الإسبان يعودون إلى صناديق الاقتراع يوم 26 يونيو المقبل بعد أقصر فترة تشريعية فى تاريخهم السياسي الحديث

حسن سعودي

مدريد-  بعد أزيد من أربعة أشهر عن انتخابات 20 دجنبر الماضي تأكد فشل الطبقة السياسية الإسبانية في تشكيل حكومة جديدة، ليعيش بذلك هذا البلد الإيبيري أقصر فترة تشريعية فى تاريخه السياسي الحديث.

فقد وقع العاهل الإسباني اليوم الثلاثاء قرار حل البرلمان بغرفتيه والدعوة لانتخابات مبكرة، لتكون بذلك المرة الأولى التى يأمر فيها ملك إسباني بحل الهيئة التشريعية بمجلسيها والعودة لصناديق الاقتراع لإخراج البلاد من الجمود السياسي الذي خيم عليها.

   كما أنها المرة الأولى التي سيتم فيها تطبيق المادة 99 من الدستور الإسباني بدلا من المادة 115، وذلك بعد انتهاء الفرصة الثالثة والأخيرة لتمكين الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان من التوصل لاتفاق لتشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات 20 دجنبر 2015.

   فبعد فشل مفاوضات استمرت أشهرا لتشكيل ائتلاف حكومى، دعا العاهل الإسباني الملك فيليبى السادس، بعد لقاء زعماء الأحزاب الممثلة بالبرلمان، رئيس مجلس النواب لحل البرلمان بمجلسيه وإجراء انتخابات مبكرة فى 26 من يونيو القادم.

   وصرح رئيس مجلس النواب الإسبانى، باتشى لوباز، أنه لا يوجد مرشح يتوفر لحد الآن على الدعم الكافي لتولي رئاسة الحكومة، وبالتالى انتظر الجميع الثاني من مايو الجاري لصدور مرسوم حل البرلمان والدعوة لتنظيم الانتخابات التشريعية الجديدة.

   يذكر أن زعيم الحزب الشعبى ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها، ماريانو راخوي، الذي حل حزبه أول فى انتخابات دجنبر الماضى، رفض اقتراح العاهل الإسباني تشكيل حكومة جديدة، وذلك بحجة أنه لا يتوفر على الدعم الكافي داخل قبة البرلمان.

   وظل راخوي يصر على أن لا مخرج من هذا المأزق السياسي، عقب 20 دجنبر الماضي، سوى إقامة تحالف يضم بالإضافة إلى المحافظين الاشتراكيين والليبراليين، يواصل الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقتها إسبانيا قبل أربع سنوات، ويتصدى لحزب بوديموس الرادكالي الذي يسعى لتقسيم إسبانيا.

   والفشل نفسه آلت إليه محاولة الاشتراكي، بيدر سانشيز، الذي رفض منذ البداية بشكل قاطع التحالف مع الحزب الشعبي المحافظ، وذلك رغم تصويت البرلمان مرتين ضد ترشيحه لرئاسة الحكومة المقبلة، والتنازلات التي قدمها لحزب بوديموس الراديكالي.

   من جهته وضع حزب بوديموس، اليساري الراديكالي المناهض لسياسة التقشف بإسبانيا، والمؤيد لاستفتاء الانفصال في كاتولونيا شمال شرق البلاد، مجموعة من الشروط للتحالف مع الاشتراكيين، في مقدمتها فسخ الاتفاق بين هؤلاء وبين حزب يمين الوسط، وتنظيم الاستفتاء بكاتالونيا.

   أما حزب سيوددانس، وإن أعلن مؤخرا أن اتفاقه مع الاشتراكين لم يعد قائما بعد إعلان تنظيم انتخابات جديدة، فشدد دوما على تشكيل تحالف مع الحزبين الشعبي والاشتراكي لتشكيل حكومة مستقرة في إسبانيا، وحماية البلاد من الحركة الانفصالية في جهة كاتالونيا.

   ووقع العاهل الإسباني مرسوم إجراء انتخابات جديدة يوم 26 يونيو المقبل ستة أشهر بعد انتخابات الأخيرة، وبعد بيان القصر الملكى الذي أعلن أن الملك وعقب إجرائه محادثات مع مختلف زعماء الأحزاب، خلص إلى أنه ليس هناك مرشح محتمل لتولى رئاسة الحكومة، وقرر الدعوة لانتخابات مبكرة.

   من جهته أعلن رئيس الحزب الاشتراكي، بيدرو سانشيز، فشل مفاوضات الفرصة الأخيرة لتشكيل حكومة يسارية، قائلا، بعد لقائه العاهل الإسبانى لإبلاغه أنه لا يحظى بما يكفى من التأييد لتولى رئاسة الحكومة، “نحن مجبرون على إجراء انتخابات جديدة”.

   ويبقى للمواطنون الإسبان وحدهم الحكم فيما ستفرزه صناديق الاقتراع رغم القلق والغضب الذي ينتابهم نتيجة الوضع القائم، واعتقادهم أن الانتخابات لن تكون لها فائدة، والتي يتوقع أن تكون المشاركة فيها أقل بكثير من تلك التي جرت مؤخرا، وقد لا تكون حاسمة.

   يذكر أن الانتخابات التشريعية الأخيرة أفرزت برلمانا ضم 200 عضو جديد من بين أعضائه الـ350، إلا أن نتيجتها لم تمكن أيا من الأحزاب الممثلة فيه من تشكيل حكومة لعدم توفر أي منها على الدعم الكافي للقيام بذلك، فضلا على أن الحزبين الجديدين قوضا وضع القوى التقليدية.

   كما أنها وضعت نهاية للثنائية الحزبية التقليدية بالبلاد، وأفرزت أربع قوى سياسية كبرى هي الحزب الشعبي (123 مقعدا)، والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (90 مقعدا)، وحزب بوديموس، اليساري الراديكالي (69 مقعدا)، ثم حزب سيودادانس، يمين وسط، (40 مقعدا).