آخر الأخبار
مدينة فاس تحتل بتنوع وغنى موروثها الحضاري مكانة متميزة ضمن المدن العالمية العريقة

مدينة فاس تحتل بتنوع وغنى موروثها الحضاري مكانة متميزة ضمن المدن العالمية العريقة

الأربعاء, 15 يونيو, 2016 - 19:15

  فاس – تعتبر مدينة فاس بشوارعها الفسيحة وأزقتها وأسواقها وساحاتها وحاراتها القديمة، فضاء متميزا للإشعاع الثقافي والفكري والعلمي الذي يعكس غنى وتنوع الذاكرة الجماعية للمملكة وكذا أصالة وتفرد الموروث الحضاري المغربي .

   واستعادت العاصمة العلمية والروحية للمملكة التي تحظى بمكانة متميزة في ذاكرة وقلوب ووجدان المغاربة وزوارها توهجها ورونقها بعد انتهاء أشغال ترميم وإعادة تأهيل ورد الاعتبار ل 26 معلمة من المواقع التاريخية والفضاءات المعمارية والحضارية التي تزخر بها المدينة العتيقة والتي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشينها اليوم الأربعاء .

   وشهدت المدينة العتيقة لفاس التي تأسست في أواخر القرن الثامن ( 192 هجرية )، وتمتد على مساحة تقدر 354 هكتارا توسعا عمرانيا كبيرا طوال المراحل التاريخية التي اجتازتها كما عرفت تطورا حضاريا عكسته العديد من المعالم التاريخية التي تؤثث مختلف دروبها وأحيائها والتي تختزن موروثا حضاريا عريقا في مجال فن البناء والعمارة .

   ولعل اهم ما يميز الحاضرة الإدريسية في مجال هذه العمارة توفرها على شبكة من القنوات المائية التقليدية التي تمتد على طول 70 كلم تغذي حدائقها وبركها المائية الجميلة كما تزود حماماتها التقليدية وأكثر من 4000 نافورة عمومية وخاصة بالمياه العذبة .

   وقد بلغت هذه المدينة التي تضم 9000 من المواقع والمآثر التاريخية شأنا كبيرا وأضحى اسمها يحيل في العديد من الفترات التاريخية على المغرب الذي عرف في عهد الأمبراطورية العثمانية باسم فاس، كما أن مرور القوافل التجارية عبر المدينة والهجرة من مدينتي قرطبة والقيروان إلى فاس تركت بصمات قوية في ذاكرة هذه الحاضرة وساهمت في إثراء فن العيش لدى ساكنتها .

   ومع توالي القرون واكتساب فاس لشهرتها ولإشعاعها الحضاري أصبحت هذه المدينة التي أقام فيها وعبرها العديد من الرحالة والمؤلفين والكتاب المرموقين وعلماء التاريخ في منتصف القرن الثالث عشر خاصة في عهد السلاطين المرينيين العاصمة السياسية للمغرب وكذا المدينة البوجوازية والإدارية والعسكرية في نفس الوقت .

   ومع حلول سنة 1549 ميلادية فقدت مدينة فاس مكانتها كعاصمة للأمبراطورية في عهد السعديين الذين ينتمون لجنوب المغرب لتبقى لفترة طويلة في الظل بعدما أخذت منها مدينة مراكش الريادة .

   ومن خلال مكانتها وصيتها الواسع، حاولت المدينة الحفاظ على تقاليدها الاسبانية الموريسكية والتشبث بالتراث الموروث عن مدينتي قرطبة والقيروان. وفي سنة 1666 أعاد لها السلطان العلوي مولاي الرشيد مكانتها كعاصمة لمملكته لتبدأ هذه المدينة في استعادة إشعاعها وازدهارها من خلال مساجدها المتعددة ومدارسها التي تم تشييدها وتأهيلها .

   وفي وقت لاحق ربطت مدينة فاس ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر علاقات تجارية مع مجموعة من الدول الأوروبية لتأخذ منعطفا جديدا .

   وحسب العديد من المؤرخين فإن مدينة فاس التي أضحت موئلا للعلوم والمعارف وملتقى للتيارات الفكرية والحضارية ولمختلف الأفكار والتعابير الفنية وكذا معبرا للقوافل التجارية وما يواكبها من نقل الخبرات والتجارب وفن العيش اكتسبت لقب ( مدينة عالمية ) .

   كما تحولت هذه المدينة التي تحتضن مسجد الأندلس ( 250 هجرية ) وجامع القرويين ( 249 هجرية ) اللذين أقيما على ضفتي واد فاس من طرف فاطمة الفهرية وأختها مريم ملتقى روحيا للعديد من الشيوخ الكبار والعلماء والمريدين والفقهاء وكذا للفلاسفة والمثقفين .

