المكسيك..حراك سياسي أثمر إصلاحات هيكلية كبرى ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية

المكسيك..حراك سياسي أثمر إصلاحات هيكلية كبرى ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية

الإثنين, 23 ديسمبر, 2013 - 10:18

من المراسل الدائم للوكالة بالمكسيك .. الطيب كزرار

مكسيكو – عاشت المكسيك فترات هامة خلال سنة 2013 على إيقاع حراك سياسي ومجتمعي أثمر إصلاحات هيكلية كبرى ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية، الغرض منها بناء مجتمع أكثر عدالة وأقل فقرا وبقوانين أفضل وتعليم أكثر كفاءة، من خلال اتخاذ إجراءات من شأنها دفع الاقتصاد للأمام وتعزيز صورة البلاد في الخارج.

وقد واجهت برامج الإصلاحات الهيكلية، خلال مسار إقرارها في السنة الجارية، موجة من الاحتجاجات والتعبئة من قبل بعض الأحزاب اليسارية، حيث أشارت هذه التعبئة، بحسب محللين، إلى مدى الصعوبة التي كانت تواجهها، ومن أبرزها الإصلاح السياسي.فمنذ وصول الرئيس انريكي بينيا نييتو إلى الرئاسة عمل على كسر “الجمود السياسي” من خلال إيجاد تحالف بين الأحزاب السياسية يدعى (الميثاق من أجل المكسيك) مكنه من إجراء إصلاحات مهمة وتغييرات كبرى خلال سنة 2013، هدفت بالأساس إلى تعزيز السوق المحلية وتحسين الانتاجية.

وفي هذا الصدد قال الرئيس المكسيكي، في مقابلة صحفية مؤخرا، إن “الاصلاحات التي جرت مجرد بداية، ومازال هناك الكثير ليقوم به المكسيكيون للاستمتاع بجودة أفضل للحياة وفرص التنمية…إننا مستعدون لتحويل المكسيك إلى الدولة المزدهرة والعادلة التي طالما حلمنا بها”، مشددا على أنه سيتم تعزيز إجراءات ملموسة وستقام بنية أساسية ضخمة في 2014.

وكان الكونغرس قد وافق على خمس مقترحات للإصلاح تغطي مجالات السياسة (الانتخابات) من خلال إنشاء المعهد الوطني الانتخابي، والتعليم والاتصالات والضرائب والمالية، وهو أمر هام لإزالة العقبات أمام النمو الاقتصادي.وشكل إقرار إصلاح مجال الطاقة أهم التحديات التي واجهت الحكومة على اعتبار أن مؤسسة (بيمكس) النفطية الحكومية تعد بمثابة أسطورة وطنية في المكسيك، ذلك أنه منذ مصادرة شركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد سنة 1938، كان يجري تشجيع الملكية الوطنية وإدارة احتياطات الطاقة كركن مركزي للسيادة. ولكي يتم تطبيق هذا الإصلاح تعين القيام بإصلاح كبير في المكسيك تمثل بتعديل الدستور للسماح بالتنقيب عن حقول النفط والغاز وحفرها من قبل القطاع الخاص، الأمر الذي سيجلب الاستثمارات الأجنبية وبالموازاة مع ذلك القيام بإصلاحات أخرى مواكبة ضريبية وغيرها، لكن بعض الأحزاب في (الميثاق من أجل المكسيك) تعارض فكرة الإصلاح.

وفي هذا السياق، تعهدت الحكومة بإجراء ”إصلاحات تحويلية” على مؤسسة بيميكس، مع إجراء تغييرات في الدستور، وذلك من أجل وقف تدهور إنتاج الطاقة، وخاصة المنتجات النفطية والبترول، الذي تتوفر عليه المكسيك بكميات كبيرة، لكن مع ذلك فإن البلاد تسير في تجاه لتصبح مستوردا رئيسيا للنفط .

إن هذا الأمر استوعبته القوى السياسية الرئيسية ( الحزب الثوري المؤسساتي، وحزب العمل الوطني، وحزب الخضر)، التي توافقت في جهودها الرامية إلى إعمال إصلاح على جانبين أساسيين يتمثلان في ضرورة الإبقاء على الموارد الطاقية في ملك الأمة، وفي الحاجة الماسة إلى تجديد وتحديث شركة بيميكس، وهي الشركة الرائدة في البلاد .

وتؤكد الحكومة على أن إصلاح مجال الطاقة، الذي صادق عليه البرلمان مؤخرا، ستحافظ بموجبه المكسيك على ملكيتها لمصادر الطاقة في حين ستتمتع بالتكنولوجيا ورأس المال الخاص من أجل زيادة انتاجيتها، مشددة على أنه بجعل هذا القطاع الاستراتيجي أكثر تنافسية، سيكون لديها مزيد من مدخلات الطاقة التنافسية الى جانب خلق المزيد من الوظائف والمزيد من الثراء للبلاد ، مما يسهم في النمو الاقتصادي.

