متحف 20 غشت بخريبكة .. من رمز لسلطة الاستعمار الفرنسي إلى فضاء لحفظ الذاكرة الوطنية

(المصطفى الناصري)

خريبكة – يعد متحف 20 غشت للمقاومة وجيش التحرير بخريبكة فضاء تربويا وتثقيفيا ومتحفيا لصيانة الذاكرة التاريخية للحركة الوطنية بالمدينة، بعدما كان مقرا للشرطة الفرنسية في الفترة الاستعمارية.وتتمثل الرمزية التاريخية لهذا المتحف، الذي كان إبان الفترة الاستعمارية مقرا للمراقب المدني الفرنسي ليتحول فيما بعد إلى مقر للشرطة الفرنسية، في توفره على معطيات لتاريخ الحركة الوطنية بخريبكة وتخصيصه لفضاءات للزوار والمهتمين الراغبين في الاطلاع على حقبة مهمة من التاريخ المعاصر للمغرب.
ويجسد هذا الفضاء، الذي رأى النور بفضل انخراط المندوبية في نهج سياسة خلق شبكة من المتاحف الجهوية والإقليمية الهادفة إلى صيانة الذاكرة الوطنية والتعريف بأمجاد ملحمة العرش والشعب في سبيل تحقيق الاستقلال والوحدة الوطنية، ترجمة حقيقية لتاريخ نضالي لأهالي المدينة في مقاومة المستعمر.
ويندرج إحداث المتحف، الذي جاء كنتيجة لعمل تشاركي بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والسلطات المحلية، في إطار الجهود الموصولة للمندوبية لصيانة الذاكرة التاريخية والتراث النضالي وإشاعة ثقافة الوطنية والمواطنة الايجابية بين صفوف الشباب والأجيال الصاعدة.
ويوفر المتحف لهذا الغرض خزانة تعنى بالجانب التوثيقي لملحمة كفاح الملك والشعب من أجل الاستقلال وذلك من خلال تقديمها لرصيد وثائقي متنوع يتناول بشكل عام منشورات وزارة الثقافة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ودراسات موجهة للتلاميذ والطلبة والباحثين والمهتمين بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالمغرب.
واعتبارا لأهمية الوسائل والتقنيات الحديثة في تعزيز المعرفة بالتاريخ الوطني وتقريبه من مختلف الفئات الاجتماعية، يوفر المتحف قاعة متعددة التخصصات لعرض الأشرطة الوثائقية السمعية والبصرية المتعلقة بفترة الكفاح الوطني يتم بثها في تخليد الذكريات الوطنية والمحلية وأثناء تنظيم زيارات مفتوحة للتلاميذ وعموم المواطنين، وقاعات للعروض والمحاضرات واللقاءات التربوية.
ويضم الفضاء المتحفي 20 غشت بخريبكة، الذي فتحت أبوابه في وجه الزوار بمناسبة الاحتفال بالذكرى 32 لانطلاق المسيرة الخضراء والذكرى 52 لعيد الاستقلال (12 نونبر 2007 )، قاعة للعرض تضم إرثا وتراثا غنيا ومتميزا من صور ووثائق تاريخية مهمة وأربعة أروقة تشمل 22 صورة لملوك الدولة العلوية الشريفة مرتبة ترتيبا كرونولوجيا.
ويتوفر المتحف أيضا على رواق صور أحداث الحركة الوطنية والمقاومة وأعضاء جيش التحرير والتي تؤرخ للأحداث المرتبطة بالحركة الوطنية والمحلية والكفاح المسلح من أجل الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية، وكذا رواق خاص بالوثائق التاريخية وتضم مخطوطات وظهائر لسلاطين وملوك الدولة العلوية ورسائل فقهية ومتون، وآخر خاص بالمادة الاثنوغرافية (أدوات وأسلحة عسكرية وأواني ترجع إلى فترة الكفاح الوطني) وخرائط توضح أشكال المقاومة.
وقال النائب الجهوي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وجيش التحرير محمد سعيدون ، إن الفضاء المتحفي بخريبكة، الذي شيد على مساحة 600 متر مربع مغطاة ، يشكل إلى جانب عدد من المتاحف التي أحدثتها المندوبية فضاء حاضنا للذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية المشعة لثقافة وقيم الوطنية والمواطنة الايجابية.
وأوضح ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الفضاء هو رمز للموروث التاريخي الوطني المرتبط بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة الذي يمكن الأجيال الصاعدة من الاطلاع على تاريخهم وتراثهم وتعرفهم على نمط حياة نساء ورجال الحركة الوطنية وجيش التحرير من خلال المخطوطات والوثائق والأزياء والأدوات المعروضة.
وأبرز أن المتحف يقوم بدور طلائعي في تثبيت وصيانة الذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية ونقلها إلى عموم الناشئة للتعرف على تضحيات المقاومين إبان فترة الاستعمار.