جدل في البحرين حول حل مجلس شيعي قد يرخي بظلاله على مسار حوار التوافق الوطني

جدل في البحرين حول حل مجلس شيعي قد يرخي بظلاله على مسار حوار التوافق الوطني

الأربعاء, 5 فبراير, 2014 - 13:42

(من المراسل الدائم للوكالة بالمنامة.. أحمد الطاهري)

المنامة – أثار الحكم القضائي الصادر الأسبوع الماضي في بالبحرين، بحل (المجلس الإسلامي العلمائي) الشيعي، المؤيد لقوى المعارضة، جدلا حادا عكسته ردود فعل غاضبة لهذه القوى وأوساطها الإعلامية، مقابل مواقف داعمة للحكم من طرف الحكومة وأطراف سياسية أخرى، وهو الجدل الذي قد يرخي بظلاله على مسار حوار التوافق الوطني.
وصدر حكم المحكمة الإدارية الكبرى بحل وتصفية أموال وإغلاق مقر المجلس، الذي تأسس عام 2004، إثر دعوى رفعتها وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف في شهر شتنبر الماضي، واتهمت فيها المجلس بممارسة نشاط سياسي تحت غطاء ديني طائفي.
وعللت المحكمة حكمها بكون المجلس “يمارس نشاطا سياسيا مؤسسيا بمنأى عن أية رقابة قانونية، بل انحرف في ممارسة هذا النشاط إلى حد التحريض على العنف بما قد يؤدي إلى إحداث فتنة طائفية في البلاد “، معتبرة أنه يشكل كيانا واقعيا من دون أن يكون من الجمعيات المرخص لها طبقا لأحكام القانون.
وجاء الحكم في وقت شهد فيه مسار حوار التوافق الوطني بالبحرين ” انتعاشا” بعد تعثر طويل جراء تباين مواقف أطرافه، وذلك بعد أن بادر ولي العهد، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، إلى الدعوة إلى لقاءات ثنائية مع هذه الأطراف لولوج “مرحلة جديدة” تروم استكمال الحوار في شقه السياسي.
ولم يتأخر (المجلس الإسلامي العلمائي)، الذي يعد أعلى هيئة دينية للشيعة في البحرين، في الرد على الحكم، إذ أعلن أنه “سيبقى غير معني بمثل هذا القرار”، الذي يمثل بحسبه، “حكما سياسيا بامتياز، مبنيا على تهم كيدية مفضوحة “.
وفي بيان ذي نبرة تصعيدية، رأى المجلس، الذي يضم علماء شيعة مساندين للمعارضة، أن الحكم الصادر في حقه ” يمثل محاصرة للعمل العلمائي وتدخلا في الشأن الديني واستهدافا طائفيا مقيتا، يضاف إلى كافة أنواع الاستهداف الطائفي الذي تكرر ويتكرر منذ سنوات (…)”.
وبعد أن أشار إلى أن “هذا القرار الجائر يمثل صفحة سوداء في تاريخ القضاء والسلطة السياسية في البحرين”، اعتبر المجلس أن ” العمل العلمائي والديني كما أنه لم ينطلق يوما ما بقرار رسمي، فإنه لا يمكن أن يوقف في يوم من الأيام بقرار رسمي”.
وجدد المجلس، على لسان رئيسه مجيد المشعل، في مؤتمر صحفي، رفضه التام لقرار المحكمة، معتبرا أن القرار “سياسي مغلف في إطار قضائي”. وقال إن الحكم يمثل تحديا لخط العلماء (…)، ومسيرة تستمد قوتها من الحكم الشرعي لا يمكن أن يوقفها قرار سياسي”.
وفي أول تعليق لها على القرار، جاء رد (جمعية الوفاق الإسلامية) الشيعية شديد اللهجة، إذ قالت في بيان، إن القرار يعد “بمثابة إعلان النظام الحرب ضد جزء من الشعب البحريني على أساس طائفي”.
وتساءلت الجمعية، التي تتزعم قوى المعارضة، “هل يأتي هذا القرار السياسي لتهيئة الأجواء من أجل إنجاح الحوار؟ وهل يأتي ضمن ما يفترض بالسلطة القيام به لإنجاح فرص الحل؟ أم يمثل مؤشرا على توجه النظام نحو المزيد من التأزيم؟”.
وآزرت قوى المعارضة، المكونة من خمس جمعيات سياسية، الموقف الرافض لقرار حل المجلس، معتبرة أنه قرار يدخل في إطار “الانتقام السياسي والطائفي من المجلس العلمائي نتيجة مواقفه الداعمة للحريات والإصلاح”.
وحذرت هذه القوى، في بيان مشترك، من أن حل المجلس “سيزيد من تعقيد الأمور، ويضاعف الاحتقان في البلاد، ويمس بالسلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي (…) ويضع حجرات عثرة أمام إحداث تطورات إصلاحية مستقبلية”.

