زواج القاصرات .. المجتمع المدني يدق ناقوس الخطر إزاء تفاقم هذه الظاهرة

زواج القاصرات .. المجتمع المدني يدق ناقوس الخطر إزاء تفاقم هذه الظاهرة

الثلاثاء, 11 فبراير, 2014 - 10:54

محمد التوزاني

فاس- تتفاقم ظاهرة زواج القاصرات في المغرب بشكل يثير حفيظة كل المعنيين والمهتمين بهذه الظاهرة، وذلك على الرغم من التقييدات التي تضمنتها مدونة الأسرة، ما يدفع بمكونات المجتمع المدني وفعالياته إلى دق ناقوس الخطر والتعبئة لمواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها.
ومكن لقاء عقد مؤخرا بفاس حول موضوع “أمومة في عمر الطفولة .. مواجهة تحدي حمل المراهقات” نظمه صندوق الأمم المتحدة للسكان، بتعاون مع مركز حقوق الناس، من الوقوف على حجم هذا الظاهرة ومدى انتشارها وعلى تداعياتها على المجتمع وكلفتها الاقتصادية.
وحسب وزارة العدل والحريات فقد ارتفع عدد الفتيات المتزوجات قبل سن 18 من 33 ألف و253 سنة 2009 ليصل إلى 39 ألف و31 فتاة سنة 2011، أي ما يمثل نسبة 12 بالمائة من جميع الزيجات التي تمت خلال هذه الفترة.
كما أن عدد الولادات لدى الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و19 سنة تقدر ب50 ألف حالة أي ما يمثل 7 بالمائة من مجموع الولادات.
وتنضاف هذه الإحصائيات المقلقة إلى تلك التي تعدها المندوبية السامية للتخطيط، والتي تؤكد أن 8ر62 بالمائة من النساء في المغرب كن ضحايا للعنف، ما يفرض على الجميع التكتل ومحاولة محاصرة هذه الآفات الاجتماعية التي لا تخفى تأثيراتها على المجتمع.
وبرأي العديد من الخبراء ورجال القانون والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين شاركوا في هذا اللقاء فإن حالات الحمل المسجلة لدى المراهقات هي نتيجة طبيعية لزواج الأطفال والعنف الجنسي إلى جانب انعدام التربية على الصحة الجنسية والإنجابية.
ففي المغرب مثلا فإن شابا واحدا من أصل خمسة لا يعرف ما معنى داء فقدان المناعة المكتسبة (سيدا)، كما أن واحدا فقط من أصل 10 شبان من له إلمام بباقي الأمراض المنقولة جنسيا، في حين أن 15 بالمائة من الشباب لا يعرفون أي وسيلة من وسائل منع الحمل.
كما أن حمل المراهقات يظل مرتبطا، بالأساس، بالفقر وبضعف القوانين الخاصة بحماية النساء، فضلا عن انعدام التربية والهدر المدرسي، بالإضافة إلى فشل الأنظمة والتشريعات الخاصة بحماية حقوق المراهقين.
وفي هذا الصدد، اعتبرت مييكو ياتوبا، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان، خلال افتتاحها لهذا الملتقى، أن زواج القاصرات يظل “أحد التحديات التي يواجهها المغرب” وذلك على الرغم من “التقدم الملحوظ” الذي تم تسجيله في مجال المساواة بين الجنسين، وكذا في ما يتعلق بحقوق النساء خاصة بعد أن رفع المغرب تحفظاته بخصوص الاتفاقية الخاصة بالقضاء على الميز اتجاه النساء واعتماده لدستور جديد ومدونة للأسرة أقرت المساواة وحددت سن الزواج في 18 سنة بالإضافة إلى مراجعة القانون الجنائي خاصة ما يتعلق بزواج القاصرات ضحايا العنف.
ولاحظت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان أن تسجيل نسبة 12 بالمائة من زواج القاصرات بالمغرب خلال سنة 2011 لا يعني فقط تسجيل ارتفاع في هذا النوع من الزواج، ولكن يؤكد على أن هذه الظاهرة تعرف منحى تصاعديا من سنة لأخرى مما يفرض تكاثف جهود جميع المعنيين والمتدخلين من أجل محاصرتها في أفق القضاء عليها.
وتتسبب ظاهرة حمل القاصرات في آثار خطيرة على صحة الفتيات، كما تقلص قدرتهن على ممارسة حقهن في التعليم وفي الاستقلال الذاتي وعلى اختياراتهن في الحياة وفي الشغل والتكوين، وفي المشاركة في اتخاذ القرار فضلا عن تأثيراتها على ارتفاع نسبة الفقر وعدم المساواة والتهميش والإقصاء الاجتماعي.
وحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان فإن الفتيات الصغيرات في السن اللواتي يصبحن حوامل يكن في الغالب معرضات للإجهاض، كما أن الأمهات الصغيرات اللواتي يصبحن حوامل لأول مرة يكن عرضة للموت أو الإصابة بمجموعة من الأمراض.
