أنامل مغربية تحبس أنفاس جمهور “دولي” في (مسرح البحرين الوطني)

(من مبعوث الوكالة إلى المنامة أحمد الطاهري)
المنامة-  في “ليلة عود” ساحرة احتضنها فضاء ثقافي يعكس بحر (البحرين) رونقه الهندسي والمعماري الباهر، حبست أنامل مغربية أنفاس جمهور “دولي”، من بينه وفد مغربي زاد من انتشائه بنيل جوائز استحقاق أممية مرموقة عن مشاريع مبتكرة ورائدة في الخدمة العامة، إبداع فني أبهر شخصيات دبلوماسية، وخبراء وباحثين وصحفيين عرب وأجانب.

إنه الشاب محمود شوقي، العازف على آلات الكنبري والقيثار والدف (…)، متقدما صف جوقة أوركتسرا متعددة الأجناس، بقيادة المايسترو الفرنسي باتريك سوييو، مؤسس (لا فابريك أوبرا) الشهيرة.

بدندنات عذبة ومتماوجة خفوتا وصعودا، محبوكة بحنكة الكبار، أمثال صوت الأطلس الصادح، الراحل محمد رويشة، “كهرب” محمود ضيوف (مسرح البحرين الوطني)، وأسدل رداء الراحة على الأجساد والنفوس المتعبة. لكأنها الوصفة السحرية للإنصات لكينونة الداخل بعد أيام من النقاش والتنظير.

انسابت النغمات شفيفة حينا ومتوترة حينا آخر من آلة موسيقية إلى أخرى. أصوات إيقاعية مختلفة، لكنه التنوع في الوحدة. البرهنة بالأنامل وحدها على أن الموسيقى وهي في قمة عنفوانها وسحرها “تخطف” العالم برهة لتجمله وتحببه للذات والروح. السكينة وقد بسطت ظلالها الوارفة على الكائن المكبل بشرط وظرف وجوده.

كان صوتا مميزا طيلة العرض الذي تخللته معزوفات اتسقت فيها الموسيقى وفية لمنابعها الأولى، حيث دوزنات مختلف أشكال العود منسجمة ومتناغمة منذ الجزيرة العربية حتى المغرب وإسبانيا، مرورا بالشرق الأوسط، الهند ووسط آسيا.

إلى جانب الكنبري، حضرت آلات الساز والطار والسيتار والطبل وقيثارة الفلامينكو، الكمنجات الكبيرة والصغيرة، الدف والمزمار (…) ليحبك فنانون بارعون من مصر وتركيا والهند وإسبانيا، “حيلة” فرح صغيرة، فرح شفيف شد الذاكرة إلى صفاء ينابيعها الأولى.

تؤكد مجموعة الأخيار الطيبين هذه أن “كل آلات العود بشكل خرائطها وهندسة أوتارها تكشف كيف تحبل الأرض بهؤلاء الناس، من منهم يثقب في الصوت موسيقى، ولماذا تبدو الإنسانيات البعيدة مثل غابة جماعية من ذاكرة وتاريخ وإرث. الأفارقة، والعرب، والعثمانيون، والإسبان، والهنود، والآسيويون، جميعهم شكلوا من آلة العود فما يغني ! “.