آخر الأخبار
جلالة الملك : الانتدابان البرلماني والجماعي عماد الممارسة السياسية التشاركية

جلالة الملك : الانتدابان البرلماني والجماعي عماد الممارسة السياسية التشاركية

الجمعة, 11 أكتوبر, 2013 - 15:35

الرباط – أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن الانتدابين البرلماني والجماعي، هما عماد الممارسة السياسية التشاركية. وقال جلالة الملك في الخطاب الذي ألقاه لدى افتتاح جلالته للدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة اليوم الجمعة بالرباط “إننا نعتبر الانتدابين البرلماني والجماعي، عماد الممارسة السياسية التشاركية، التي ارتضاها المغاربة، والتي لن تستقيم في غياب أحدهما”.

وأكد جلالته أنه لا فرق بين الانتدابين لأن الأهم يبقى ” هو أن يقوم كل منهما بمهامه الوطنية والمحلية، وبواجباته تجاه الناخبين، الذين وضعوا ثقتهم فيه” ،موضحا جلالته أن “أهمية هذين الانتدابين، لا تكمن فقط في حسن تدبير الشأن العام، على أهميته، وإنما تتجلى أيضا في خدمة المصالح العليا للوطن، والدفاع عن قضاياه العادلة، وفي مقدمتها الوحدة الترابية لبلادنا “.

وذكر جلالة الملك ب”أن الممارسة البرلمانية التعددية ببلادنا ليست وليدة الأمس، بل هي خيار استراتيجي يمتد على مدى نصف قرن من الزمن، نابع من الإيمان العميق للمغرب وقواه الحية، بالمبادئ الديمقراطية. وهو ما يجعل النموذج البرلماني المغربي، رائدا في محيطه الجهوي والقاري”.

فالبرلمان المغربي، يضيف جلالته ، ذاكرة حية، شاهدة على المواقف الثابتة والنضالات الكبرى التي عرفتها بلادنا في سبيل السير قدما بمسارها السياسي التعددي.

غير أن الكثيرين “لا يعرفون، مع الأسف، تاريخ مؤسساتنا”، يقول جلالة الملك، “وما طبع تطورها من حكمة وبعد نظر، ضمن مسار تدريجي ، وبإرادة قوية وخاصة ، دون أن يفرضه علينا أحد. وهو نفس النهج السليم، الذي اعتمدناه، لتعزيز مكانة المؤسسات ، إذ أصبح البرلمان اليوم، المسؤول الوحيد على إقرار القوانين”.

وشدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أن “تطور المسار المؤسسي ببلادنا، يقوم على التجديد المستمر، واستثمار التراكمات الايجابية للممارسة النيابية، على الصعيدين الوطني والمحلي، باعتبارهما مسارين متكاملين”

فبخصوص الانتداب البرلماني أكد جلالة الملك أنه تمثيل للأمة ، ومهمة وطنية كبرى ، وليس ريعا سياسيا.

وخاطب جلالته أعضاء البرلمان قائلا ” فعليكم أن تستشعروا جسامة هذه الأمانة العظمى، التي تستوجب التفاني ونكران الذات، والتحلي بروح الوطنية الصادقة، والمسؤولية العالية في النهوض بمهامكم. ولا يخفى عليكم أن الولاية التشريعية الحالية، تعد ولاية تأسيسية، لوجوب إقرار جميع القوانين التنظيمية خلالها.” وأضاف جلالته ” وباعتبارها مكملة للقانون الأسمى، فإننا نوصيكم، حضرات السيدات والسادة البرلمانيين، بضرورة اعتماد روح التوافق الوطني، ونفس المنهجية التشاركية الواسعة، التي ميزت إعداد الدستور، خلال بلورة و إقرار هذه القوانين التنظيمية”.

كما دعا جلالة الملك نواب الأمة لتحمل مسؤولياتهم كاملة، في القيام بمهامهم التشريعية، “لأن ما يهمنا، ليس فقط عدد القوانين، التي تتم المصادقة عليها، بل الأهم من ذلك هو الجودة التشريعية لهذه القوانين”. ودعا جلالته كذلك ” لإخراج النظام الخاص بالمعارضة البرلمانية، لتمكينها من النهوض بمهامها، في مراقبة العمل الحكومي، والقيام بالنقد البناء، وتقديم الاقتراحات والبدائل الواقعية، بما يخدم المصالح العليا للوطن.”

وفي السياق نفسه، شدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس ” على ضرورة اعتماد الحوار البناء، والتعاون الوثيق والمتوازن ، بين البرلمان والحكومة، في إطار احترام مبدأ فصل السلط، بما يضمن ممارسة سياسية سليمة، تقوم على النجاعة والتناسق، والاستقرار المؤسسي، بعيدا عن تحويل قبة البرلمان إلى حلبة للمصارعة السياسوية.” أما بخصوص الانتداب الجماعي المحلي أو الجهوي، فأوضح جلالة الملك أنه “يكتسي أهمية أكبر ، في الواقع السياسي الوطني ، لكونه يرتبط بالمعيش اليومي للمواطنين، الذين يختارون الأشخاص والأحزاب الذين يتولون تدبير قضاياهم اليومية”. ف
المجالس الجماعية ، يوضح جلالته ، هي المسؤولة عن تدبير الخدمات الأساسية، التي يحتاجها المواطن كل يوم. أما الحكومة، فتقوم بوضع السياسات العمومية ، والمخططات القطاعية، وتعمل على تطبيقيها.

