شارع “فينتي إي سينكو دي مارسو” بساو باولو.. مهد الحضور العربي في البرازيل

شارع “فينتي إي سينكو دي مارسو” بساو باولو.. مهد الحضور العربي في البرازيل

الثلاثاء, 17 يونيو, 2014 - 11:19

(مبعوث الوكالة إلى ساو باولو: هشام الأكحل)

ساو باولو – يشكل شارع “فينتي إي سينكو دي مارسو” (25 مارس) أو “فينتي إي سينكو”، كما يحلو لسكان ساوباولو أن يلقبوه، مهد الحضارة العربية بالبرازيل، حيث استقر الرعيل الأول من العرب المهاجرين إلى هذا البلد الجنوب أمريكي.
ويعتبر شارع 25 مارس في مدينة ساو باولو، العاصمة الاقتصادية للبرازيل، أكبر شوارع المدينة اكتظاظا بالمارة وأكثرها نشاطا وحركة؛ وذلك بحكم تواجد عدد كبير من المحلات التجارية التي يقصدها نحو مليون شخص يوميا.
ويحيل تاريخ “25 مارس” على ذلك الشارع التجاري الشهير والمعروف أيضا ب”شارع العرب”، الممتد على مساحات شاسعة شكلت فضاء مفتوحا لعمليات البيع والشراء والاستيراد والتصدير في أكبر سوق في أمريكا اللاتينية.
ويمتد “فينتي إي سينكو” من منطقة “بولاسوزا” إلى ساحة “بيدرو الثاني” على مساحة تقدر بعدة هكتارات وسط مدينة ساوباولو. وبدأت شهرة هذا الشارع منذ القرن 19 عندما اختار التجار العرب من مختلف الأديان، الاستقرار بالبرازيل لبدء حياتهم المهنية كباعة متجولين، قبل أن يتحولوا مع مرور الوقت إلى تجار وملاكين لأكبر المتاجر بالبلاد.
وتشير الوقائع التاريخية إلى أن افتتاح أول متجر بهذا الشارع يعود إلى سنة 1887 من قبل اللبناني بنيامين جافيت، ليستمر بعد ذلك توافد المهاجرين العرب، من سورية، ولبنان، والعراق، وفلسطين، ومصر، والأردن والمغرب، معظمهم اختار الاستقرار بساوباولو وامتهان أنشطة مرتبطة بالتجارة.
وقد هاجرت الشعوب العربية إلى دول أمريكا اللاتينية لأسباب اجتماعية واقتصادية، أو بحثا عن فرص عمل وظروف معيشية أفضل، وكانت البرازيل واحدة من البلدان التي فتحت أبوابها لجميع الثقافات والديانات ومنحتها فضاء للتعايش بكل انسجام.
ومع مرور الوقت ذاعت شهرة شارع “فينتي إي سينكو” من خلال تنوع المنتوجات التي يعرضها، وانخفاض أسعار هذه المنتجات مما جعلها في متناول شرائح مختلفة من المجتمع.
وسرعان ما تحولت “فينتي إي سينكو” إلى وجهة يقصدها الجميع وفضاء لا محيد عنه من أجل القيام بجميع عمليات البيع والشراء وذلك بفضل وجود أزيد من أربعة آلاف نقطة بيع تعرض من المنتوجات أجودها وبأسعار لا يختلف الزبناء في وصفها بالمعقولة.
فبإمكان الجميع أن يجد ضالته في هذه السوق التي يجتهد أصحابها في توفير جميع المواد ومختلف السلع من ملابس رياضية ولوازم مكتبية وأقمشة ومنتجات الصناعة التقليدية ومجوهرات وعطور واكسسوارات مختلفة وأجهزة إلكترونية، إلى جانب مواد غذائية ولعب للأطفال وقطع غيار وأدوات إلكترونية. كما أن المكان لا يخلو من مطاعم تمنح الزائر فرصة تناول أشهى الأطعمة البرازيلية وبأثمان معقولة.
وتحظى هذه السوق بشعبية كبيرة لدى الزوار، الذين يحتارون بشأن ما يرغبون في اقتنائه؛ لوجود هامش كبير من الاختيار، تعززه الأسعار المناسبة التي تقل أربع مرات عما يمكن أن تكون عليه في مناطق أخرى بمدينة ساو باولو نفسها.
ويشكل فضاء “فينتي إي سينكو” الوجهة المفضلة، أيضا بالنسبة للتجار الراغبين في بيع بضائعهم على وجه السرعة، “فلا تسمع إلا هل لديك المزيد من هذه السلع” لكثرة الطلب من قبل الزائرين الذين ينصهرون مع وفود تجار التقسيط القادمين من مدن برازيلية أخرى.
وسواء خلال عطل نهاية السنة أو خلال الأيام العادية، تستقبل السوق منذ ساعات الصباح الأولى إلى المساء أزيد من مليون زائر يوميا، حيث يصبح مكتظا عن آخره، ويصعب معه المرور بين الحشود المتحركة جيئة وذهابا.
وتستمد هذه السوق التجارية التي ترتادها جميع الطبقات الاجتماعية بسبب الأسعار الجذابة، نجاحها من موقعها الاستراتيجي وسط مدينة ساوباولو، وقربها من محطات مترو الأنفاق، مما يسمح للزوار بالولوج للتسوق دون كثير عناء.
وفي تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، يقول فريت اسفلو ريندو، مساعد تاجر، أن المكان يعج بالعديد من أفراد الجالية العربية، خاصة من سورية ولبنان، مع وجود عدد آخر لا يستهان به من الأسيويين، مضيفا أنه يشتغل لحساب تاجر لبناني لأزيد من 30 سنة.
وأوضح أن سوق “فينتي سينكو” تطورت كثيرا، وتشهد الآن رواجا كبيرا جعل منها مركزا تجاريا يغري زوار مدينة ساو باولو وساكنتها بالتسوق واقتناء كل ما يرغبون فيه، لافتا الانتباه إلى أنه يتوقع أن تستمر هذه السوق في أوج ازدهارها خلال السنوات المقبلة لأن لها زبائن أوفياء، وشهرتها ذاعت في الآفاق، خاصة على مستوى أمريكا الجنوبية.
أما فرج حسن عبد الله، الذي جاء من لبنان إلى البرازيل ذات خريف من سنة 1970 ، فيقول إن الحضور العربي بمنطقة “فينتي سينكو” قوي جدا، وأصبح أبناء الجالية العربية ملاكين لأغلب المتاجر المتواجدة في هذه السوق التي يعود تواجدها لأزيد من نصف قرن من الزمن، مضيفا أن أحفاد الرعيل الأول من العرب الذين هاجروا إلى البرازيل يتولون استقبال نحو مليون زائر يوميا وتوفير كل ما يبحثون عنه من مقتنيات.
لكنه شدد على أن الحصول على متجر داخل سوق “فينتي إيسينكو” قد يكلف اليوم أزيد من مليون دولار، وهو السعر الذي كان يمكن من الحصول على عشرات المتاجر قبل خمسين سنة خلت.
وتكريما للعرب المقيمين بالبرازيل والذين جعلوا من شارع 25 مارس أكبر مركز تجاري في أمريكا اللاتينية وواحدا من أهم مناطق الجذب السياحي بساو باولو، فقد تم إقرار يوم 25 من مارس يوما وطنيا للجالية العربية، وذلك بموجب مرسوم رئاسي صودق عليه في غشت من سنة 2008 اعترافا بأهمية الحضور العربي بالبرازيل ومساهمته في تنمية البلاد.
ويعد إقرار 25 من مارس يوما وطنيا للجالية العربية اعترافا بالجميل لرجال ونساء قدموا إلى البرازيل منذ أزيد من 133 سنة، يصل عددهم اليوم إلى نحو 12 مليون نسمة، ويستقر أزيد من 2,5 مليون منهم بولاية ساو باولو، بالجنوب الشرقي للبلاد.
عندما حل العرب في نهاية القرن 19 بالبرازيل لم تكن لديهم نية الاستقرار بشكل دائم بهذا البلد بل كانوا ينوون تحسين أوضاعهم المادية، ومن ثمة العودة إلى بلدانهم، لكنهم استسلموا لغواية وسحر بلاد الصامبا، فلم يغادروها منذئذ، وانغمسوا وسط مجتمع جديد مؤثرين فيه من خلال العديد من المجالات أبرزها وأعمقها تأثيرا الطبخ والأدب والسينما.

