عدم الاندماج المغاربي … الديمقراطية التونسية الفتية تدفع الثمن باهظا

عدم الاندماج المغاربي … الديمقراطية التونسية الفتية تدفع الثمن باهظا

الخميس, 19 مارس, 2015 - 15:40

الرباط – أسفرت العملية الإرهابية التي ضربت تونس أمس الأربعاء عن حصيلة بشرية ثقيلة، فضلا عن كونها استهدفت رمزية ثلاثية الأبعاد، همت الاقتصاد والسياسة والأمن.

فالمشهد المؤسف للاغتيال، بدم بارد، الذي طال 23 شخصا من الأبرياء، يخلف الحيرة إزاء الدوافع التي أدت إلى ارتكاب جرم بهذه الفداحة. غير أننا لا نستطيع غض الطرف عن الصلة بحالة الفوضى الأمنية العارمة التي يشهدها الجوار القريب، والمتسم بالفشل المزمن في تحقيق الاندماج الإقليمي الذي يفسح المجال أمام كافة التجاوزات.

فبالنظر لتوقيته، الذي يأتي أسابيع عقب الانتخابات التشريعية والرئاسية الحرة والنزيهة، فإن اعتداء تونس يحمل بوضوح بصمة المناوئين لانبثاق نموذج آخر للاستقرار والتناوب على السلطة، في قلب المنطقة المغاربية.

وإذا كان من الصعب التكهن بالجهة التي ستتبنى العمل الإرهابي، فإنه من اليسير، بالنظر لصداه الإقليمي، الإقرار باقترابه من المشاريع الظلامية لأولئك الذين يعملون على تأجيج سعير انعدام الاستقرار والانفصالية.

وبرأي بليغ نابلي، مدير البحث بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية، فإن الهجوم الإرهابي الذي استهدف السياح الأجانب بمتحف باردو يستند إلى خلفية تتسم بالفوضى على المستوى الأمني.

وأوضح الخبير أنه يتم استشعار العديد من التوترات منذ عدة أشهر على الحدود الجزائرية، التي تعد مسرحا لهجمات إرهابية، وكذا على الحدود مع ليبيا، منتقدا عدم السيطرة على تهريب الأسلحة عبر الحدود الشاسعة ومتعددة المنافذ.

هذا التهريب يجد، دون مفاجأة، أرضا خصبة بداية في ليبيا التي وقعت في براثن التفكك، ثم الجزائر الجارة ومالي، ثم لدى الخلايا الجهادية الناشطة أو النائمة المرتبطة بالتنظيم الأخطبوطي ل”الدولة الإسلامية” وتنظيم “القاعدة”. ونتذكر بهذا الصدد الإعدام الهمجي الذي تعرض له رهينة فرنسي عقب اختطافه من قبل مجموعة “جند الخلافة”، والتي تم اعتقال أحد أعضائها بالمغرب، الذي يعمل بجهد في مجال مكافحة الإرهاب.

غير أن بلدا واحدا لا يستطيع ادعاء قدرته على تحقيق اكتفاء ذاتي لربح المعركة شبه الوجودية ضد التهديدات الإرهابية والانفصالية من كافة التيارات التي تجتاح المنطقة.

ف”مخطئ أيضا من يتوهم أن دولة بمفردها قادرة على حل مشاكل الأمن والاستقرار”، كما أكد ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه التاريخي أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي التونسي في ماي الماضي.

وللسبب ذاته، يشير جلالة الملك، “فقد أكدت التجارب فشل المقاربات الإقصائية في مواجهة المخاطر الأمنية التي تهدد المنطقة”، في الوقت الذي تستمر فيه في تجاهل تطلعات شعوبها إلى الاندماج.

هذه الملاحظة تجد أساسا لها في الدور الانفرادي الذي يقوم به النظام الجزائري، المتشبث بفكر الهيمنة الموروث عن حقبة الحرب الباردة، وهي وجهة النظر التي تجهض، للأسف، أي تفكير عميق حول المستقبل المشترك للمنطقة المغاربية.

غير أن الجزائر، تظل، هي أيضا، هدفا لهجمات دامية، كان آخرها الهجوم الذي شنه جهاديون، في 2013، ضد منشآت بترولية في جنوب البلاد. هذا العمل الإرهابي الجسيم أظهر مدى هشاشة الدولة الجارة، من وجهة النظر الأمنية، فضلا عن الحاجة الملحة لتدعيم الروابط الأمنية في مواجهة الخطر الذي تمثل العناصر المنفلتة من السيطرة والمدربة على الانفصال في منطقة الصحراء الشاسعة.

والأمر ذاته ينطبق على مخيمات تندوف، التي أصبحت منطقة انفلات أمني حيث تلتقي وتمتزج الراديكالية، وتهريب الأسلحة والمخدرات والمساعدات الإنسانية المختلسة.

وعوض تنقل حر للأشخاص والممتلكات، فإن الأسلحة وأموال الفدية تعد، وللأسف، الوحيدة التي تتنقل وتعقد يوما عن يوم السبل أمام التحكم في المجال الجغرافي الشاسع لفضاء الصحراء.

هذه الأسباب وغيرها، جعلت صاحب الجلالة يجدد التأكيد بتونس على أن “الاتحاد المغاربي لم يعد أمرا اختياريا، أو ترفا سياسيا، بل أصبح مطلبا شعبيا ملحا وحتمية إقليمية إستراتيجية”.

(بقلم : عبد الله شهبون)

اقرأ أيضا

الجمعية العامة للأمم المتحدة.. اتفاق بشأن الإعفاء من التأشيرة بين المغرب وكازاخستان

الجمعة, 27 سبتمبر, 2024 في 8:15

وقع المغرب وكازاخستان، يوم الخميس في نيويورك، اتفاقية للإعفاء من التأشيرة.

رئيس الوزراء الفلسطيني يشيد بالجهود المتواصلة لجلالة الملك لصالح القضية الفلسطينية

الخميس, 26 سبتمبر, 2024 في 23:57

أعرب رئيس الوزراء، وزير الشؤون الخارجية لدولة فلسطين، محمد مصطفى، اليوم الخميس بنيويورك، عن شكره وامتنانه لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، على جهوده المتواصلة من أجل الشعب الفلسطيني.

المغرب يقود سياسة صناعية وطاقية طلائعية (المدير التنفيذي لـ “نكسانس”)

الخميس, 26 سبتمبر, 2024 في 23:38

أكد المدير التنفيذي لشركة “نكسانس”، كريستوفر غيرين، اليوم الخميس بالرباط، أن المغرب يضطلع بدور محوري في الكهربة المستدامة للقارة الإفريقية ويتموقع كقاطرة ورائد لسياسة صناعية وطاقية طلائعية.