آخر الأخبار
الموارد المائية بواحات تافيلالت .. الإكراهات الهيكلية والرهانات المستقبلية

الموارد المائية بواحات تافيلالت .. الإكراهات الهيكلية والرهانات المستقبلية

الخميس, 9 يونيو, 2016 - 10:55

 

(بقلم : علي الحسني)

الرشيدية –  تواجه واحات تافيلالت عدة إكراهات متزايدة تتعلق بتدبير الموارد المائية، وذلك بالنظر للطلب المتزايد  على مياه السقي من جهة والعجز المسجل في حمولات المياه المعتمدة أساسا على حقينة سد الحسن الداخل والتي تتباين من موسم لآخر بفعل التغيرات المناخية المرتبطة اساسا بالطبيعة الجغرافية للمنطقة.

وتشكل ندرة الماء بهذه الواحات، التي تعد من أكبر وأهم الواحات بالمغرب بالنظر إلى شساعة مساحتها التي تمتد من بوذنيب شرقا الى تنجداد جنوبا، وغياب تدبير جيد له مشكلا كبيرا يزيد من حدته تعاقب فترات الجفاف والأنظمة المائية الفلاحية التي يتعين مراجعتها.  وقد أفضى الغياب المتدرج للظروف الملائمة للاستغلال الفلاحي للواحات إلى انخفاض في دخل الساكنة التي أضحى مستوى الفقر يشكل إشكالية كبيرة بالنسبة لغالبيتها.

كما أن من بين التحديات التي تواجه الماء في الواحات النقص في الموارد المائية التي تشكل رهانا كبيرا بالنسبة للمناطق الواحاتية، وهو يعزى إلى الطبيعة الجغرافية لهذه المناطق التي يغلب عليها الطابع الصحراوي وكذا النمو الديمغرافي المتسارع وتحديث هياكل الاقتصاد.

وفي الوقت الراهن، يعرف النقص في الموارد المائية تفاقما سريعا حيث تشهد المنطقة الواحاتية التي تعتمد بشكل كامل على مياه سد الحسن الداخل تضاعفا في عمليات الضخ وهو ما يتسبب في انخفاض حجم حقينته.

وقد كان لتراجع حجم المياه بالمنطقة الواحاتية والذي بدأ سنة 1996، تأثير مزدوج تمثل في تقلص الأشجار وانتشار مرض البيوض، وتطوير زراعة الحبوب التي تشغل أكثر من نصف المساحات المزروعة.

ويتوقع – حسب المختصين – أن يستمر نقص المياه في الواحات المغربية في أفق سنة 2020، مع بلوغ الحاجيات لهذا المورد الحيوي حجم 1528,8 مترا مكعبا مقابل 1329,6 المعبأة أي بعجز يقدر بـ199,2 مليون مترا مكعبا (87 بالمائة من الحاجيات).

ومن المرتقب أن يسجل أهم عجز في الموارد المائية في كلميم (ناقص 71,4 مليون مترا مكعبا)، مقابل 92,1 مليون مترا مكعبا المعبأة في أفق سنة 2020 (56بالمائة من الحاجيات).
  من جهته، سيعرف حوض درعة عجزا بحجم 77,3 مليون مترا مكعبا سنة 2020، أي بتلبية حاجيات بنسبة 88 بالمائة، فيما سيعرف حوض زيز عجزا بحجم 49,3 مليون مترا مكعبا سنة 2020 (90 بالمائة من الحاجيات مقابل 82 بالمائة بالنسبة لفكيك) كما ان الاشكال يكمن في التدبير العقلاني للموارد المائية في مجال الاستثمار الفلاحي مع الإشراك الفعلي لكل المتدخلين بمن فيهم المجتمع المدني في مسلسل تنمية الموارد المائية عبر خطوات التحسيس و التوعية وتعبئة الموارد المائية
المتجددة مع تحسين الإطار المؤسساتي والقانوني لإرساء أسس تدبير تشاوري مندمج للموارد المائية و تأمين تنمية متجانسة ومستديمة لقطاع الماء.

إن طرح موضوع الاستثمار في علاقته بالتنمية المحلية واستغلاله للمياه الجوفية بالواحات وخاصة بمنطقة بوذنيب قد اثار انشغالات وطرح تساؤلات كثيرة لدى جمعيات المجتمع المدني، لانه، حسب الفاعل الجمعوي محمد بنشريف، “ينبع من اعتبار الاستثمار رافعة أساس للتنمية ومدخلا لتأهيل المنطقة اقتصاديا، بيد أن المقاربة المنتهجة في تدبير هذا الملف تحول دون تحقيق هذا المبتغى، بل سيتحول الوافد الجديد إلى مدمر لكل مقومات التنمية المحلية في المنطقة وسيحدث تأثيرات اجتماعية واقتصادية وبيئية خطيرة وخاصة على مستوى الموارد المائية”.

