بنما وتحديات سنة 2014 .. انتخابات عامة في ظل مشهد سياسي متحرك وتراجع الأداء الاقتصادي

بنما وتحديات سنة 2014 .. انتخابات عامة في ظل مشهد سياسي متحرك وتراجع الأداء الاقتصادي

السبت, 28 ديسمبر, 2013 - 10:34

(بقلم المراسل الدائم للوكالة ببنما هشام المساوي)

بنما – تستعد بنما لاستقبال سنة مليئة بتحديات جمة قد تشكل مرحلة مفصلية في التاريخ المعاصر لهذا البلد الكاريبي الذي يجاهد لتكريس صورته كديمقراطية ناشئة بأمريكا الوسطى، بعدما تخلص من تركة حقبة دكتاتورية أحكمت قبضتها على مختلف مناحي الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
وتستقبل بنما سنة 2014 في ظل مشهد سياسي متحرك يتميز بتأسيس حزب سياسي جديد وانطلاق العد العكسي لإجراء الانتخابات العامة، وهي الاستحقاقات التي يعتبر عدم الوضوح سمتها الأساسية، فضلا عن وجود تحديات اقتصادية كثيرة، من بينها تباطؤ معدل النمو وارتفاع كبير في قيمة الدين العام وسوء توزيع الثروة بين مختلف شرائح المجتمع.

وقبل أن تطوى سنة 2013 آخر أيامها، ستبقى لحظات عالقة بذاكرة البنميين، ومن بينها ميلاد حزب سياسي جديد من رحم أكبر نقابة عمالية ببنما إثر مخاض استمر لعدة أشهر توج بتأسيس حزب “الجبهة الموسعة من أجل الديمقراطية”، الذي يرتكز على مرجعية يسارية التوجه، وإن كان قادته ينأون لحد الساعة عن التصريح علانية بانتمائهم إلى عائلة اليسار.

كما حرك انطلاق العد العكسي لإجراء الانتخابات العامة المرتقبة في 4 ماي المقبل مكونات الأحزاب وبعض هيئات المجتمع المدني التي شرعت في استعدادها داخليا للمشاركة أو مراقبة هذه الاستحقاقات، إذ شرعت الأحزاب في رص صفوفها وعقد تحالفاتها واختيار مرشحيها لمختلف مناصب التمثيلية الشعبية، بدء برئيس الجمهورية إلى غاية الممثلين في المجالس البلدية المحلية، مرورا بعمداء المدن والنواب البرلمانيين بالجمعية الوطنية والبرلمانات الإقليمية.

وتعتبر الانتخابات المقبلة أول انتخابات قد يشارك فيها مرشحون مستقلون إلى جانب مرشحي الأحزاب التقليدية ببنما، كما أن دخول مرشح حزب “الجبهة الموسعة من أجل الديمقراطية” سيضعف المعارضة المنقسمة أصلا، والمكونة من الحزب البنمي، الليبرالي التوجه، والحزب الثوري الديمقراطي، هذا الأخير شكل سابقا الغطاء السياسي للدكتاتورية البائدة حسب رأي عدة محللين.

وحسب آخر استطلاعات الرأي، ما زال مرشح حزب التغيير الديمقراطي الحاكم، خوسي دومينغو آرياس، يتقدم في نوايا التصويت وبفارق مريح عن أقرب منافسيه، ويتوقع أن تصبح هذه الهيئة السياسية أول حزب يتم انتخابه لولايتين رئاسيتين متتاليتين، علما أن الدستور يمنع على الرئيس المنتهية ولايته الترشح للولاية التالية، وهو فوز يبدو راجحا إلا في حالة عقد تحالفات بين أحزاب المعارضة المنقسمة.

وقبل أقل من 6 أشهر عن الانتخابات العامة، ارتفعت شعبية الرئيس ريكاردو مارتينيلي إلى 65 في المائة بين المواطنين حسب نتائج استطلاع رأي أجري خلال شهر دجنبر الجاري، أي أزيد من 12 نقطة مئوية مقارنة مع الشهر ذاته من السنة الماضية، وأكثر ب 3 نقاط مقارنة مع نونبر الماضي.