واعتمادا على هذه المعطيات فإن ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان بالمغرب تؤكد على أن زواج القاصرات يشكل “خرقا لحقوق الإنسان”، كما أن هذه الظاهرة تعتبر برأيها “نتيجة لنظرة ضيقة للإمكانيات والمؤهلات التي تتوفر عليها الفتاة باعتبارها تقلص بشكل كبير من حقوقها الأساسية في التعليم والتكوين وتحصرها في دور الإنجاب فقط”.
من جهتها، ترى سفيرة كندا المعتمدة بالمغرب ساندرا مكارديل أن ظاهرة زواج القاصرات تقضي على حق الفتاة في التعليم وفي الصحة والشغل والتكوين، كما تقلص من حقوق الإنسان الخاصة بها ومن إمكانية مشاركتها في الحياة العملية مما يفرض العمل بشكل قانوني على منع هذا الزواج.
وبعد أن تحدثت عن معدل الخصوبة لدى المراهقات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و19 سنة، والذي يقدر بالمغرب بنسبة 32 في المائة ومقارنته بمعدل الخصوبة بتونس الذي لا يتجاوز نسبة 6 بالمائة، استعرضت السفيرة الآثار السلبية لزواج القاصرات على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وعلى تجدد دورة الفقر والهشاشة والتهميش جراء هذه الظاهرة.
كما أن الكلفة الاقتصادية لزواج القاصرات وحملهن تظل جد مرتفعة بالنسبة للمجتمع، خاصة ببعض الدول الإفريقية كأوغندا وكينيا التي يتسبب فيهما الانقطاع عن الدراسة لدى المراهقات بعد الحمل إلى خسارة ما يقارب 30 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لهذين البلدين على اعتبار أن نسبة هامة من الفتيات اللواتي أصبحن حوامل كان بإمكانهن أن يساهمن في التنمية الاقتصادية.
وقدم المشاركون في هذا اللقاء مجموعة من التصورات والاقتراحات من أجل حصر هذه الظاهرة والقضاء عليها، من بينها دعوة البعض إلى “منع” زواج القاصرات من خلال إعادة النظر في الفصلين 20 و21 من مدونة الأسرة وهي الفصول التي تعطي لقاضي الأسرة حق الترخيص الاستثنائي للزواج بالنسبة للذين لم يبلغوا بعد سن 18 سنة.
بينما أكد متدخلون آخرون أن العمل التشريعي لن يكون لوحده كافيا لمحاربة هذه الظاهرة، مشددين على ضرورة تيسير الولوج إلى المعلومة وإلى الخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية لفائدة المراهقات والشباب الذين يمثلون لوحدهم 2ر28 بالمائة من السكان بالمغرب.
أما ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان فتؤكد، من جانبها، على ضرورة الاستثمار في مجال التعليم والصحة على اعتبار أن الفتيات المتعلمات واللواتي لا يعانين من مشاكل صحية تكون لهن فرص كبيرة للإفلات من الزواج في سن مبكر وبالتالي في تأخير سن الإنجاب والمحافظة على صحتهن والتوفر على منصب شغل وغيرها من الحقوق الأساسية الأخرى.

اقرأ أيضا

مدينة سلا تعيش على إيقاع الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 20:40

تحتضن مدينة سلا حاليا فعاليات الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام الذي تنظمه جمعية أبي رقراق إلى غاية 30 يوليوز الجاري تحت الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم.

إقليم تازة.. حريق بغابة بورد بدائرة أكنول يأتي على حوالي 30 هكتار

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 19:23

أتى حريق اندلع مساء أمس الأربعاء بغابة بورد بمنطقة الشرشارة بجماعة بورد بدائرة أكنول بإقليم تازة على 30 هكتار من الغطاء الغابوي.

السيد أخنوش يشارك في قمة باريس حول “الرياضة والتنمية المستدامة”

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 18:30

شارك رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، اليوم الخميس بباريس، في قمة “الرياضة والتنمية المستدامة”، التي تنعقد على هامش افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث يمثل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا الحدث الرياضي العالمي.