المواقع الالكترونية بالرشيدية ..بين العمل التطوعي والسعي الى مأسسة فعل اعلامي محترف يتفاعل مع الشأن المحلي

إعداد علي الحسني

الرشيدية- عناوين إلكترونية مختلفة لخدمة إعلامية محلية واحدة تلك هي السمة الابرز للمنابر الاعلامية الالكترونية على امتداد الخريطة الجغرافية لإقليم الرشيدية والتي تتأرجح بين العمل التطوعي ومحاولة مأسسة فعل إعلامي محترف يتفاعل مع الشأن المحلي .

فالمتتبع لواقع الاعلام المحلي بالإقليم يرى أن هناك حركية غير مسبوقة في بروز قاعدة عريضة من المهتمين بالإعلام الإلكتروني الذي يتناول الشؤون المحلية بمختلف تمظهراتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والرياضية والتربوية بغاية الاسهام في التعريف بالمنطقة التي شهدت تحولات شملت مختلف المجالات.

فوجود أزيد من عشرة مواقع الكترونية تهتم بالقضايا والاحداث المحلية عبر مختلف الأجناس الإعلامية (الروبورتاجات والتحقيقات والتحليلات الخبرية..)، وبتوثيق الأحداث والوقائع من خلال الفيديو والصور، أغنت المشهد الاعلامي المحلي، يتعاطى البعض منها مع الخبر بدقة واحترافية فيما البعض الاخر يجتر التجارب الإعلامية الموجودة حاليا في المشهد الإلكتروني المحلي.

غير أن المتتبعين لشأن الصحافة الإلكترونية بالاقليم يعتبرون أن هذا النوع من الاعلام لم يرق بعد إلى مستوى الصحافة المحترفة، مفسرين ذلك بكون المواقع الإلكترونية التي تمثل هذه الصحافة تسهر على إدارتها مبادرات شخصية تنقصها التجربة ولا تنشط في إطار مقاولات صحفية محترفة.

وأكد عدد من العاملين في مجال الصحافة الإلكترونية المحلية، في تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للانباء، أن جزءا كبيرا من هذه الصحافة لا يستجيب للمعايير المتعارف عليها في مجال الإعلام الإلكتروني والمتعلقة أساسا بتناول الأحداث والوقائع بكل موضوعية ومصداقية ومهنية، مع احترام أخلاقيات المهنة دون إدخال ذاتية الصحافي، كما أن حضور التغطية الاعلامية بالاقليم على صعيد الشبكة العنكبوتية يظل محتشما ولا يمثل بتاتا القيمة البشرية والتراثية والمؤسسية والثقافية والتاريخية للمنطقة دون الحديث عن الخط التحريري والتحيين الذي يظل إشكالا حقيقيا يعوق استمرارية بعض المواقع.

وفي هذا الاطار، قال حفيظ كرومي، محرر ب(جريدة الرشيدية 24 ) إنه من الصعب جدا تحديد توجه الخط التحريري للإعلام الالكتروني بالاقليم، وأيضا الكشف عن الخلفيات المحركة له ومنطلقات إنتاجه، مضيفا أن ما يطبع غالبية الصحف الالكترونية اعتمادها على إمكاناتها الذاتية ، وهذا ما يضعها بين “مطرقة عدم ديمومة التطوع في التجربة الإعلامية وسلطة الهيئات والمنظمات ذات التوجهات-على قلتها-“، خاصة وأن الإقليم يعاني من شح إن لم يكن انعدام، ثقافة الاشهار لدى مختلف الشركات ، مما يجبر الاعلام المحلي على اتباع توجه محدد قد لا يتسم بالاستقلالية التامة أو بالحياد المطلوب في تغطية الأحداث والمستجدات.

وأبرز كرومي، في هذا الاطار، غياب منتوج صحفي مختلف الأجناس، ذلك “انه عندما ننظر لأغلب المواقع بالاقليم نجدها مستنسخة”، معتبرا أن الساحة الإعلامية المحلية لا يمكنها أن تثرى إلا بتعدد الممارسات الصحافية وتنقيلها من الانتقائية نحو الاحترافية مع الاحتفاظ بالحياد المهني المطلوب، وهذا بالطبع لن يتأتى إلا بوجود عائدات مادية تكفي لتسديد المصاريف وتمويل التحقيقات الصحفية – على وجه التحديد – مع تعزيز ثقة الشركات والمقاولات في الصحافة الالكترونية لتوزيع إعلاناتها.

