الأرجنتين على وشك الوقوع مجددا في وضعية العجز عن سداد الديون

– إعداد مكتب بيونس أيرس-

بيونس أيرس – بعد ثلاثة عشرة سنة من حالة الإفلاس المدوي التي عاشتها على إثر الأزمة الاقتصادية لسنة 2001 ، تجد الأرجنتين نفسها حاليا على وشك الوقوع مجددا في وضعية العجز عن سداد ديونها، مما يهددها بالدخول في أزمة اقتصادية وخيمة العواقب.فعلى إثر الحكم الصادر في حقها في 2012 عن إحدى محاكم نيويورك ، والقاضي بإلزامها بتمكين هيأتين ماليتين أمريكيتين تحوزان سندات ديون أرجنتينية من كامل ديونهما البالغة 33ر1 مليار دولار، زيادة على الفوائد المستحقة عليها، أصبح من الضروري بالنسبة للأرجنتين البحث عن تسوية مع دائنيها الخواص قبل نهاية الشهر الجاري لتفادي الوقوع في وضعية عدو القدرة على سداد الديون.
فعلى عكس باقي الدائنين الخواص ، رفضت الهيأتان الماليتان الأمريكيتا ” إن إم إل كابتل” و”أوروليوز ماناجمنت” أي تخفيض في ديونهما،مطالبتين بسداد مستحقاتهما كاملة الأمر الذي قد يدخل ثالث قوة اقتصادية في أمريكا اللاتينية في أزمة اقتصادية ومالية جديدة.
وكان من المقرر أن يلتقي وفد أرجنتيني مع دانييل بولاك ، الوسيط الأمريكي المكلف بالإشراف على المفاوضات بين بوينوس أيرس والهيأتين الماليتين الأمريكيتين ، أمس الثلاثاء، على بعد أربع وعشرين ساعة من انتهاء المهلة الممنوحة من طرف القاضي طوماس غرييسا ، الذي كان وراء صدور الحكم لصالح الهيأتين الأمريكيتين ، إلى العاصمة الأرجنتينية من أجل التوصل إلى تسوية مع هاتين الأخيرتين ويستبعد المراقبون إمكانية توصل الطرفين لنزاعهما خاصة وأنهما مصران على موقفهما، ويرفضان تقديم أية تنازلات، كما أن القاضي غرييسا لازال مصرا على تشدده تجاه بوينوس أيرس.
وقد سبق للقاضي غرييسا أن أمر في 16 يونيو الأخير بتجميد بمبلغ يفوق مليار دولار، سبق للأرجنتين أن قامت بتحويله لأحد البنوك الأمريكية بهدف سداد مستحقات الدائنين الخواص ، مشددا على إعطاء الأولوية لسداد مستحقات ” إن إم إل كابتل” و”أوروليوز ماناجمنت” المصنفتين ضمن خانة ما ينعت ب” المؤسسات العقبان “، وهو الوصف الذي دأبت الأوساط المالية على إطلاقه على المؤسسات المالية التي تتحين الفرص لشراء سندات الديون والمضاربة عليها.
وكان رئيس الحكومة الأرجنتينية ، خورخي كابيتانيش ، قد اتهم الهيأتين الأمريكيتين ب ” ابتزاز” بلاده من خلال المطالبة باسترداد كامل ديونهما وحاول في الوقت ذاته طمأنة الجهات المانحة بأن بلاده لا تواجه وضعية العجز عن سداد ديونها وأنها ” ستؤدي ديونها وتحترم التزاماتها”.
إلا أن صحف المعارضة لا تشاطر رئيس الحكومة الرأي . وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة (كلارين) في عددها ليوم أمس الثلاثاء أن الأرجنتين تسير في اتجاه الوقوع مجددا في وضعية العجز عن سداد ديونها .
ومن جهتها تعول الرئيسة الأرجنتينية ، الموجودة حاليا في كراكاس للمشاركة في قمة السوق المشتركة لبلدان أمريكا الجنوبية (ميركوسور) على دعم نظرائها بدول أمريكا اللاتينية لبلادها في نزاعها مع الهيأتين الماليتين الأمريكيتين.
وفي رأي المراقبين ، فإن تنفيذ قرار القضاء الأمريكي من شأنه تشجيع الدائنين الآخرين الذين سبق لهم التنازل على نسبة 70 بالمائة من ديونهم ، على المطالبة بمستحقاتهم كاملة وسيكون على الأرجنتين في هذه الحالة سداد أزيد من 100 مليار دولار أخرى وفقا لالتزامها بمعاملة دائنيها الخواص على قدم المساواة.
وفي تقدير العديد من المحللين الاقتصاديين، فإنه في حالة عدم أداء الأرجنتين لمستحقات الهيأتين الماليتين الأمريكيتين، فإنها ستقع في وضعية عدم القدرة على السداد مما سترتب على ذلك انعكاسات اقتصادية أخطر من تلك التي عاشتها البلاد سنة 2001.
وفي هذا الصدد توقع المكتب الأرجنتيني للإستشارة الاقتصادية ” أبيسيب” انخفاضا في الناتج الداخلي الخام بنسبة 5ر3 بالمائة ، وهروبا لرؤوس الأموال الأجنبية ، وارتفاعا في نسبة التضخم التي قد تصل إلى 41 بالمائة .
ومن جهتها، تترقب مكاتب مستقلة أخرى للاستشارة الاقتصادية قيام الهيئات الدولية للتصنيف المالي تخفيضا جديدا في تصنيف المديونية السيادية للأرجنتين .