الانتخابات العامة في البرازيل: أزيد من 142 مليون ناخب مدعوون إلى الانتخابات على إيقاع توترات اجتماعية قوية

بقلم : كريم الناجي

الرباط – يتوجه أزيد من 142 مليون ناخب برازيلي، يوم غد الأحد، إلى صناديق الاقتراع من أجل انتخاب رئيس ، وحكام وممثلين بمجلسي النواب والشيوخ (الثلث)، وذلك في سياق يشهد احتداد الصراعات الاجتماعية والإضرابات في عدة قطاعات حيوية.وطيلة هذه الشهور الأخيرة، قبل مونديال 2014 وبعده، شلت عدة قطاعات من بينها التعليم والنقل والأبناك في الآونة الأخيرة، بإضرابات تعبر عن تذمر قسم كبير من الساكنة من غلاء المعيشة وانهيار قدرتها الشرائية. وامتد هذا الاستياء الاجتماعي إلى رجال الشرطة أيضا الذين يطالبون برواتب أفضل ومخططات عمل واضحة.

وتأتي هذه الإضرابات في أعقاب الاحتجاجات الاجتماعية القوية التي هزت البلد في يونيو 2013 منددة بانتشار الفساد في أوصال الحكومة والمبالغ الضخمة المكرسة لكأس العالم لكرة القدم والداعية لتحسين نوعية الخدمات العمومية، خاصة في مجالات النقل والتربية والصحة.

وفي سياق يتميز بارتفاع التوترات الاجتماعية، يعرف سباق الانتخابات الرئاسية مشاركة 11 مترشحا، ومن ضمنهم الرئيسة المنتهية ولايتها، ديلما روسيف، التي ترغب في استعادة شعبيتها لما قبل التذمر الاجتماعي في 2013 حين رشحتها النوايا الانتخابية ب 65 في المائة، ومنافستها الرئيسية عن الحزب الاشتراكي البرازيلي، مارينا سيلفا، التي وعدت بإحداث قطيعة مع الماضي ولعبة الأحزاب الكبيرة، من خلال اعتماد سياسة جديدة تزاوج بين الاستقرار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.

وقد خلقت المرشحة الجديدة للرئاسة، مارينا سيلفا، مناصرة البيئة، التي تعد مرشحة الشعب، والتي تم تعيينها خلفا لإدواردو كامبوس بعدما لقي مصرعه في حادث طائرة، المفاجأة بقفزها إلى المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي وبتجاوزها بثلاثة أضعاف سلفها الذي لم يستطع قط أن يتجاوز عتبة 10 في المائة من نوايا التصويت، خلال استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها قيد حياته.

وقد غيرت الوفاة التراجيدية لمرشح الحزب الاشتراكي البرازيلي، كامبوس، بشكل كامل المعطى حول الانتخابات الرئاسية بالبرازيل لصالح منافسته مارينا سيلفا التي تحظى بدعم كبير من الحركات الاجتماعية وعلى حساب مرشح الحزب الاجتماعي الديموقراطي البرازيلي، أيسيو نيفيس ، الذي انتقل من المرتبة الثانية إلى المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي.

وبالرغم من أن روسيف هي المرشحة الأوفر حظا في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، طبقا لنتائج استطلاعات الرأي الأخيرة، فإنه لا بد من إجراء دور ثان (من المقرر إجراؤه في 26 أكتوبر) من أجل الحسم في النتائج، إذا لم يتمكن أي مرشح من الحصول على أزيد من 50 في المائة من نتائج التصويت، أي على عدد من الأصوات يفوق عدد الأصوات التي حصل عليها منافسوها مجتمعين.

وتشكل المناضلة الإيكولوجية خطرا حقيقيا على إعادة انتخاب روسيف التي قد تستطيع بصعوبة أن تنجو من الدور الثاني، حسب نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة هذه التي أجرتها مختلف المعاهد.

وفي ما يتعلق بأسلوب الاقتراع، تعتمد البرازيل منذ سنوات طريقة التصويت الإلكتروني الذي يقلص من مخاطر التزوير ويتيح إحصاء فوريا للأصوات في هذا العملاق اللاتينو- أمريكي الذي يقطنه أزيد من 200 مليون نسمة.
ومن جهة أخرى، فإن التصويت إجباري بالنسبة للمواطنين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و70 سنة، واختياري للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و18 سنة أو الذين تزيد أعمارهم عن سبعين سنة.

وتعد مارينا سيلفا، التي تمثل الخط الثالث بين حزب العمال والحزب الاجتماعي الديموقراطي البرازيلي المتناوبين على حكم البلاد منذ عشرين سنة، والتي تجسد التجديد بسعيها إلى وضع حد لهيمنة هذين الحزبين التقليديين، شعبية في أوساط الطبقة المتوسطة والشباب الذين اجتاحوا الشوارع في يونيو 2013 ، للاحتجاج على انتشار الفساد والمطالبة بتحسين الخدمات العمومية.

واعتبارا للمؤشرات الاقتصادية السيئة، ومن بينها تراجع وتيرة النمو في السنوات الأخيرة، وارتفاع نسبة التضخم، الذي تجاوز الحد المسموح به البالغ 5ر6 في المائة الذي حددته الحكومة ، ودخول البلاد في تراجع في الفصل الأول من السنة، علاوة على نسبة الفائدة التي تعد مرتفعة جدا (11 في المائة)، فإن ولاية الحكومة الجديدة لن تكون هينة بالتأكيد.