أكثر من ذلك، وقع علماء المجلس، حسب ما تداولته وسائل إعلام محلية، على عريضة سترفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تعتبر القرار “اضطهادا لحقنا الإنساني في ممارسة دورنا الديني”، داعية إلى “مخاطبة السلطات البحرينية للكف عن الاستمرار في التضييق على الحريات الدينية وحرية التعبير، وحثها على إلغاء هذا الحكم الذي يصادر حقا جوهريا ” من الحقوق التي كفلتها المواثيق الدولية.

بالمقابل، أكدت الحكومة أن قرار المحكمة قرار وجيه يروم تسوية وضعية شاذة تتمثل في استخدام المجلس المنابر الدينية من أجل “التحريض على الطائفية والعنف”، مشددة على ضرورة عدم الربط بين أي إجراء قانوني تتخذه الدولة ومسار الحوار الجاري بين الفرقاء السياسيين بالبلاد.
وأثارت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام المتحدثة الرسمية باسم الحكومة، سميرة رجب، في تصريحات صحفية، الانتباه إلى أنه لم يكن في أعراف الشيعة وجود مجالس من هذا النوع، وإلى أن “الشيعة لديهم مرجعيات وليس مؤسسات دينية”، معتبرة أن وجود مثل هذا المجلس بالشكل الذي هو عليه الآن ” خطير، ويؤدي إلى انشقاقات طائفية ويدعم الأفكار التحريضية”.
وردت الوزيرة بقوة على موقف (جمعية الوفاق)، إذ رأت أن “الاستهداف الحقيقي للشعب البحريني يأتي عبر العنف والإرهاب وإغلاق الشوارع وتعطيل الحياة، كما يأتي عبر تهريب الأسلحة إلى البحرين وعبر التحريض الطائفي وتقسيم المجتمع وفق أجندات التيارات العقائدية، وهذا ما لم تدنه (جمعية الوفاق) في جميع بياناتها ولم ترفضه حتى الآن”.
وأشارت إلى أن “الأحزاب السياسية الطائفية التي تدعم من قبل المنابر الدينية تريد أن تجعل من البحرين دولتين بمذهبين مختلفين، كما تعمل على بث الكراهية بين طوائف المجتمع”، وقالت ” هذا هو الدور الذي جاء من أجله (المجلس العلمائي) ليكون غطاء دينيا مذهبيا تمارس من خلاله (الوفاق) التحريض الطائفي”.
واتهمت الناطقة الرسمية باسم الحكومة المعارضة بكونها ” تخرج في كل يوم بذريعة جديدة للتملص من الحوار”، موضحة أنه ” بالأمس كانت الذريعة التعامل الأمني مع العنف والإرهاب وتهريب الأسلحة، والقول بأن ذلك لا يهيىء الأجواء للحوار، واليوم مع المنابر التي تحث على الكراهية وتقسم مكونات المجتمع البحريني”.
في السياق ذاته، اتهمت الوزارة التي رفعت الدعوى القضائية على المجلس أعضاء هذا الأخير ب”استغلاله في ممارسة النشاط السياسي بغطاء ديني طائفي”، مشيرة إلى أن “المجلس تبنى الدعوة إلى ما يسمى (الثورة) والخروج على القوانين، وتقديم الدعم” لجمعيات معارضة محظورة ومرخصة.
وترى وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، في بيان، أن ما يحدث حاليا من “إثارة إعلامية مفتعلة” حول الحكم القضائي بحل المجلس هو “استمرار للانحراف بالعمل السياسي عن طريق الاستثارة الممنهجة للمشاعر الدينية بهدف صرف النظر عن موضوع المخالفة الذي يتمثل في تأسيس تنظيم سياسي طائفي خارج مظلة القانون”.
وشددت على أنه لا يمكن إطلاقا القبول بالترويج بأن أي مذهب من المذاهب الإسلامية وشعائره وثقافته هو “ثقافة أقليات”، وعلى أن “المنبر الديني الجامع هو أرفع شأنا من أي تحزب أو اصطفاف”، منبهة إلى مخاطر الزج بالمنبر الديني في التجاذبات والاختلافات السياسية، وما يلعبه ذلك من دور خطير في تغذية الطائفية السياسية والمساس بالصف الوطني”.