وسيسمح قانون إصلاح قطاع الطاقة، الذي يتعين أن يحوز أيضا على موافقة أزيد من 17 مجلس تشريعي محلي في الولايات المكسيكية، بوضع نظام جديد للتعاقد يقوم على تقاسم الأرباح بهدف جذب الاستثمارات الخاصة. وفي هذا الصدد قال عدد من كبار المشرعين في الحزب الحاكم إن الإصلاح يستهدف احتياطات النفط في المياه العميقة واحتياطات الغاز الصخري التي عجزت المؤسسة العمومية “بيمكس” عن استغلالها بسبب افتقارها للتمويل والتكنولوجيا.

من الناحية الحسابية فإن هذا الإصلاح يعتبر مضمونا، حيث أن الحزب الحاكم – الحزب الثوري المؤسساتي- يدعم التحرير، وكذلك حزب العمل الوطني، حيث يمتلك الحزبان معا مقاعد كافية في المجالس المحلية لتمرير الإصلاح.

ولقد أثار هذا الإصلاح تعبئة من بعض أحزاب اليسار، التي تعارض إلغاء القيود، وتضغط بقوة من أجل عدم تمريره، الأمر الذي عرöض ”الميثاق من أجل المكسيك” لبعض “العطب”، وهو الاتفاق الذي وضعته مجموعة من الأحزاب، والذي يتيح للرئيس الساعي للإجماع أن يمرر إصلاحات أخرى.

إن حاجة المكسيك لإعادة فتح صناعتها النفطية أمام الاستثمار الخاص أمر واضح، اعتبارا لمؤشرات تراجع إنتاج النفط والغاز بنحو الربع في العقد الماضي.

من جهة أخرى، تميزت السنة الجارية بإحراز بعض التقدم في مجال تعزيز الأمن في البلاد التي تعاني منذ فترة طويلة من تهريب المخدرات والجريمة المنظمة.

وأوضح الرئيس، خلال المقابلة ذاتها، أن “الوضع الأمني في المكسيك أفضل مما كان عليه قبل عام، وأن هناك انخفاضا بنسبة 16 في المائة في حالات القتل في 2013 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي”.

ومن أجل بناء المكسيك السلمية، أعطت الحكومة الأولوية لحماية أرواح المواطنين وحقوقهم مع التأكيد على تنسيق أكبر بين الوكالات واستخدام المخابرات بالإضافة إلى منع العنف الاجتماعي والمشاركة المجتمعية.

وبفضل كل هذه الإصلاحات تمكنت المكسيك من تحسين صورتها وتحقيق زيادة في حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة خلال الفترة من يناير الى يونيو بلغت 23.9 مليار دولار، حوالى 2.5 ضعف مقارنة بنفس الفترة في 2012 عندما بلغت 9.62 مليار دولار.وتراهن المكسيك على بلوغ أهدافها من خلال توفير أمن أفضل لتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار والسياحة، وجعل 2014 بمثابة سنة إطلاق العنان لإمكاناتها الاقتصادية والتنموية.

اقرأ أيضا

أولمبياد باريس 2024/كرة القدم-رجال (الجولة الثانية).. المغرب ينهزم أمام أوكرانيا (1-2)

السبت, 27 يوليو, 2024 في 18:22

انهزم المنتخب الوطني المغربي الأولمبي أمام نظيره الأوكراني بنتيجة (1-2)، في اللقاء الذي جمع بينهما، اليوم السبت على أرضية ملعب جيوفروي غيشار بمدينة سانت إتيان، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية في إطار منافسات كرة القدم (رجال) برسم الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

أولمبياد باريس.. الوفد الرياضي المغربي عازم على تحقيق مشاركة متميزة (السيد بنموسى)

السبت, 27 يوليو, 2024 في 17:17

أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، اليوم السبت بباريس، أن الوفد الرياضي المغربي في الألعاب الأولمبية بباريس 2024 معبأ وعازم على تحقيق مشاركة متميزة خلال الألعاب الأولمبية 2024.

الداخلة تعيش على إيقاع الدورة ال16 للمهرجان الوطني للأغنية الحسانية

السبت, 27 يوليو, 2024 في 17:11

انطلقت مساء أمس الجمعة بالداخلة، فعاليات الدورة ال16 للمهرجان الوطني للأغنية الحسانية، وذلك في إطار الاحتفالات المخلدة لذكرى عيد العرش المجيد.