطرف العنيف ومختلف التحديات المتعلقة بالتنمية المستدامة.

وفي خطابه أمام الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وجه جلالة الملك، في هذا الصدد، دعوة إلى “منظمة الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية والجهوية، لإعداد خطة عمل، للتحول الاقتصادي بإفريقيا، وتوفير موارد قارة لتمويلها”.

وأشار جلالة الملك إلى أنه “سواء تعلق الأمر بالهجرة وحقوق الانسان، أو بالتغيرات المناخية والتنمية المستدامة، أو بمحاربة الارهاب، فإن المغرب يقدم إجابات وطنية، تشكل إضافة نوعية، تساهم في الجهود الدولية لرفع هذه التحديات الكونية غير المسبوقة”.