وأشارت إلى دور المجلس المنحل في “التحريض على العنف عبر تغطية ودعم تنظيمات تتبنى علنا تأييد وتبني العنف، والامتناع عن تحريم أعمال العنف والإرهاب”، مبرزة أنه من واجب الدولة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من أجل “حماية المجتمع، وصيانة الأمن القومي والسلامة العامة والنظام العام وحماية حقوق الآخرين وحرياتهم، دون أي تهاون أو تفريط”.
وبالنسبة لجمعيات (ائتلاف الفاتح)، المشاركة في الحوار الوطني، فقد أكد ممثلون عنها أن “الحوار خيار استراتيجي للتغلب على الأزمة التي تشهدها البحرين منذ ثلاث سنوات، ولا يمكن رفضه أو التنازل عنه”، مشددة على أن “حل المجلس العلمائي ليس له علاقة بالحوار، ولابد من عدم خلط الأوراق”.
وفي ندوة نظمت أول أمس الاثنين بمدينة المحرق (شمال)، اعتبر عبد الله الحويحي، رئيس الهيئة المركزية لتجمع الوحدة الوطنية، أحد مكونات (ائتلاف الفاتح)، أن البلاد تمر بمرحلة حساسة ودقيقة، وخصوصا بعد حل (المجلس الإسلامي العلمائي، ” إذ أن القرار أضاف سخونة للجو السياسي، رغم أن هذا المجلس لا يخضع للقانون وكان يمهد لإسقاط الدولة “.
وأضاف أن المجلس “أراد بث الكراهية والضغينة، فضلا عن قيامه بعمليات التحريض”، معربا عن اعتقاده بأن “الحكومة تتحمل جزءا من المسؤولية في ذلك، إذ أنها سمحت له بأن يستقوى، فكان لابد من اتخاذ الإجراءات المناسبة من البداية”.
ودفاعا عن كل موقف من الموقفين المتباينين، يتواجه كتاب صحافيون في تبرير دواعي رفض القرار أو قبوله، وفق تحليلات متباعدة تماما، بين طرح يرى أن اختيار هذا التوقيت بالذات لحل المجلس، يوحي بوجود إرادة لدى طرف لقطع الطريق أمام أي حوار مرتقب، عن طريق تأجيج المشاعر الدينية، وطرح آخر يدافع عن مبدأ إبعاد المنبر الديني إبعادا تاما عن الشأن السياسي درءا لفتن الطائفية وشق الصف الوطني، ويتهم المجلس المنحل ب”اختطاف إرادة التيار الشيعي بأسره وفرض نفسه عليه بالقوة”، جازما بأنه لا يمكن الحديث عن إرادة شعبية حرة طالما ظلت مرهونة بفتوى دينية، وطالما تولى المنبر الديني وظيفة سياسية.

اقرأ أيضا

التوقيع على محضر اتفاق بين وزارة الصحة ونقابات القطاع

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 21:56

وقع وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت طالب، بتفويض من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء، محضر اتفاق بين الوزارة والنقابات الممثلة في قطاع الصحة.

السيد لقجع يؤكد على أهمية إصلاح قانون المالية لجعله إطار رائدا لتدبير الميزانية

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 21:40

أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، على أهمية إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية لجعله إطارا تنظيميا رائدا لتدبير الميزانية العامة للدولة.

مجلس المستشارين يختتم بعد غد الخميس دورة أبريل من السنة التشريعية 2023-2024

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 19:54

يعقد مجلس المستشارين، بعد غد الخميس، جلسة عامة تخصص لاختتام دورة أبريل من السنة التشريعية 2023-2024.