إرهاب .. هل توجد جنوب إفريقيا بالفعل في مرمى المجموعات الإرهابية …

 (عبد الغني عويفية)

 جوهانسبورغ- دفعت التحذيرات الأخيرة بشأن اعتداءات إرهابية محتملة على جنوب إفريقيا المحللين والرأي العام في هذا البلد إلى التساؤل عن مدى خطورة التهديد في منطقة ظلت إلى حدود اليوم بعيدة عن مرمى المنظمات الإرهابية.

 ففي ظرف يومين، حذرت واشنطن ولندن مواطنيهما المقيمين في بلاد قوس قزح من أن منظمات إرهابية تخطط للقيام باعتداءات، خاصة في الأماكن التي يتردد عليها الأجانب، لا سيما المراكز التجارية الكبرى لجوهانسبورغ وكيب.

 ولم تبد حكومة جنوب إفريقيا أي رد فعل إلا بعد يومين من تحذير وزارة الخارجية الأمريكية، مؤكدة أن الوكالات الأمنية الوطنية قادرة على حماية البلاد.

  وقال الناطق باسم وزارة العلاقات الدولية، كلايسن مونييلا، إن “وكالة أمن الدولة وباقي المصالح قادرة على حماية جنوب إفريقيا. وأن الأمن في هذا البلد لم يبلغ في أي وقت مستواه الجيد الآن”.

  وخلف التحذير الأمريكي تبادلا مكثفا لردود الفعل على موقع “تويتر” بين مونييلا والسفير الأمريكي في بريتوريا، باتريك غاسبار، وهو  التبادل الذي عكس، بحسب الملاحظين، التوتر المستتر في العلاقات بين بريتوريا وواشنطن.

 ويثير التحدير الأمريكي البريطاني تساؤلات بخصوص هشاشة جنوب إفريقيا أمام التهديدات الإرهابية في قارة تسعى فيها المجموعات الإرهابية إلى تعزيز حضورها أبعد من منطقة الساحل الصحراوي.

 وفي نونبر 2015، حذر المعهد الجنوب إفريقي للدراسات الأمنية من أن جنوب إفريقيا، على غرار باقي بلدان العالم، تواجه تهديدا إرهابيا حقيقيا.

  وحسب المعهد فإن عناصر من “تنظيم القاعدة” كانوا يستخدمون منذ سنة 2003 جوازات سفر جنوب إفريقية وكان بعضهم يقيم في هذا البلد.

 وحسب مارتان إيوي، الباحث في المعهد، فإن جنوب إفريقيا تحتضن مصالح غربية مهمة، وهو ما يجعل البلاد هدفا مفضلا للمنظمات الإرهابية.

 وفي تحليلها للتحذير الأمريكي البريطاني، اعتبرت مديرة إفريقيا بمجموعة الأبحاث والتحليلات حول الإرهاب، جاسمين أوبرمان، أن فكرة اعتداء إرهابي على جوهانسبورغ أو كيب غير معقولة.

    وأضافت الباحثة أن الطبيعة الفضفاضة للتحذير تعقد تحليل التهديد الذي يستهدف جنوب إفريقيا، موضحة أن نقص التفاصيل يجعل من الصعب تقييم مصداقية هذا التهديد.

   كما تؤكد مجموعة الأبحاث والتحليلات حول الإرهاب أنه لا تتوفر أية معلومات بشأن حتمية وقوع هجوم إرهابي في جنوب إفريقيا خلال شهر رمضان. غير أنها تحذر من أن البلد ليس بمنأى عن الهجمات.

وتشير السيدة أوبرمان إلى أن المجموعة تتوفر على معلومات موثوقة بشأن وجود عناصر لا تخفي تعاطفها مع مجموعات من قبيل “جبهة النصرة” و”الشباب”، بمدينة كيب، أول قطب سياحي في جنوب إفريقيا وكذا في مناطق أخرى مثل بورت إليزابيث.

  وترى الباحثة أن تنظيم “داعش” يسعى إلى انتداب الشباب خصوصا من مدن كاب وجوهانسبورغ ودوربان، مشيرة، في المقابل إلى أن هذه المعطيات لا تجزم بوجود خلايا تدبر لهجمات إرهابية بجنوب افريقيا.

   ويرى محللون آخرون أن جنوب افريقيا ليست مستعدة لمواجهة تهديد إرهابي حقيقي، خاصة وأن توفير الأمن في المراكز التجارية تتكلف به شركات خاصة،لكنها توظف لهذا الغرض حراس أمن غير مكونين، تنحصر مهمتهم الأساسية في منع الجرائم الصغرى كالسرقة.

 ومن جانب آخر، ينبه الخبراء إلى وجود ثغرات كثيرة في الحدود الجنوب افريقية تنضاف إلى سهولة اختراق جوازات السفر الجنوب افريقية من طرف المجموعات الارهابية، مستحضرين حالة “سامانتا ليوثوايت” الملقبة “بالأرملة البيضاء” التي استعملت جواز سفر جنوب افريقي مزور للدخول إلى البلاد، و يشتبه بمشاركة هذه الشابة الانجليزية،المعتنقة للإسلام، في الهجوم على المركز التجاري ويست كايت بنيروبي.

 وفي هذا السياق، ترجح “مجموعة الأبحاث والتحليلات حول الإرهاب” أن تكون المجموعات الإرهابية قد فضلت إلى حدود الساعة استعمال جنوب افريقيا كنقطة عبور، مستفيدة في ذلك من تراخي القوانين والقواعد المالية لجمع الأموال أو انتداب الشباب”.

 وفي المقابل، يقلل محللون آخرون مثل ريان كومينغ، و هو باحث ب “ثينك ثانك سيغنال ريسك” من حجم التحذيرات التي يبعث بها الغرب.

  ويرى هذا الباحث أنه “لم يسبق لجنوب إفريقيا أن عرفت هجمات إرهابية”، مسجلا عدم وجود أي مبرر لهجمات من هذا القبيل.

  ويعزي استبعاده لهذا الأمر بكون جنوب افريقيا برأيه “اعتمدت دوما على سياسة خارجية محايدة”، متجنبة الدخول في أي من عمليات محاربة الارهاب سواء بافريقيا أو خارجها.