وساهمت البرامج الاجتماعية ومشاريع البنية التحتية التي باشرتها الحكومة الحالية في رفع شعبية الرئيس مارتينيلي وحزبه التغيير الديمقراطي، الذي قام بإصلاحات اقتصادية كبيرة، مما عزز من مكانة هذا البلد الكاريبي بأمريكا اللاتينية الكاريبي.

لكن، وبعيدا عن كل الحسابات التي قد تفرق شرائح المجتمع، يتطلع البنميون إلى استقبال سنة 2014 في جو من الاعتزاز والفخر لتزامنها مع الذكرى المئوية لشق قناة بنما الرابطة بين المحيطين الهادي والأطلسي، رغم الإعلان عن التأخير الحاصل في أشغال مشروع التوسعة الذي لن يرى النور إلا مع بداية الفصل الثالث من سنة 2015، عوض أكتوبر 2014 كما كان مبرمجا، والخلاف المالي بين مجموعة الشركات المشرفة على تنفيذ الأشغال وإدارة هيئة القناة.

ويتوقع أن تختم قناة بنما السنة الجارية بتراجع في أدائها الإجمالي بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية بالسوق الأوربية والتعافي البطيء لاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية والصين فضلا عن تغير معايير النقل البحري عالميا، وإعلان الفاعل الدولي “ميرسك لاين” عن إلغاء خط بحري يمر عبر قناة بنما ويربط بين الصين والولايات المتحدة واستبداله بآخر يمر عبر قناة السويس (مصر).

ويرى مراقبون أن النمو الاقتصادي لبنما، والذي فاق معدله 10 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية، سيشرع في الانخفاض انطلاقا من السنة الجارية التي تتوقع أن تختم بنمو لن يتعد 5ر7 في المائة، على أن يتراجع خلال سنة 2017 إلى أقل من 5ر5 في المائة بسبب استمرار تراجع أداء قناة بنما والمنطقة الحرة لكولون وانتهاء الأشغال بمجموعة من المشاريع العمومية التي شكلت محركا للاقتصاد خلال السنوات الماضية من قبيل توسعة القناة وقطار الأنفاق.

من جهة أخرى، ما زال الدين العام يواصل الارتفاع بسبب وتيرة الإنفاق الحكومية على المشاريع والبرامج الاجتماعية، إذ بلغ الدين العام في شتنبر الماضية 15 مليار و572 مليون دولار، أي ما يمثل 6ر38 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ما حدا بمعهد الإحصاء والدراسات المالية بأمريكا الوسطى لتحذير الحكومة البنمية من مخاطر أن يصبح الدين العام “مستداما” خاصة وأن “الاقتصاد ينمو بقوة لكنه لا يوزع الثروة على جميع شرائح المجتمع”.

وفي انتظار إجراء الانتخابات العامة المقبلة، ستعيش بنما على وقع حراك سياسي سيرفع من حدة الاستقطاب داخل المجتمع، سينتهي بالإعلان عن الحزب الفائز في بلد اختار ديمقراطية الصناديق منذ القطع مع عهد الدكتاتورية البائدة سنة 1989، لكن تبقى المخاوف لدى شريحة كبيرة من المواطنين من مدى تأثير الانكماش الاقتصادي على الوضعية العامة للبلد.

 

اقرأ أيضا

التوقيع على محضر اتفاق بين وزارة الصحة ونقابات القطاع

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 21:56

وقع وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت طالب، بتفويض من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء، محضر اتفاق بين الوزارة والنقابات الممثلة في قطاع الصحة.

السيد لقجع يؤكد على أهمية إصلاح قانون المالية لجعله إطار رائدا لتدبير الميزانية

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 21:40

أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، على أهمية إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية لجعله إطارا تنظيميا رائدا لتدبير الميزانية العامة للدولة.

مجلس المستشارين يختتم بعد غد الخميس دورة أبريل من السنة التشريعية 2023-2024

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 19:54

يعقد مجلس المستشارين، بعد غد الخميس، جلسة عامة تخصص لاختتام دورة أبريل من السنة التشريعية 2023-2024.