لا ينبغي التعاطي مع قضايا الطفولة من منظور مادي فقط (مسؤول)

                                           (إيمان بروجي)

  الرباط  – قال رئيس قطب التحقيقات والمنهجيات التابع للمرصد الوطني للتنمية البشرية، عبد القادر تيتو، إن قضايا الطفولة متعددة الأبعاد ولا ينبغي التعاطي معها من منظور مادي فقط.

  وأوضح السيد تيتو، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة تخليد اليوم الوطني للطفولة الذي يصادف 25 ماي من كل سنة، أن المغرب عالج، لمدة طويلة، قضايا الطفولة من خلال مقاربة تقليدية، من خلال حساب معدل الفقر من منظور مادي غير أن إشكالية الطفولة تتسم بالتنوع وتعدد الأبعاد.

   وسجل أن “هذه المقاربة الجديدة تهم الحرمان. إذ لم يعد الأمر يتعلق بالموارد المادية ولكن الولوج إلى الحاجيات الأساسية التي لا يمكن مناقشتها من الناحية المالية”، مسجلا أن المغرب، وللمرة الأولى، يتبنى هذه المقاربة ويعمل على بلورة دراسة لتحديد أشكال الحرمان من الحاجيات الأساسية للطفولة.

  وقال إن المغرب، الذي يضع الطفولة في صلب انشغالاته، حقق خطوة كبيرة من خلال تبني مقاربة متعددة الأبعاد، معترف بها عالميا باعتبارها المنهج الأفضل لمكافحة الفقر في صفوف الأطفال من خلال توفير الحماية المنصفة والشاملة لهم.

   هذه المقاربة تقوم على تحليل أشكال الحرمان في صفوف الأطفال، مما يعني غياب أحد أو عدة حاجيات أساسية وعوامل الرفاه، وتتركز حول الطفل باعتباره وحدة للتحليل لكون حاجياته تختلف عن حاجيات الكبار.

  وأبرز أن هذه الدراسة، التي أنجزها المرصد الوطني للتنمية البشرية بتشاور مع مجموع المتدخلين في المجال، من بينهم اليونسيف ووزارات الأسرة والتربية والصحة والبيئة، والمرصد الوطني لحقوق الطفل، وهيئة التقييم، تتوخى تحديد مجالات الحرمان الأساسية لملاءمة المقاربة مع السياق الوطني.

   وأضاف المسؤول أن المقاربة متعددة الأبعاد، التي تم إرساؤها سنة 2010 عقب توصية للجمعية العامة للأمم المتحدة في 2007، تشمل الحق في التغذية والتربية والماء الصالح للشرب والسكن اللائق والمرافق الصحية وخدمات العلاج الطبي، وحماية المعلومة، مسجلا أن التداخل أظهر أن مزج عدد من أشكال الحرمان يضعنا أمام ساكنة جد هشة، نظرا لكون بعد معين يؤثر على باقي الأبعاد.

  ولفت الانتباه إلى كون الفقر متعدد الأبعاد يطال الأسر المصنفة ضمن الفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة والغنية على حد سواء.

  وذكر أن الدراسة مكنت من تحديد المجالات الرئيسية للتدخل، ويتعلق الأمر بالتغطية الصحية والسكن والتغذية، والحق في التربية، مسجلا أن مجال الصحة يعرف تقدما ملحوظا من خلال انخفاض معدل الوفيات في صفوف الأمهات والأطفال حديثي الولادة، وتعميم التلقيح.

   ولفهم الإشكالية بشكل أوضح، طور المرصد الوطني للتنمية البشرية نظاما معلوماتيا يتمثل في إعداد عينة من الساكنة موضوع دراسة دورية من خلال الزيارات والاستمارات الموجهة لفئة مستهدفة، تمكن من التقييم والتتبع الزمني والمكاني لكافة مسارات التنمية البشرية التي تهم هذه الفئة.

   وعلى الرغم من وجود تطور ملحوظ، يوضح السيد تيتو، ما زال هناك عمل يتعين القيام به من خلال الحفاظ على المكتسبات ومواكبة التنمية وبلورة سياسات وبرامج تروم حماية الطفولة ضد أي شكل من أشكال العنف، وسوء المعاملة والاستغلال، خاصة وأن معدل الفقر متعدد الأبعاد (شكلان من الحرمان أو أكثر) للأطفال يقدر بـ40,3 بالمائة على الصعيد الوطني.

   وتعتبر وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، السيدة بسيمة الحقاوي، أن هذه المقاربة تشكل تقدما ملحوظا في مجال حماية الطفولة، إذ تقدم معطيات دقيقة تمكن من تحديد مجالات الحرمان التي تطال هذه الفئة، التي تمثل ثلث الساكنة وتعد “دعامة المستقبل”، ورمزا ل”أمل الإنسانية”.

   وأبرزت أن النتائج الأولية للدراسة حول الفقر متعدد الأبعاد، التي قامت بها الوزارة بشراكة مع المرصد الوطني للتنمية البشرية، كشفت عن تفاوتات صارخة بين الوسطين الحضري والقروي، إذ أن 7,9 بالمائة فقط من الأطفال يستفيدون من مجموع الخدمات الاجتماعية الأساسية، في مقابل 41,7 بالمائة في الوسط الحضري، مسجلة أن هذه الأرقام تسائل القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والمجتمع المدني، من أجل الانخراط بشكل أكبر وبذل المزيد من الجهود لمكافحة هذه الظاهرة.

  ويشكل اليوم الوطني للطفل، الذي أقره جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه في رسالة ملكية وجهها إلى المؤتمر الوطني الأول حول حقوق الطفل في ماي 1994، مناسبة للوقوف عن كثب على الجهود التي يبذلها المغرب في مجال الطفولة وتقييم السياسات والبرامج العمومية المرتبطة به، لإبراز نقاط القوة والتحديات الكفيلة بتعزيز التوافق بين مختلف المتدخلين من أجل عمل متكامل أفضل.