وعن تأسيس اعلام محلي يعكس واقع المنطقة وتطلعاتها، أبرز الفاعل الاعلامي ان الاقليم شهد مجموعة من التجارب التأطيرية لحقل الصحافة الإلكتروني، لكن هذه التنظيمات المهتمة بالإعلام أو بالاعلام الرقمي -على الخصوص- لاترقى أولا لتطلعات الصحافيين الالكترونيين أو ممارسي هذه المهنة، وثانيا لتطلعات المتتبع والمتلقي المحلي، مشيرا الى ان الاعلام المحلي “يعاني الخلط وغياب رؤية حيادية” تسهم في تأصيل الممارسة الصحفية وفي مأسسة مشهد إعلامي محلي يحترم قواعد وأصول المهنة، دون أن يكون متحدثا باسم الأحزاب السياسية أو مكلفا بالإشهار للجمعيات والهيئات النقابية والحزبية.

وسجل كرومي، في السياق، النقص الكبير الحاصل على مستوى تكوين الصحافيين، ممارسي الصحافة الالكترونية بالاقليم، داعيا الى تنظيم دورات تكوينية لفائدة المشرفين على المواقع تؤهلهم لخلق منتوج صحفي يرقى الى مستوى التطلعات.

أما مدير موقع (جديد أنفو)، سعيد أوعشى، فتطرق الى تجربة منبره الاعلامي الذي اعتبره متميزا لكونه “يلامس قضايا وهموم وتطلعات الساكنة المحلية”، فضلا عن اهتمامه بالموروث الثقافي المحلي خاصة وبمنطقة الجنوب الشرقي بصفة عامة.

وأكد في هذا الصدد أن هذه الجريدة الالكترونية وضعت ضمن أولوياتها منذ تأسيسها مطلع السنة الجارية “إزالة الحيف الإعلامي الذي تعاني منه المنطقة وذلك بالانخراط في التعريف بقضايا الساكنة وإبراز هشاشتها الاجتماعية والاقتصادية”، مشيرا الى أن الاعلام المحلي رغم ما يشوبه من نقص على مستوى الاحترافية قد ساهم بشكل كبير في إبراز المنطقة والترويج لها وإشعاعها على المستوى الخارجي.

واعتبر أوعشى، الذي يشتغل أستاذا لمادة الفنون التشكيلية، أن العمل التطوعي يظل السمة المهيمنة على التجارب الإعلامية الموجودة حاليا في المشهد الإلكتروني المحلي، وذلك في غياب الدعم وقانون منظم للصحافة الإلكترونية، مؤكدا أن هذا المولود الجديد يتحرى الجدية والصدقية في بث الأخبار.

وأكد مدير موقع (تافيلالت نيوز) عبد العالي عبد ربه، بدوره، أن بعض الجرائد الالكترونية المحلية تفتقد المصداقية والموضوعية، بل إن أغلبها تكاد تكون متشابهة الى حد التطابق على مستوى الشكل والمضمون مما جعلها مجرد “أسماء بلا مسميات”، مشيرا في هذا الاطار الى غياب ولو حد أدنى من اخلاقيات المهنة في عمل بعض المشرفين على تلك المواقع.

وللنهوض بواقع الاعلام المحلي حتى يضطلع بالدور المنوط به، دعا مدير الموقع، الذي يشتغل أستاذا بالتعليم الاعدادي ومراسلا صحفيا، الى تكثيف الدورات التكوينية في مختلف الجوانب المهتمة بالعمل الصحافي.

ويبقى السؤال مطروحا لمزيد من النقاش حول الدور المنوط بالاعلام الالكتروني المحلي في ظل غياب الإطار القانوني المنظم للنشر في هذا الاطار، وحول القيمة المضافة لهذه المواقع، ومدى إغنائها للرأي العام المحلي ونجاحها في إثارة فضوله المعرفي، ومدى إمكانية نجاح اندماج المواقع المحلية تحت عنوان واحد مشكلة منبرا اعلاميا مسؤولا وفاعلا، وموقع هذا الإعلام في ظل الجهوية المتقدمة.