الهند.. عودة شبح حوادث القطارات المميتة بعد فاجعة مصرع أزيد من 140 شخصا إثر خروج قطار عن سكته

    (سعد أبو الدهاج)

   نيودلهي – عاد شبح حوادث القطارات المميتة في الهند من جديد، بعدما خلف خروج قطار “إندورا – باتنا إكسبريس” عن سكته، صباح أمس الأحد، مصرع حوالي 142 شخصا حتى الآن وإصابة 200 آخرين، بينهم العشرات في حالة حرجة جدا، مما أثار موجة غضب عارمة لدى أهالي الضحايا والرأي العام الهندي تجاه الهيئات المشرفة على قطاع السكك الحديدية في البلاد.

  وأعادت هذه الكارثة إلى أذهان العديد من المواطنين الهنود ذكريات مؤلمة لحادث مماثل يوصف بأنه أسوأ فاجعة شهدها قطاع النقل السككي في البلاد خلال سنة 1981 ، عندما انقلب قطار وهوى من فوق جسر   على أحد الأنهار في ولاية بيهار، ما أدى حينها إلى مقتل ما بين 500 و800 شخص.

  كما شهدت الهند، في سنة 2005، حادثين مماثلين تسبب كل واحد منهما في مقتل أكثر من مائة شخص وإصابة عشرات آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، في غياب أي حلول ناجعة لتردي خدمات النقل السككي من قبل الحكومات المتعاقبة منذ ذلك التاريخ.

  ووقع الحادث في الساعات الأولى من صباح أمس الأحد، عندما خرج قطار مكتظ بالمسافرين، كان يؤمن رحلة بين مدينة باتنا (شمال شرق الهند) ومدينة اندور (وسط)، في منطقة “بوكرايان” على بعد 65 كيلومترا جنوب مدينة “كانبور” بولاية أوتار براديش، ما أدى إلى انقلاب 14 عربة على الأقل.

  وقال المدير العام للشرطة المحلية دالجيت سينغ شاودهري، في تصريح لوسائل الإعلام، إن “عدد الجثث التي انتشلتها عناصر الإنقاذ والإغاثة بلغت 142 جثة، فيما تجاوز عدد الجرحى والمصابين 200 شخصا”، معربا عن أمله في إنقاذ بعض الأشخاص العالقين مع تواصل جهود رجال الإغاثة داخل حطام عربات القطار”.

  وأضاف المصدر ذاته أن السلطات الصحية المحلية استنفرت أزيد من ثلاثين سيارة إسعاف لنقل المصابين إلى مستشفيات مدينة كانبور، كما وفرت عددا من الآليات والوسائل اللوجيستية لرفع عربات القطار المحطمة وقطع بعض أجزائها الحديدية، من أجل المساعدة في إنقاذ بعض المفقودين، المقدر عددهم بنحو 20 شخصا. 

  وأشار إلى أن أسباب خروج القطار عن مساره لم تعرف بعد، بالرغم من ورود أخبار بشأن عطب في مكابح القطار وإتلاف للقضبان الحديدية، مؤكدا أن “أسباب الحادث ستعرف بعد التحقيق المعمق الذي أمرت السلطات المختصة على الفور بإجرائه لمعرفة الملابسات الحقيقية للحادث”.

  وبثت القنوات التلفزية المحلية والوطنية، طيلة يوم أمس، لقطات مروعة لجثث الضحايا وللإصابات الخطيرة التي تعرض لها ركاب القطار، كما بثت مشاهد مؤثرة ومؤلمة لناجين من الحادث وهم بصدد اقتحام العربات المحطمة أملا في البحث عن أقارب كانوا معهم خلال الرحلة، أو استرجاع حقائبهم ومقتنياتهم التي علقت وسط الحطام.

   وأمام هول الفاجعة، وعد سوريش برابهو وزير السكك الحديدية الهندي، الذي انتقل إلى موقع الحادث، بإجراء تحقيق معمق وشفاف للكشف عن الملابسات الحقيقية لهذا الحادث المأساوي، مشددا على أنه سيتم اتخاذ عقوبات صارمة تجاه كل من ثبتت مسؤوليته، وذلك سعيا وراء امتصاص غضب أهالي الضحايا والرأي العام الوطني. 

  لكن، بالرغم من هذه التصريحات، فإن الحصيلة الثقيلة التي خلفتها الفاجعة تطرح من جديد مشكل شبكة السكك الحديدية الهندية المتهالكة، إحدى أكبر الشبكات في العالم بقدرة تشغيل تمكنها من تسيير أزيد من عشرة آلاف قطار يوميا ونقل حوالي 20 مليون شخص يوميا، وهي الشبكة التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة بالنظر إلى قدم بنياتها التحتية، ما يؤدي إلى عشرات الحوادث سنويا.

  وكان وزير السكك الحديدية أعلن، بداية يونيو المنصرم، أن الحكومة الاتحادية قررت استثمار 140 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بهدف تحديث مجمل البنيات التحتية التابعة لقطاع السكك الحديدية وتحسين خدماتها المقدمة للمواطنين، مشيرا إلى أن هذه الاستثمارات الضخمة تنضاف إلى تلك التي تم ضخها في وقت سابق بقيمة 14 مليار دولار.

  وأضاف المصدر ذاته أن الهند تحتاج إلى استثمار ما بين 10 و11 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام، من أجل إرساء بنية تحتية قوية وناجعة تساهم في إعطاء دفعة قوية للنمو الاقتصادي للبلاد.

  وإلى حين تنفيذ هذه المشاريع الحكومية “الطموحة”، يظل عشرات الملايين من المسافرين الهنود على متن القطارات تحت رحمة المشاكل المرتبطة بسوء الصيانة وقدم الشبكة السككية وأحيانا، رعونة بعض السائقين وتهورهم.