اضطرابات في الأسواق العالمية بسبب الوضع السياسي الغامض في اليونان

( إعداد : عبد الرزاق طريبق )

أثينا – تسبب إعلان الحكومة اليونانية عن تقديم تاريخ انتخاب البرلمان لرئيس البلاد إلى 17 دجنبر الجاري، والمخاوف التي ينطوي عليها باحتمال عدم فوز مرشح الائتلاف الحاكم ما سيقود مباشرة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها، في اضطرابات بالأسواق العالمية اليوم الأربعاء.

فبعد تراجع حاد في الأسهم اليونانية في بورصة أثينا بأكثر من 11 في المائة، أمس الثلاثاء، سجل اليوم في لندن تراجع كبير في الأورو ب 5ر0 في المائة أمام الين الياباني، متراجعا إلى 40ر147 ين، وتخلى عن مكاسبه المبكرة أمام الدولار ليجري تداوله على انخفاض طفيف عند 2370ر1 دولار.

وفي سنغافورة سجل ارتفاع الذهب للجلسة الثالثة على التوالي اليوم وجرى تداوله قرب أعلى مستوى في سبعة أسابيع، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن متأثرين بالأزمة السياسية اليونانية.

وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.5 بالمئة إلى 1236.10 دولار للأوقية بحلول الساعة 07 و 18 دقيقة بتوقيت غرينتش. وقفز الذهب إلى 1238.70 دولار في الجلسة السابقة مسجلا أعلى مستوى له منذ 23 أكتوبر الماضي قبل أن يغلق مرتفعا باثنين بالمئة.

وفي اليابان تراجعت الأسهم اليابانية في ختام التعاملات اليوم مع ارتفاع الين الذي دفع المستثمرين إلى بيع أسهم الشركات المصدرة، بينما تقلصت شهية المستثمرين للمخاطرة بفعل مخاوف من الغموض السياسي في اليونان وهبوط أسعار النفط.

ونزل مؤشر نيكي القياسي 2.3 بالمئة ليغلق عند 17412.58 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ 28 نونبر.

وقررت الحكومة اليونانية بشكل مبكر دعوة البرلمان إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد ابتداء من 17 دجنبر الجاري، بعد أن كانت العملية مقررة ابتداء من فبراير المقبل.

واختار تحالف رئيس الوزراء انطونيس سامارانش كمرشح له المفوض الأوربي السابق في البيئة ستافروس ديماس والذي سيكون عليه الحصول على 180 صوتا في البرلمان من أصل 300 للفوز بمنصب الرئيس.

لكن التحالف لا يتوفر سوى على 155 نائبا وسيسعى بكل قوة إلى استمالة 24 نائبا مستقلا في البرلمان. وفي حال فشل انتخاب الرئيس، كما يتوعد بذلك تحالف سيريزا لأحزاب اليسار الجذري، قوة المعارضة الرئيسية، فإن البلاد ستسير مباشرة لانتخابات برلمانية سابقة لأوانها تشير استطلاعات الرأي إلى أن سيريزا سيصبح خلالها القوة السياسية الأولى في البلاد.

ويثير هذا السيناريو قلق المانحين والأسواق العالمية، حيث أن تحالف سيريزا يعد الناخبين برفض خطة الإنقاذ الأوربي لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية والتي ضخ بموجبها المانحون (البنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوربي) 240 مليار أورو في الاقتصاد اليوناني المنهك منذ 2010 .

ويحظى تحالف سيريزا بشعبية واسعة في أوساط الشعب اليوناني المنهك بفعل الأزمة الاقتصادية، وسط ارتفاع معدلات البطالة إلى 27 في المائة وتراجع الأجور ب 30 في المائة في المتوسط وفقدان الآلاف من الوظائف. ويعد سيريزا الناخبين برفض أداء ديون البلاد التي تبلغ حاليا 177 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ووقف إجراءات التقشف.

وفي خطاب تلفزيوني إلى الشعب اليوناني، قال رئيس الوزراء انطونيس سامرانس أمس الثلاثاء إن تقديم الانتخابات الرئاسية لشهرين كان الهدف منه “إزالة الشك واستعادة الاستقرار السياسي”، مشيرا إلى أنه عندما ينتخب البرلمان رئيسا للبلاد بنهاية السنة ستبدأ مرحلة جديدة تواجه فيها البلاد باستقرار مرحلة خروجها من برنامج الإنقاذ الأوربي والتي ستنتهي في فبراير المقبل.

وقرر وزراء مالية منطقة الأورو خلال اجتماعهم ببروكسيل يومي الاثنين والثلاثاء تمديد برنامج الإنقاذ الأوربي لليونان لشهرين إضافيين إلى نهاية فبراير المقبل. ويطالبون أثينا بمزيد من إجراءات التقشف والرفع من الضرائب لتفادي عجز ممكن في ميزانية 2015 تقدره الترويكا ب 3 مليارات أورو.

وكتبت صحيفة “تو فيما” في افتتاحيتها، اليوم الأربعاء، أن تسريع الانتخابات الرئاسية كان ضرورة ولكنه أيضا تحرك تكتنفه خطورة كبيرة مع فرص ضئيلة للنجاح تماما مثل مختلف القرارات المتخذة في آخر لحظة.

وأضافت أن فشل البلاد في انتخاب رئيس جديد سيقود بكل تأكيد إلى انتخابات تشريعية جديدة والتي لن تقدم بالضرورة الحلول المطلوبة، إذ أنها في المقابل سترسي أسس تعقيدات جديدة.

وحسب الدستور اليوناني، تجري عملية انتخاب الرئيس باقتراع نواب البرلمان، وبأغلبية ثلثي النواب، وفي حال فشل عملية الاقتراع الأولى تجري عمليتان أخريان خلال مدة خمسة أيام ما بين كل عملية. وفي حال فشل انتخاب الرئيس يحل البرلمان وتجرى انتخابات تشريعية جديدة.

هذا وفي حال لم يتوفر توافق على اسم الرئيس المقبل خلال اقتراع 17 دجنبر سيضطر البرلمان لإجراء تصويت ثان في 22 دجنبر ثم ثالث في 27 دجنبر.