الانتخابات المحلية بأوكرانيا.. الاختبار الأول لحزب الرئيس زيلينسكي

(لمياء ضاكة)

كييف – يتوجه الناخبون الأوكرانيون يوم غد الأحد إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية، وذلك بعد أزيد من سنة على التغييرات الجذرية التي شهدها المشهد السياسي الأوكراني خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ما يضفي على هذه المحطة الكثير من الأهمية تتجاوز بعدها المحلي.

وبالرغم من الطابع المحلي لهذا الاقتراع، إلا أنه يضع الرئيس الحالي فولوديمير زيلينسكي وحزبه “خادم الشعب” أمام العديد من التحديات كونه أول محطة انتخابية له بعد توليه زمام السلطة بالبلاد (ماي 2019)، سيتم خلالها تقييم مدى رضا المواطن الأوكراني على إدارة الشأن العام، وفي مقدمة ذلك تدبيره لأزمة “كوفيد -19” وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، وأيضا الوفاء بالتزاماته بمكافحة الفساد، والمواجهة مع روسيا في منطقة الدونباس، وأيضا التقارب مع الاتحاد الأوروبي وانفتاح البلاد على شركاء دوليين.

وبحسب عدد من المراقبين، فإن تنظيم إدارة زيلينسكي للانتخابات الحالية في موعدها رغم أزمة وباء “كوفيد -19” واحتمال مواجهة البلاد لموجة ثانية، يفسر على أنه حرص من هذه الإدارة على التأكيد للمجتمع الدولي أن البلاد متشبثة بالنهج الديمقراطي، وأن إجراء هذه الانتخابات بأجواء سليمة هو مرتكز أساسي من مرتكزات التغيير الذي تنشده أوكرانيا الطامحة لعضوية حلف شمال الأطلسي ( الناتو).

وتؤكد سلطات البلاد على أن لجنة الانتخابات المركزية حريصة على توفير الظروف الملائمة لتنظيم هذا الاستحقاق بطريقة آمنة، ولاسيما إعداد الموظفين ومراكز الاقتراع، وذلك بالتزامن مع الارتفاع المقلق لعدد الإصابات بالفيروس في أوكرانيا منذ رفع الحجر الصحي في يونيو الماضي، ولو تراجع معدل الوفيات بشكل نسبي.

ويتمثل التحدي الثاني لزيلينسكي في إجراء الانتخابات في منطقة الدونباس المتنازع عليها مع روسيا؛ إذ من المهم بالنسبة لشعبية الرئيس الحالي تنظيم الانتخابات في المناطق التي تسيطر عليها أوكرانيا كما هو مخطط لها، كمحاولة منه أولا للتأكيد على أن الوضع الأمني في الدونباس آخذ في التحسن، وثانيا لكون الرئيس السابق بيترو بوروشينكو أجرى انتخابات مرتين في خضم أعمال عدائية نشطة في الدونباس، وبالتالي فإن زيلينسكي لن يغامر بقرار التراجع على هذه الجبهة، والذي ستكون له تداعيات على صورته كرئيس موحد للبلاد.

وحسب المتتبعين، فإنه وفي أسوأ السيناريوهات، سيتم تأجيل انتخابات عدد قليل من المدن، لكن الغالبية العظمى من شرق أوكرانيا ستصوت في يوم الانتخابات إلى جانب بقية الأقاليم البلاد.

تقليديا وطوال تاريخ أوكرانيا المستقل، يحصل الحزب الحاكم على أكبر عدد من الأصوات والمقاعد في المجالس المحلية، إلا أن السؤال المطروح في هذه المرحلة يبقى حول مدى قدرة حزب “خادم الشعب” الحاكم على الاستمرار في تحقيق هذا الإنجاز، وحول مستوى الدعم الذي سيحصل عليه الحزب، علما بأن بعض استطلاعات الرأي توقعت تراجع الحزب الحاكم في المدن الكبرى، بفعل تراجع شعبيته من 32,6 في أبريل إلى 21,5 منتصف شتنبر.

وفي سياق متصل، من المؤكد أن الحزب الحاكم سيستفيد خلال هذه المحطة من النظام الانتخابي الجديد الذي يقوي الاحزاب السياسية، والأمر نفسه سينسحب على أحزاب المعارضة الرئيسية في أوكرانيا (حزب بوروشنكو للتضامن الأوروبي ومنصة المعارضة المؤيدة للكرملين – مدى الحياة)، ما قد يرجح كفة قوى المعارضة في ظل خيبة الأمل العامة من تدني مستوى الخدمات العمومية.

وفي حال تحققت توقعات استطلاعات الرأي وفاز رؤساء البلديات الحاليون مجددا بإدارة الشؤون المحلية للساكنة في المدن الكبرى، فسيكون ذلك بمثابة تناقض مع  “التحول الكبير”  الذي شهدته الساحة السياسية الأوكرانية عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة .

وبموجب قانون الانتخابات الأوكراني، يتعين على المرشح لمنصب العمدة الحصول  على أزيد من 50 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى أو مواجهة المرشح الثاني في جولة إعادة بعد ثلاثة أسابيع.

وفي هذه المحطة، يبقى المرشحان اللذان يتطلعان إلى الفوز مجددا من دون جولة الإعادة هما جينادي تروخانوف في أوديسا، وجينادي كيرنس في خاركيف، وذلك بالنظر إلى كونهما، حسب عدد من المتتبعين للشأن الانتخابي الأوكراني، تمكنا من تقديم خدمة جيدة للساكنة المحلية على الرغم من تهم الفساد والعديد من الملفات التي تلاحقهما.

وتظل الانتخابات المحلية لسنة 2020 بمثابة اختبار أولى لحزب خادم الشعب وللرئيس الحالي الذي طلب رأي المواطن، بالتزامن مع إدلاء صوته، بخصوص خمسة أسئلة حول قضايا مهمة تهمه مباشرة.