وأضاف جلالة الملك في هذا الإطار أن “الوزير ليس مسؤولا عن توفير الماء والكهرباء والنقل العمومي، أو عن نظافة الجماعة أو الحي أو المدينة، وجودة الطرق بها. بل إن المنتخبين الجماعيين هم المسؤولون عن هذه الخدمات العمومية، في نطاق دوائرهم الانتخابية ، أمام السكان الذين صوتوا عليهم. كما أنهم مكلفون بإطلاق وتنفيذ أوراش ومشاريع التنمية بمناطق نفوذهم لخلق فرص الشغل، وتوفير سبل الدخل القار للمواطنين.”

وأكد جلالته أن الأمر يتعلق ب” مهمة نبيلة وجسيمة، تتطلب الصدق والنزاهة وروح المسؤولية العالية، والقرب من المواطن، والتواصل المستمر معه، والإنصات لانشغالاته الملحة، والسهر على قضاء أغراضه الإدارية والاجتماعية. غير أنه في الواقع، يلاحظ تفاوت كبير في مستويات تدبير الشأن المحلي والجهوي.”

فإذا كانت كثير من الجماعات الترابية، تتمتع بنوع من التسيير المعقول، يقول جلالة الملك ، فإن هناك ، مع الآسف بعض الجماعات تعاني اختلالات في التدبير، من قبل هيآتها المنتخبة.

واستحضر جلالته في هذا السياق المشاكل التي تعيشها بعض المدن كالدار البيضاء مثلا، التي قال جلالته بخصوصها ” أعرفها جيدا، وتربطني بأهلها مشاعر عاطفية من المحبة والوفاء، التي أكنها لجميع المغاربة . فقد خصصت لها أولى زياراتي سنة 1999 ، مباشرة بعد جلوسي على عرش أسلافي المنعمين، بل ومنها أطلقت المفهوم الجديد للسلطة “.

وأضاف جلالته “منذ ذلك الوقت وأنا أحرص على القيام بجولات تفقدية لمختلف أحيائها للوقوف على أوضاعها. كم أتابع مختلف البرامج والمشاريع الهادفة لتجاوز الاختلالات التي تعيشها . واعتبارا لمكانة الدار البيضاء كقاطرة للتنمية الاقتصادية، فإن هناك إرادة قوية لجعلها قطبا ماليا دوليا. إلا أن تحقيق هذا المشروع الكبير لا يتم بمجرد اتخاذ قرار، أو بإنشاء بنايات ضخمة وفق أرقى التصاميم المعمارية.”

بل إن تحويل الدار البيضاء إلى قطب مالي دولي يتطلب ، يؤكد جلالة الملك ،أولا وقبل كل شيء ، توفير البنيات التحتية والخدماتية بمواصفات عالمية، وترسيخ قواعد الحكامة الجيدة ، وإيجاد إطار قانوني ملائم وتكوين موارد بشرية ذات مؤهلات عالية واعتماد التقنيات وطرق التدبير الحديثة . وتابع جلالته ” غير أن الدار البيضاء لا تجتمع فيها مع الأسف كل هذه المؤهلات رغم المجهودات الكبيرة على مستوى التجهيز والاستثمار، وخاصة ما يتعلق منها بالتأهيل الحضري.
وتساءل جلالته ” لكن لماذا لا تعرف هذه المدينة ،التي هي من أغنى مدن المغرب ، التقدم الملموس الذي يتطلع إليه البيضاويون والبيضاويات على غرار العديد من المدن الأخرى وهل يعقل أن تظل فضاء للتناقضات الكبرى إلى الحد الذي قد يجعلها من أضعف النماذج في مجال التدبير الترابي.
وسجل جلالة الملك أن الدار البيضاء “هي مدينة التفاوتات الاجتماعية الصارخة، حيث تتعايش الفئات الغنية مع الطبقات الفقيرة. وهي مدينة الأبراج العالية وأحياء الصفيح. وهي مركز المال والأعمال والبؤس والبطالة وغيرها، فضلا عن النفايات والأوساخ التي تلوث بياضها وتشوه سمعتها.”

وأوضح جلالة الملك أن أسباب هذا الوضع “عديدة ومتداخلة” فإضافة إلى ضعف نجاعة تدخلات بعض المصالح الإقليمية والجهوية لمختلف القطاعات الوزارية، فإن من أهم الأسباب،أسلوب التدبير المعتمد من قبل المجالس المنتخبة،التي تعاقبت على تسييرها والصراعات العقيمة بين مكوناتها، وكثرة مهام أعضائها، وازدواج المسؤوليات رغم وجود بعض المنتخبين الذين يتمتعون بالكفاءة والإرادة الحسنة والغيرة على مدينتهم.

