الانتخابات التشريعية 2016 .. محطة جديدة في مسار بناء النموذج الديمقراطي المغربي وتحصين مكتسباته

الانتخابات التشريعية 2016 .. محطة جديدة في مسار بناء النموذج الديمقراطي المغربي وتحصين مكتسباته

الثلاثاء, 20 ديسمبر, 2016 - 10:54

رضوان البعقيلي

الرباط- شكلت انتخابات 7 أكتوبر 2016، وهي الثانية في ظل دستور 2011، حدثا سياسيا بارزا خلال السنة التي نودعها، ومحطة جديدة في مسار بناء النموذج الديمقراطي المغربي وتحصين مكتسباته.

  كما مثلت هذه الانتخابات، التي بوأت حزب العدالة والتنمية صدارة المشهد السياسي بحلوله أولا على مستوى النتائج (125 مقعدا) ، فرصة لترسيخ الخيار الديمقراطي وتكريس استمرارية الدينامية التي انخرط فيها المغرب في سياق إقليمي ودولي موسوم بالاضطراب.

   والأكيد أن السلاسة وحسن التنظيم اللذين ميزا هذا الاقتراع، والأصداء الايجابية التي خلفها على المستوى الوطني والاقليمي والدولي، كانت ثمرة عمل محكم ورصين على المستوى التدبيري لهذه اللحظة الديمقراطية التي عاشتها البلاد، إذ أكدت مختلف التقارير الصادرة عن الملاحظين الوطنيين والدوليين أن الإدارة المشرفة على الانتخابات ساهمت من خلال نجاحها في التنظيم اللوجستيكي للعملية، في ضمان مصداقية وشفافية الاقتراع مسجلة أن موعد سابع أكتوبر 2016 مثل دورة انتخابية جديدة أخرى منتظمة، كرست تطبيع ممارسة التصويت في المغرب.

  وسجل هذا الاقتراع، وفقا للملاحظين، “تقدما واضحا في إجراءات التنظيم والإشراف” مقارنة مع انتخابات 2011، الامر الذي يسر عملية الاقتراع على المواطن وأحاط ممارسته لهذا الحق الدستوري بكافة ضمانات الشفافية والنزاهة.

   وقد تم اعتماد 68 هيئة وطنية ودولية لملاحظة هذا الاقتراع، عبأت4681 ملاحظا وملاحظة مقابل 3498 سنة 2011 ،أي بنسبة زيادة وصلت إلى 34 في المائة.

   وتوزع الملاحظون المعتمدون على 316 ملاحظا دوليا و 412 ملاحظا معبئين من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، و 3954 ملاحظا وملاحِظة ينتمون لجمعيات المجتمع المدني.

  وبالعودة الى نتائج هذا الاقتراع، فقد أفرزت صعود حزبين سياسيين بارزين هما العدالة والتنمية الذي قاد التجربة الحكومية السابقة، وغريمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانيا ب102 مقعدا مضاعفا بذلك الحصيلة التي أحرزها في انتخابات 2011 .

   وفي المقابل ، سجل هذا الاستحقاق التشريعي تراجعا ملحوظا لبعض الأحزاب السياسية، التي كانت حتى وقت قريب لاعبا أساسيا في المعادلة الانتخابية (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، الاستقلال، التقدم والاشتراكية ، التجمع الوطني للاحرار…) والتي أضحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالقيام بمراجعة ذاتية لأدوات اشتغالها والتكيف على نحو أفضل مع حقائق المشهد السياسي والحزبي الوطني.

   وبصرف النظر عن حسابات الربح والخسارة التي تعني في المقام الأول الأحزاب السياسية التي خاضت غمار الانتخابات ، فإن أهم مخرجات هذا الاستحقاق التشريعي تمثلت ،بإجماع المتتبعين، في احترام “المنهجية الديمقراطية” ومنطوق دستور 2011 في تعيين رئيس الحكومة الجديدة ، حيث بادر صاحب الجلالة الملك محمد السادس بعيد إعلان النتائج النهائية للاقتراع بتعيين أمين عام حزب العدالة والتنمية عبد الاله ابن كيران رئيسا للحكومة الجديدة وكلفه بتشكيلها.

 قد باشر رئيس الحكومة منذ تعيينه مشاوراته مع مختلف الفرقاء السياسيين لتشكيل أغلبيته الحكومية، غير أن هذا المسار لم يفض بعد مضي أزيد من شهرين إلى نتيجة، الامر الذي ينعكس سلبا على أداء العديد من المؤسسات الدستورية وعلى رأسها مجلس النواب المعطل حتى إشعار آخر في ظل ” حالة “الاستعصاء” التي تواجهها المشاورات.

   وعلاقة بمجلس النواب الجديد، فقد أفرزت نتائج الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر تركيبة جديدة للمجلس تتميز بحدوث تطور ملموس على مستوى تمثيلية النساء والشباب وعلى صعيد تجديد النخب مقارنة مع انتخابات 2011.

