آخر الأخبار
السنغال : بائعات السمك بقرية يوف .. مناضلات يكافحن من أجل كسب قوت أسرهن اليومي

السنغال : بائعات السمك بقرية يوف .. مناضلات يكافحن من أجل كسب قوت أسرهن اليومي

الخميس, 3 يوليو, 2014 - 12:09

(بقلم : سمير لطفي)

دكار- بابتسامتهن الدائمة التي تقاوم ثقل السنوات لدى بعضهن، وتعقيد المشاكل والانشغالات اليومية، وصعوبة الحياة بشكل عام، لدى الغالبية، لا تستسلم النساء بائعات السمك بقرية يوف السنغالية، بضاحية دكار. فقد اعتادت هؤلاء “المناضلات دون كلل”، مواجهة الحياة بشجاعة وخاصة بجرعة كبيرة من التفاؤل، إذ أن المهمة صعبة للغاية، وتتمثل في تلبية الحاجيات اليومية لأسرهن.
مجتمعات، وكل يوم منذ ساعات اليوم الأولى، ضمن مجموعات على الشاطئ المحاذي لقرية الصيادين بيوف، المكان الذي يشتهر بتنوع ولكن أيضا جودة الأسماك المعروضة للبيع، تنصهر هؤلاء النسوة ضمن أسرة واحدة حيث يسود التضامن والتعاون، فهن يعتبرن أن الصعوبات هي نفسها وأن القوة لا يمكن أن تتأتى إلا عن طريق الاتحاد.
تدرك هؤلاء النسوة، اللائي يبرهن عن حس عال من المسؤولية والإصرار وخصوصا الجدية، جيدا كيفية كسب قوت يومهن وإعالة أسرهن بكل كرامة وتفان. هن أيضا واعيات بجسامة المسؤولية التي تقع على عاتقهن، والمتمثلة في الاهتمام بطلبات المنزل لدى عودتهن، وإطعام الأطفال والتدبير المنزلي فضلا عن الاستجابة للحاجيات غير المتناهية لأقاربهن، والتي تنجم بالأساس عن غلاء المعيشة.
لا تنحني هؤلاء النسوة اللائي خبرن صعوبة الحياة، أمام إكراهات الواقع اليومي، إذ لا مكان للتشاؤم واليأس. فرغم أنهن يحملن بشكل دائم هاجس التمكن من ضمان النفقات اليومية وإعالة أسرهن، لا يضم قاموسهن سوى الانكباب على العمل وعدم الغش وخصوصا، الإيمان بالله وطلب عونه، أما بقية الأمور، فهي تنصلح بشكل تدريجي.
عند مدخل قرية الصيادين، تذهب نساء من كافة الأعمار، سواء في الأيام العادية أو خلال أيام شهر رمضان الفضيل، للقاء الزوار الباحثين عن أسماك ذات جودة وبأثمان زهيدة. هنا في يوف، الاستقبال يتم بشكل خاص: ابتسامة عريضة تعلو المحيا، على الرغم من أنها تخفي في الغالب حزنا دفينا، وسيل من كلمات الترحيب التي تنهال من كل صوب بلغة الولوف المحلية، مفعمة بالطيبة التي يشتهر بها أبناء السنغال.
بين البائعات أو اللائي ينشغلن بتنظيف السمك، وبائعات الأكياس البلاستيكية أو الثلج أو الحلويات والعصائر التقليدية أو الماء بكل بساطة، لا تستسلم هؤلاء النسوة، وتجبن الشاطئ طولا وعرضا، غير عابئات بحرارة القيظ في هذه الأيام، همهن الوحيد أن يتمكن من كسب بضع فرنكات تؤمن قوتهن اليومي.
أما البعض الآخر، فلم يجد خلال بقية أيام السنة، أفضل من تهيئة فضاءات صغيرة لمزاولة أنشطة المطعمة التقليدية، مع لائحة طعام لإفطار يتكون غالبا من فطائر على الطريقة السنغالية وسندوتشات تقدم مرفوقة بالقهوة التقليدية “قهوة توبا” أو الشاي السنغالي “أتايا”.
وخلال الغداء، تلوح في الأفق بوادر منافسة شريفة، تدفع ب”أصحاب المطاعم” إلى التفنن في تنويع الوجبات، من أطباق السمك المقلي إلى مختلف وصفات الأرز على الطريقة السنغالية، ولكن أيضا في اقتراحات الأسعار التي يجب تطبيقها على زبناء يتعين كسب وفائهم لضمان تدبر جزء من المداخيل اليومية.

في (يوف)، كما هو الشأن في غيرها من قرى الصيادين بالسينغال، يبرز التضامن باعتباره أهم وأسمى القيم والخصال التي تسود فوق ما سواها. ولعل هذا ما يفسر قدرة الجميع على ضمان لقمة العيش في إطار من الاحترام والكرامة.