ولخص جلالته هذه الأسباب بالقول “وبكلمة واحدة فالمشكل الذي تعاني منه العاصمة الاقتصادية يتعلق بالأساس بضعف الحكامة.” وفي هذا السياق أشار جلالته إلى أنه رغم أن ميزانية المجلس الجماعي للدار البيضاء تفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف تلك التي تتوفر عليها فاس أو مراكش مثلا، فإن المنجزات المحققة بهاتين المدينتين في مجال توفير وجودة الخدمات الأساسية تتجاوز بكثير ما تم إنجازه بالدار البيضاء.

وضرب جلالته مثلا بما يعرفه مجال التطهير من خصاص كبير، بحيث تظل المنجزات محدودة وأقل بكثير من حاجيات السكان، مقارنة بما تم تحقيقه بالرباط وفاس ومراكش ومدن أخرى.كما توقف جلالته ،على الخصوص، عند نسبة تصفية المياه المستعملة، “التي تبقى ضعيفة جدا، إذ لا تتجاوز 45 بالمائة بالدار البيضاء، في الوقت الذي تم الإعلان عن التطهير الكامل لمدينة الرباط، بنسبة بلغت 100 بالمائة ، سواء في الربط بقنوات الصرف الصحي، أو في مجال تصفية المياه المستعملة. كما تصل النسبة في هذا المجال إلى 100 بالمائة، بكل من فاس ومراكش.”

وشدد جلالته على أن هذا “الوضع المعقد يتطلب تشخيصا عاجلا، يحدد أسباب الداء، وسبل الدواء. ذلك أن تقدم المدن لا يقاس فقط بعلو أبراجها، وفساحة شوارعها، وإنما يكمن بالأساس، في توفير بنيتها التحتية، ومرافقها العمومية، وجودة نمط العيش بها.” وقال جلالته “وهنا أذكر بما قلته في أول خطاب، بعد تقلدنا أمانة قيادة شعبنا الوفي، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 1999، حيث أكدت أننا لا نملك عصا سحرية لحل جميع المشاكل. ولكننا سنواجهها بالعمل والجدية والضمير.
وهو ما ينطبق على الدار البيضاء. غير أن المسؤولين على تدبير الشأن العام بها، يتوفرون على الإرادة والعزم للنهوض بمدينتهم. وهو ما يتعين عليهم ترجمته على أرض الواقع.” وأمام ما تشهده العديد من المدن الكبرى والمتوسطة، والمراكز القروية، من اختلالات، دعا جلالة الملك الأحزاب السياسية، “لضرورة العمل على إفراز كفاءات ونخب جهوية جديدة، مؤهلة لتدبير الشأن العام المحلي، خاصة في ظل ما يخوله الدستور للجماعات الترابية من اختصاصات واسعة، وما تفتحه الجهوية المتقدمة من آفاق، وما تحمله من تحديات.

كما أهاب جلالته بالحكومة والبرلمان، “تفعيل المقتضيات الخاصة بالجهة والجماعات الترابية الأخرى، والإسراع بإقرار النصوص القانونية المتعلقة بها.” وأضاف جلالته أن الحكومة مطالبة بموازاة ذلك، ب”الإسراع باعتماد ميثاق اللاتمركز الإداري، ما دام الأمر يدخل ضمن اختصاصاتها، ولا يستلزم إلا إرادتها الخاصة. وهو الميثاق الذي سبق أن دعونا إليه عدة مرات.

اقرأ أيضا

مهرجان مقامات 2024: تقديم وتوقيع كتاب “ملحون وتشكيل” للكاتبة لبابة لعلج

الأربعاء, 3 يوليو, 2024 في 14:54

قدمت الفنانة التشكيلية والكاتبة لبابة لعلج، مساء أمس الثلاثاء بسلا، كتابها المعنون ” ملحون وتشكيل” الصادر باللغتين الفرنسية والعربية، وذلك في إطار الدورة 14 لمهرجان مقامات.

رفع الطاقة الاستيعابية لمجموعة من مطارات المملكة في أفق سنة 2035 (وزير النقل و اللوجيستيك)

الأربعاء, 3 يوليو, 2024 في 14:36

أكد وزير النقل واللوجيستيك محمد عبد الجليل، اليوم الأربعاء بالرباط ، أن المغرب سيعمل على توسيع مجموعة من المطارات وتجديدها من أجل الرفع من طاقتها الاستيعابية والوصول إلى 80 مليون مسافر في أفق سنة 2035 عوض 40 حاليا.

إصلاح القانون التنظيمي للمالية يهدف إلى تطوير السياسة المالية وتمكينها من ترجمة السياسات التنموية بالمملكة (فوزي لقجع)

الأربعاء, 3 يوليو, 2024 في 14:18

أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، اليوم الأربعاء بمجلس النواب، أن إصلاح القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية يهدف إلى تطوير السياسة المالية وجعلها قادرة على ترجمة السياسات التنموية بالمملكة.