   فعلى صعيد تمثيلية النساء المنتخبات بمجلس النواب وصل العدد وفق معطيات رسمية إلى 81 منتخبة مقابل 67 نائبة سنة 2011 ،أي بارتفاع بلغت نسبته 21 في المائة مقارنة ب 17 في المائة في تركيبة مجلس النواب السابق.

   وعلى مستوى تجديد نخب مجلس النواب، فإن التركيبة الجديدة للمجلس تجددت بنسبة 64 في المائة مقابل 36 في المائة ممن حافظوا على مقاعدهم أما على صعيد البنية العمرية للمجلس فإن الذين تقل اعمارهم عن 55 سنة يشكلون ثلثي أعضاء المجلس بما مجموعه 262 نائبامن أصل 395 عضوا الذين يتكون منهم.

   وبالنسبة للفئة التي تسيطر على تركيبة المجلس تأتي في الطليعة فئة التجار بنسبة تفوق 24 في المائة تليها في المرتبة الثانية فئة رجال ونساء التعليم بنسبة تقارب 15 في المائة ثم فئة الموظفين في المرتبة الثالثة بنسبة 14 في المائة.

   وفي قراءته لخلاصات ومخرجات هذه اللحظة السياسية التي ميزت سنة 2016، قال الاستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عمر الشرقاوي، إن من بين أهم مكتسبات الانتخابات التشريعية الاخيرة، احترام الأجل الدستوري لعقد الانتخابات والذي يحدد الولاية التشريعية في خمس سنوات، وتكريس عرف دستوري يدخل المغرب في مصاف الدول ذات الأنظمة البرلمانية وهو المتمثل في تعيين جلالة الملك لرئيس الحكومة من الحزب المتصدر.

   وأكد الاكاديمي أن هذا التعيين أضحى اليوم عرفا دستوريا بتوفر ركنين أساسيين فيه ، هما التكرار الذي تحقق في 2011 و 2016 والركن المعنوي المتعلق بالترسخ في أذهان الناس.

   وبخصوص النتائج التي تمخضت عنها هذه الاستشارة الوطنية وانعكاساتها على المشهد الحزبي ،أعتبر الاستاذ الشرقاوي أنها أظهرت محدودية قاعدة عامة تفيد بأن “السلطة تنهك”، وأظهرت على العكس من ذلك قدرة الحزب الذي قاد التجربة الحكومية على قلب القاعدة إلى قراءة عكسية وهي أن السلطة قد تزيد من شرعية الأحزاب بدل إضعافها.

   كما أشرت نتائج الانتخابات ـ يضيف الاكاديمي- على أفول اليسار الذي شكل على الدوام العمود الفقري للعمليات الانتخابية وأحد التوابث فيها مسجلا أن ماحصلت عليه الاحزاب التي تصنف في خانة اليسار لا يتجاوز ربع ماحصل عليه الحزب المتصدر.

  وسجل المحلل السياسي ان من بين الظواهر التي صاحبت هذه الانتخابات “عسر الولادة” في إشارة الى حالة “الانسداد” التي تعرفها المشاورات السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة وما يستتبع ذلك من عطالة لمجلس النواب المنتخب.

  وعزا هذا الوضع من جهة، الى النص الدستوري “حيث اتضح أن الوقائع السياسية تفوق ما نظمته المقتضيات الدستورية، أي غياب آجال لتشكيل الحكومة ، وغياب خيارات بعد فشل تشكيل الحكومة” ومن جهة أخرى الى الخلافات بين الاطراف السياسية والصراع من أجل المكاسب والهيمنة على المواقع في الحكومة المقبلة.

   وحذر من تداعيات هذا السيناريو على الصورة الرمزية والوظيفية للمؤسسات الدستورية التي سعى دستور 2011 الى تقديمها بشكل فعال ، معتبرا أن الطبقة السياسية المغربية أمام تمرين سياسي له ماله وعليه ما عليه، غير أنه لا يجب أن يخرج عن دائرة المعقول والمتعارف عليه عالميا في اقامة الحكومات.

   وخلص الاكاديمي الى أن ثمة حاجة اليوم الى نخبة سياسية حكيمة وأعراف سياسية ديمقراطية ومقتضيات دستورية واضحة لاتحتمل التأويل حسب الاهواء.

اقرأ أيضا

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثالث

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:49

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام ، ليلة الأحد – الاثنين، بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثالث لمسابقة ركوب الأمواج، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

بورصة الدار البيضاء : أداء إيجابي في تداولات الافتتاح

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:23

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الإثنين بأداء إيجابي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” نموا بنسبة 0,38 في المائة ليستقر عند 13.824,97 نقطة.

حرائق الغابات.. خطورة “متوسطة” إلى “قصوى” من 29 إلى 31 يوليوز بعدة أقاليم (الوكالة الوطنية للمياه والغابات)

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 9:15

تتوقع الوكالة الوطنية للمياه والغابات خطورة “متوسطة” إلى “قصوى” لاندلاع حرائق الغابات بعدد من أقاليم المملكة، وذلك خلال الفترة من 29 إلى 31 يوليوز الجاري.