التسوية السياسية لقضية الصحراء، الهدف الذي يعطي كل المعنى لدور الأمم المتحدة
نيويورك (الأمم المتحدة) – بقلم فؤاد عارف – يأتي التمديد لسنة واحدة ودون أي تغيير في مهمة بعثة المينورسو من طرف مجلس الأمن ليذكر بأن دور الأمم المتحدة في تسوية النزاع حول الصحراء يمر بالضرورة عبر الاحترام الدقيق لمعايير التفاوض كما حددتها الهيئة التنفيذية للمنظمة الأممية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية نهائية، وهو هدف ثابت مختوم بالالتزام العلني للأمم المتحدة، والذي يشكل، في الوقت نفسه، صميم مهمة هذه الأخيرة.
أمر لن يروق لأعداء الوحدة الترابية، الذين يجاهدون لاختزال حجم إحباطهم وتنفيس أزماتهم الداخلية عبر المناورات الخسيسة، واختيارهم نهج طريق سياسة الخبث والسوء على حساب السكان المحتجزين في ظروف لا إنسانية في مخيمات العار بتندوف، فالتسوية السياسية لقضية الصحراء تعتبر السبيل الوحيد الممكن الذي يحفظ انخراط الأمم المتحدة من مكائد العابثين بالتوازنات الجيو سياسية، والذين يسعون إلى إخراج مسار المفاوضات عن مساره القانوني والأخلاقي والمعنوي.
بشهادة المجموعة الدولية، وإثر دعوات متواصلة لمجلس الأمن التابع لأمم المتحدة لإخراج مسار المفاوضات من المأزق، وضع المغرب على طاولة المفاوضات مخطط الحكم الذاتي بالصحراء، تحت السيادة المغربية، مقترح يتميز بطابعه الشمولي والجريء، وكذا بغنى محتواه، ووعود بمستقبل مزدهر ورفاه مشترك.
وسرعان ما أثار مخطط الحكم الذاتي، الذي رأى النور بعد مسار واسع من المشاورات على المستوى الوطني بمشاركة فعالة ومثمرة من مختلف شرائح المجتمع المغربي، انخراط القوى العالمية الكبرى انطلاقا من واشنطن إلى باريس، مرورا عبر مدريد ولندن، والتي رأت فيه وعدا بمستقبل أفضل للسكان المعنيين، وأيضا حصنا منيعا لضمان استقرار المنطقة التي تعيش تحت تهديدات الجماعات الإرهابية التي تتقاطع مع مطامع العصابات الإجرامية التي تنشط بمنطقة الساحل والصحراء.
إن القبول والرضا، بل والخنوع، الذي أبداه من يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان أمام هذه المأساة التي تعجز الألسن عن وصفها ويرزح تحت نيرها سكان مخيمات تندوف، لا يمكن أن يعوض الضرورة الملحة بالنسبة لمختلف هيئات الأمم المتحدة، وخاصة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لضمان حضور وازن في المخيمات السالفة الذكر، وضمان حماية السكان. وفي السياق ذاته، فإن المفوضية السامية مطالبة، وعلى أكثر من مستوى، بعدم الاكتفاء بدور ثانوي ينحصر في تموين المخيمات بالغذاء والمعدات.
ووعيا بهذا الالتزام الأخلاقي، استنكر أعضاء في الكونغرس وعدد من مجموعات التفكير الأمريكية، غير ما مرة، الانتهاكات “الصارخة” لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، وناشدوا المفوض السامي للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس، من أجل توفير الحماية بشكل عاجل للساكنة المحتجزة ضدا على إرادتها.
وشددوا على أن “المفوضية السامية للاجئين مطالبة بتنفيذ مهمتها في مخيمات تندوف”، مؤكدين على أنه “من الأهمية بمكان أن تتخذ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين موقفا حازما” يصب في مصلحة السكان، واعتبروا أنه يجب على مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين العمل على تنفيذ مهمته، عبر ضمان الحماية الكلية لحقوق هذه الفئة، وفق القانون الدولي”، الذي ما زالت الجزائر تواصل الدوس عليه.
وكانت رئيسة اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين، لافينيا ليمون، قد أدانت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، ظروف العيش “المأساوية” بمخيمات تندوف، معتبرة أنه من الضروري إيجاد “حل دائم يمكن السكان المحتجزين في مخيمات تندوف من العودة إلى المغرب، وممارسة حقوقهم في المواطنة المغربية أو إعادة إسكانهم في بلد ثالث”.
وأكدت ليمون، التي شغلت في السابق منصب مديرة عامة لمكتب إعادة إسكان اللاجئين في إدارة الرئيس كلينتون، أن غياب حل سياسي دائم “لا يحرم مطلقا سكان مخيمات تندوف من حقوقهم، التي تضمنها الشرعية الدولية”، مذكرة في هذا الإطار بأن ما لا يقل عن 168 دولة وقعت على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين.
وكان تقرير للجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين حول هذا الموضوع أكد أن الجزائر، بوقاحة وصلف، لم تف بالتزاماتها في إطار القانون الدولي، وتواصل الدوس على التزاماتها تجاه السكان المحتجزين فوق أراضيها، بموجب اتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين والبروتوكول ذي الصلة لسنة 1967.
كما انتقد حقوقيون دوليون ومتخصصون في حقوق اللاجئين العراقيل التي تضعها الجزائر أمام برنامج تبادل الزيارات العائلية، الذي تشرف عليه المفوضية السامية للاجئين، بين مخيمات تندوف والأقاليم الجنوبية للمملكة.