ويعتقد الجميع، انطلاقا من الصياديين وانتهاء ببائعي وبائعات السمك، أن البحر خلق من أجل ضمان الغذاء للجميع، بدون استثناء، وبالتالي ليس من قبيل الصدفة أن يقوم مالكو قوارب الصيد بتخصيص جزء هام من حصيلة صيدهم في نهاية كل يوم لفائدة الفقراء والمحرومين ونساء القرية.
كما يبرز هذا الحس التضامني بقوة لدى بائعات السمك أنفسهن، ذلك أنهن لا يدخرن أي جهد من أجل تمكين الفقراء والمعوزين من جزء غير يسير من بضاعتهن.
وتؤكد بائعة السمك فاطمتو (34 سنة)، في هذا الصدد، أن “سمكة من الحجم المتوسط لا تكلف شيئا، ولكنها قادرة على إطعام شخص محتاج. إذا كان كل شيء هنا ملك لله تعالى، فلماذا لا نساعد المحتاجين ونخفف من معاناتهم”.
ومن جانبها، تشدد مام رقية (55 سنة)، وهي ربة أسرة تتولى منذ سنوات تنظيف السمك بهذه القرية، على أن “الجميع يؤمن هنا بضرورة أن يتمكن الكل من الحياة وضمان حصوله على الغذاء . البحر هبة للجميع من الله ، ولا يخص فئة بعينها من الأشخاص ولاسيما الأغنياء منهم. بإمكان الجميع الحصول على قوته هنا. الله تعالى كريم، لماذا لا يكون الأفراد كذلك؟”.
ويبدو أن كرم وطيبة بائعات السمك بمنطقة (يوف) لا تقتصر على الفقراء والمحتاجين فقط، وإنما يكون لزبنائهن نصيب منها ايضا، وذلك في ارتباط بأهمية الكميات التي يقومون بشرائها أو بتوفر العرض من الأسماك والمنتوجات البحرية والذي يرتبط في غالب الأحيان بالظروف المناخية الملائمة للصيد أو فصول السنة.
وفي ظل هذه الأجواء، فمن النادر أن تصادف منظرا لبائع سمك هو يضع بضاعته في الميزان، ذلك أن عمليات البيع والشراء في (يوف) تتم بالقطعة او الكمية بعد مناقشات عابرة ومحدودة حول السعر ، لاسيما وأن البائعات يتوفرن على دراية واسعة بالأسعار المعتمدة في اسواق العاصمة دكار والمحلات التجارية الكبرى، ويعلمن علم اليقين أن أسعار بضاعتهن تعد الأرخص مما يجعلها في متناول الجميع.
في (يوف)، كما في غيرها من قرى الصيادين بضواحي دكار ونواحيها، فإن الجميع قادر يوميا على إبرام صفقات مربحة لجميع الأطراف (البائع والمشتري)، وبالتالي التمتع بسعادة وبهجة، ضمان لقمة العيش، باحترام وكرامة رغم قلة الموارد والإمكانيات.
وحري عن التذكير بأنه في إطار السياسة التي تنهجها الحكومة السينغالية للنهوض بقطاع الصيد ولاسيما الصيد التقليدي، فقد تم وضع استراتيجية لتثمين قرى الصيادين ومختلف نقط تفريغ السمك، عبر تعزيزها بالتجهيزات الضرورية وخاصة منها وحدات التبريد والتجميد ووحدات المراقبة الصحية ونقط البيع والتسويق، مع الحرص على إيلاء عناية خاصة لتعميم شروط النظافة والصحة. ومن شأن هذه الاستراتيجية أن تساهم في تحسين ظروف عمل وعائدات مختلف الفاعلين في القطاع.

اقرأ أيضا

الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 12:57

رفع الستار مساء أمس الخميس بمدينة الرياح، على فعاليات النسخة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية الذي يعد موعدا ثقافيا مميزا فرض نفسه منذ حوالي عشرين سنة ضمن الأحداث الفنية الكبرى.

المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 10:12

استضافت العاصمة الاقتصادية، التي تعد جوهرة الهندسة المعمارية الحديثة بالمغرب، مساء أمس الخميس بحديقة الجامعة العربية، مائدة مستديرة خصصت لتسليط الضوء على فن “الآرت ديكو”، الذي يعد طرازا معماريا يجسد جزءا أساسيا من تراث مدينة الدار البيضاء.

الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 9:33

اختتمت، يوم الخميس بالدار البيضاء، أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية، وذلك بعد يومين من النقاشات العلمية التي تمحورت حول موضوع “الملكية الفكرية وتحديات الذكاء الاصطناعي”.