   وإلى جانب طابعها الديني والروحي الذي يتمثل في توفرها على العديد من الفضاءات ودور العبادة تتميز المدينة العتيقة لفاس باحتضانها لمجموعة من المدارس لعل أشهرها مدرسة الصفارين ومدرسة العطارين والمدرسة المصباحية ومدرسة الصهريج والسباعيين ومدرسة وجامع البوعنانية التي بناها السلطان أبو عنان المريني في القرن الرابع عشر .

   ووعيا منها بأهمية التراث العريق للمدينة صنفت منظمة اليونسكو منذ سنة 1980 مدينة فاس تراثا إنسانيا عالميا ووجهت نداء الى المنظمات الدولية والحكومية والمؤسسات العمومية والخاصة والمؤسسات المالية وشعوب العالم من أجل إنقاذ هذا التراث الثقافي والمعماري العريق .

 

  وبهذا التصنيف والمجهود الدولي الذي رافقه لترميم وإنقاذ النسيج المعماري للمدينة العتيقة لفاس تكون هذه الحاضرة قد استفادت وفي مرحلة لاحقة من إعلان جديد سنة 1992 أطلقه هذه المرة السيد فريدريكو مايور المدير العام لمنظمة اليونسكو .

   ومع توالي السنين والأعوام وتدهور النسيج الحضاري لمدينة فاس، نهج المغرب من اجل الحفاظ على موروثه الحضاري والتاريخي رؤية جديدة قادها صاحب الجلالة الملك محمد السادس منذ 1999 حين أكد جلالته في الرسالة الملكية التي وجهها الى المشاركين في الدورة 23 للجنة التراث العالمي التي انعقدت بمراكش في شهر نونبر 1999 على ” ضرورة اعتماد رؤية ديناميكية بخصوص هذه الحماية قوامها إدماج تراثنا في مشاريع التنمية وليس فقط تحنيطه في إطار رؤية تقديسية للماضي وهو ما يستدعي أيضا ربط جسور قوية بين هذا الموروث الحضاري وبين إبداع الإنسان في الزمن الحاضر لان تراث الغد هو أيضا ما نبتكره اليوم فلا مناص إذن من جعل التراث فضاء مشتركا لحوار الحضارات وحوار الأجيال والأزمنة ” .

   وتم تعزيز هذه الجهود باعتماد برنامج ترميم المعالم التاريخية وكذا برنامج معالجة البناء المهدد بالانهيار بالنسيج التاريخي لمدينة فاس الذي خصص لهما غلاف مالي يفوق 615 مليون درهم والذي يمتد على مدى خمس سنوات ( 2013 / 2018 ) .

   وهمت هذه البرامج ترميم 27 من المعالم والمآثر الحضارية والمواقع التاريخية المبثوثة بالمدينة العتيقة داخل الأسوار بالإضافة إلى معالجة التدهور الذي طال حوالي 4000 بناية مهددة بالانهيار من بينها 1729 توجد في مراحل متقدمة من التدهور والتردي بالإضافة إلى ترميم مجموعة من المدابغ التقليدية والقناطر والفنادق والمدارس العتيقة يعود تاريخ بنائها إلى القرنين 13 و 14 .

 

 

اقرأ أيضا

مجلس الوزراء السعودي يوافق على مذكرة تفاهم بين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالسعودية وصندوق الإيداع والتدبير

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 17:38

وافق مجلس الوزراء السعودي في جلسة ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، اليوم الثلاثاء في جدة، على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التأمين الاجتماعي بين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالسعودية وصندوق الإيداع والتدبير بالمغرب.

كأس العرش للغولف 2024 .. انطلاق منافسات الدورة التاسعة عشرة بالرباط

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 12:38

انطلقت، صباح اليوم الثلاثاء بمسالك النادي الملكي للغولف دار السلام بالرباط، منافسات الدورة التاسعة عشرة لكأس العرش للغولف للموسم الرياضي 2024، التي تستمر إلى غاية 27 يوليوز الجاري.

المملكة المتحدة.. حضور قوي للمغرب في معرض فارنبورو للطيران

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 11:27

يبصم المغرب على حضور قوي في معرض فارنبورو الدولي للطيران، الذي يقام بجنوب غرب لندن من 22 إلى 26 يوليوز الجاري، بهدف إبراز المؤهلات التي يزخر بها المغرب من حيث فرص الاستثمار وتوفير الموارد في قطاع الطيران.‏