والأدهى من ذلك، يتأسف التقرير، فإن الحكومة الجزائرية ترفض الاعتراف بمسؤوليتها في ما يتعلق بالوضع في المخيمات”، مضيفا أنه من أجل التنقل فإن الصحراويين المحتجزين في تندوف مجبرون على الحصول على ترخيص موقع من طرف السلطات الجزائرية (البوليساريو).
كما توصلت منظمات أمريكية مستقلة أخرى إلى نفس خلاصات اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين. وبالفعل، أكدت مجموعة التفكير الأمريكية للدراسات القانونية (يو إس أنتر – يونيفيرسيتي سانتر فور ليغال ستاديز) على ضرورة وضع حد لمعاناة السكان المحتجزين في مخيمات تندوف الناجمة عن “عدم وفاء” الجزائر بالتزاماتها تجاه القانون الدولي، معربة عن أسفها لكون هؤلاء السكان “يعيشون في ظروف مادية ومعنوية مزرية”. كما شددت على مسؤولية الجزائر في حماية حقوق سكان مخيمات تندوف.
وفي الوقت الذي يتم فيه انتهاك حقوق الإنسان بشكل منهجي وشائع سواء في تندوف أو الجزائر على أساس انحطاط أخلاقي ومعنوي، انخرطت السلطة الجزائرية، ودون أي إحساس بالحرج، في محاولة استغلال قضية حقوق الإنسان من أجل تحريف مسلسل المفاوضات عن مساره.
والتزم المغرب، القوي بحقوقه التاريخية الثابتة على الصحراء ودينامية مواطنة وتنمية فاعلة تعتبر نموذجا بالنسبة لدول جنوب الصحراء خاصة، في مسار ترسيخ حقوق الإنسان، في إطار دينامية وطنية شاملة، تستفيد من التزام كل القوى الحية للأمة، دينامية لا يمكن أن تعيقها المناورات اليائسة لأعداء الوحدة الترابية، الذين ما يزالون حبيسي الدائرة المفرغة لموقفهم الإنكاري، موقف يشكل تربة خصبة للإرهاب وتجارة المخدرات والاتجار في البشر بمخيمات تندوف، بالجزائر، في مجال جغرافي يمتد إلى آوزو بالتشاد، وهي منطقة تطلق عليها الأمم المتحدة اسم “قوس عدم الاستقرار”.
يذكر أن ما يسمى بنزاع الصحراء “الغربية” هو نزاع مصطنع مفروض على المغرب من قبل الجزائر التي تمول وتأوي على ترابها بتندوف حركة “البوليساريو” الانفصالية، التي تسعى إلى إقامة دولة وهمية في المغرب العربي.
ويعيق هذا الوضع جهود المنتظم الدولي من أجل إيجاد حل للنزاع على أساس حكم ذاتي متقدم في إطار السيادة المغربية واندماج اقتصادي وأمني إقليمي.
اقرأ أيضا
مجلس حقوق الإنسان.. السيد زنيبر يترأس أول اجتماع للمجلس الاستشاري المعني بالمساواة بين الجنسين
ترأس رئيس مجلس حقوق الإنسان، السفير عمر زنيبر، اليوم الاثنين بجنيف، الاجتماع الأول للمجلس الاستشاري المعني بالمساواة بين الجنسين، والذي تم إحداثه تحت الرئاسة المغربية.
متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر يحتفي بالذكرى العاشرة لتأسيسه
احتفى متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر،اليوم الاثنين بالرباط، بالذكرى العاشرة لتأسيسه، وذلك بتنظيم حفل رسمي، حضرته ثلة من الشخصيات من علم الثقافة والدبلوماسية والاقتصاد.
باريس انفرا ويك: البنية التحتية المستدامة، مجال متميز للتعاون بين المغرب وفرنسا (السيد بنشعبون)
باريس – أكد المدير العام لصندوق محمد السادس للاستثمار، محمد بنشعبون، اليوم الاثنين بباريس، أن مجال البنيات التحتية المستدامة يمثل مجالا متميزا للتعاون بين المغرب وفرنسا. وقال السيد بنشعبون، في كلمة ألقاها في ندوة نظمت في إطار اليوم الافتتاحي لأسبوع “باريس انفرا ويك”، أحد المواعيد الرائدة في أوروبا المخصصة لتمويل البنية التحتية، إن البنيات التحتية […]
أخبار آخر الساعة
-
مجلس حقوق الإنسان.. السيد زنيبر يترأس أول اجتماع للمجلس الاستشاري المعني بالمساواة بين الجنسين
-
متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر يحتفي بالذكرى العاشرة لتأسيسه
-
باريس انفرا ويك: البنية التحتية المستدامة، مجال متميز للتعاون بين المغرب وفرنسا (السيد بنشعبون)
-
مراكش: انعقاد المنتدى السنوي لأطراف “الشراكة من أجل تخزين الطاقة”
-
الحكومة واصلت التحكم في مستويات معقولة للواردات التي عرفت استقرارا نسبيا (السيد أخنوش)
-
الدار البيضاء: مؤسسة مسجد الحسن الثاني تضطلع بدور محوري في إدارة هذه المعلمة ونشر علوم الدين والفقه (السيد التوفيق)
-
انطلاق الأدوار الإقصائية للدورة التاسعة لبطولات المغرب للترويض والقدرة والتحمل والقفز على الحواجز بسيدي البرني
-
تنصيب هشام رحيل مديرا لمطار محمد الخامس بالدار البيضاء (المكتب الوطني للمطارات)