إسبانيا .. تنصيب راخوي يدشن لولاية تشريعية تبدو معقدة ومضطربة

محمد توفيق الناصري

مدريد –  يبدو أن تنصيب الأمين العام للحزب الشعبي (يمين)، ماريانو راخوي، رئيسا للحكومة الإسبانية الجديدة يدشن لولاية تشريعية ستكون معقدة ومضطربة بالنسبة لزعيم المحافظين الذي سيرأس، هذه المرة، حكومة أقلية عليها البحث باستمرار عن توافقات لتمرير قوانين أو مبادرات لن تحظى بإجماع داخل البرلمان.

   وجرى تنصيب مرشح الحزب الشعبي أول أمس السبت بأغلبية نسبية بعد أن حصل على 170 صوتا، فيما صوت ضده 111 نائبا، وامتناع 68، وأضحى بذلك راخوي (61 سنة) رئيسا للحكومة الاسبانية الجديدة بفضل أصوات نواب حزبه ال137 ونواب حزب سيوددانس، يمين وسط، ال33، وامتناع غالبية أعضاء الفريق الاشتراكي.

   ويتوقع المراقبون مواجهة دائمة بين الحكومة ومجلس النواب (الغرفة السفلى)، لاسيما بسبب عدد من القضايا الهامة التي لا زالت عالقة، والتي لم تتمكن حكومة تصريف الأعمال، منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في دجنبر 2015، من تقديم أي إجابات لها.

   ومن تم فإن الأشهر القليلة المقبلة ستشكل اختبارا حقيقيا للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان حول قدرتها على التوصل لاتفاقات لضمان استقرار حكومة راخوي، والمساهمة في استمرار نمو اقتصاد هذا البلد، الذي خرج سنة 2013 من أزمة حادة، وخلق فرص الشغل، ومواجهة التحدي الانفصالي في كاتالونيا.

   وتم إخطار زعيم الحزب الشعبي، قبل تنصيبه، بالصعوبات التي ستواجهه طيلة ولايته الجديدة، والثانية على التوالي، كما أن رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أنطونيو هيرناندو، شدد على أن امتناع نواب حزبه، الذي سمح بتنصيب راخوي، “ليس دعما للمحافظين، ولا لحكومتهم أو سياساتها”.

   وحذر الاشتراكيون، في هذا السياق، من أنه سيتعين على الحزب الشعبي البحث عن أغلبية “أسبوعا بعد آخر”، وتصويتا بعد تصويت”، وأن قرار الامتناع تم اتخاذه “لتجنيب الإسبان انتخابات ثالثة هم في غنى عنها”.

   ويدرك زعيم الحزب الشعبي أن الواقع السياسي الجديد الذي فرضته الانتخابات البرلمانية الأخيرة أنهى الثنائية الحزبية بهذا البلد الايبيري، لذلك عبر أول أمس قبيل التصويت الثاني عن استعداده ل”تقديم تنازلات” خلال الولاية التشريعية المقبلة من أجل التوصل لاتفاقات واتخاذ تدابير في مجلس النواب.
   لكن راخوي حذر، مع جهة أخرى، من أنه غير مستعد “لهدم ما تم بناؤه”، موضحا أنه لا يمكنه التفريط في وحدة إسبانيا، ولا في احترام التزامات مدريد تجاه الاتحاد الأوروبي، والاستقرار المالي للبلاد.

   وليمضي بولايته إلى نهايتها، سيتعين على راخوي، كما قال، تقديم تنازلات، وتأكيد الخبرة التي اكتسبها طيلة أزيد من ثلاثة عقود من الممارسة السياسة، وذلك بغية التوصل لاتفاقات مع حزب سيوددانس، يمين وسط، الذي صوت لصالح تنصيبه، والاشتراكيين الذين امتنعوا عن التصويت من أجل أن يتم ذلك.

   وينتظر أن يؤدي الأمين العام للحزب الشعبي اليمين الدستورية اليوم الاثنين أمام العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس، الذي وقع أمس المرسوم الملكي لتعيينه رئيسا للحكومة الإسبانية، ثم إبلاغ العاهل الإسباني الخميس المقبل بقائمة أعضاء حكومته، قبل أدائهم اليمين الدستورية الجمعة المقبل.

   بدأت إذا ولاية تشريعية جديدة بإسبانيا بعد انتخابات دجنبر ويونيو الماضيين وأزيد من عشرة أشهر من الجمود السياسي، إلا أن الأكيد هو أن مهمة العائد إلى قصر لا مونكلوا لن تكون سهلة بحسب الصحف الإسبانية، التي أكدت أن ولايته يجب أن يطبعها الحوار لتمكين البلاد من رفع التحديات التي تواجهه.

   والأكيد، أيضا، أن رئيس الحكومة المعاد انتخابه يوجد في وضع لا يحسد عليه، فحكومته حكومة أقلية وسيتعين عليها مواجهة برلمان مجزأ للغاية، ويبقى السؤول المطروح هو هل سينجح راخوي في رفع هذا التحدي الذي لم تشهد إسبانيا مثله من قبل، والذي وحدها الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عليه.