 

اقرأ أيضا

أولمبياد باريس 2024/كرة القدم-رجال (الجولة الثانية).. المغرب ينهزم أمام أوكرانيا (1-2)

السبت, 27 يوليو, 2024 في 18:22

انهزم المنتخب الوطني المغربي الأولمبي أمام نظيره الأوكراني بنتيجة (1-2)، في اللقاء الذي جمع بينهما، اليوم السبت على أرضية ملعب جيوفروي غيشار بمدينة سانت إتيان، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية في إطار منافسات كرة القدم (رجال) برسم الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

أولمبياد باريس.. الوفد الرياضي المغربي عازم على تحقيق مشاركة متميزة (السيد بنموسى)

السبت, 27 يوليو, 2024 في 17:17

أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، اليوم السبت بباريس، أن الوفد الرياضي المغربي في الألعاب الأولمبية بباريس 2024 معبأ وعازم على تحقيق مشاركة متميزة خلال الألعاب الأولمبية 2024.

الداخلة تعيش على إيقاع الدورة ال16 للمهرجان الوطني للأغنية الحسانية

السبت, 27 يوليو, 2024 في 17:11

انطلقت مساء أمس الجمعة بالداخلة، فعاليات الدورة ال16 للمهرجان الوطني للأغنية الحسانية، وذلك في إطار الاحتفالات المخلدة لذكرى عيد العرش المجيد.