ويرى الفاعل الجمعوي أن الاستثمار في منطقة بوذنيب يعرف تزايدا كبيرا وملفتا للنظر واستغلالا واسعا لمساحات زراعية من أراضي الجموع تعد بالآلاف، ويواكب هذا التزايد ارتفاع في عدد الأثقاب والأحواض المائية مع عدم وتوفر معطيات واضحة تبين توافق تزايد عدد المستثمرين والمساحات المستغلة مع حجم الفرشة المائية التي تتوفر عليها المنطقة، ولقد أبدت تنسيقية هيئات وفعاليات المجتمع المدني تخوفها من الاستعمال المفرط للفرشة المائية.

واكد أن “عدم الاكتراث بالعواقب البيئية الناجمة عن الإفراط المهول في استغلال الفرشة المائية والتطور المتوحش للإنتاج دون توفر معطيات واضحة لقدرة استيعاب الفرشة المائية بتزايد عدد المستثمرين يزيد من تخوفات الساكنة وحول الاستثمار إلى بؤرة للتوتر الاجتماعي، و هو ما نلحظه تباعا في العديد من الوقفات والمسيرات التي نظمتها العديد من القصور التي يتواجد فيها المستثمرون، ولابد أن نسجل أنه هناك استخفافا بالآثار البيئية وميلا لخيار رفع الإنتاجية وجلب المستثمرين مما سيدمر أهم مرتكز تنموي لمنطقة بوذنيب ألا و هو الفرشة المائية”.
وخلص بنشريف الى ان السعي إلى زيادة الإنتاجية و جلب الاستثمار ضرورة معقولة لكن الرغبة في ذلك دون مراعاة العواقب البيئية خاصة مع شح الموارد المائية في منطقة صحراوية تعرف أخفض معدل للتساقطات بالمغرب يعتبر كأنه سعي إلى فشل مضمون ترافقه كوارث بيئية وخيمة.

   ونتيجة لكل ذلك وما يستتبعه من تداعيات على المستوى الاقتصادي وخاصة الجانب الفلاحي وتاثيره على البنية الاجتماعية للساكنة المحلية التي بدات تعيش حالة الهشاشة والتفكير في  هجرة الواحات وبالتالي التخلي عن مناطق فلاحيةمهمة لصالح التصحر والجفاف وزحف الرمال. 

ولمواجهة هذه الوضعية المقلقة التي تواجهها الموارد المائية بالواحات  يتعين -حسب مشروع التكيف مع التغير المناخي- تشجيع بعض الممارسات التي تثمن اقتصاد الماء، وخاصة في القطاع الزراعي الذي يشكل القطاع الأكثر استهلاكا لهذا المورد الحيوي، وخاصة من خلال الرجوع إلى تقنية السقي الموضعي، وتشجيع عمليات السقي الجماعي، والنهوض بدور جمعيات مستخدمي المياه الزراعية في عملية تدبير هذا المورد، مع حث الساكنة على تغيير العقليات عبر تحسيسها بأهمية التدبير المعقلن للموارد المائية.

ويتعلق الأمر بعملية معقدة يواجهها تحديان أساسيان يتمثلان في صعوبة التحكم في الجوانب التقنية المرتطبة بالتغير المناخي، واعتياد الساكنة على ممارسات سقي بدائية ليست مستعدة للتخلي عنها.

كما يفاقم غياب حكامة جيدة من إشكالية تدبير الماء في الواحات. ويعد تحسين الحكامة أهم شيء يتعين البدء به لمعالجة هذه المشكلة. ويشكل التدبير المندمج للموارد المائية وسيلة أثبتت نجاعتها من أجل بلوغ هذه النتيجة.
وتعد الإجراءات التالية حسب نفس المشروع ضرورية من أجل ضمان إمكانية تطبيق التدبيرالمندمج للموارد المائية ومنها ضرورة وجود إرادة سياسية لاعتماد التدبير المندمج للموارد المائية، وهو أمر يهم الإدارات والمنتخبين على حد سواءوتقاسم جميع الأطراف المتدخلة للمعلومات المتوفرة لديها واعتماد المقاربة التشاركية في مختلف مراحل برمجة المشاريع والدراسات والتنفيذ
والتدبير واعتماد تشاور بين المتدخلين على جميع المستويات فضلا عن إحداث تنظيم لتدبير المشاريع يكون مناسبا للسياق المحلي من أجل ضمان تنفيذ التدبير المندمج للموارد المائية.

كما ان التدبير المندمج للموارد المائية سيساهم في التنمية المستدامة لهذه الموارد من خلال أخذ مختلف الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بعين الاعتبار.

وتمكن المقاربة المندمجة من تنسيق تدبير الموارد المائية من طرف جميع القطاعات على المستويين الوطني والجهوي. ذلك أنها تركز على مشاركةالفاعلين في مختلف مستويات صياغة النصوص القانونية، واعتماد الحكامة الجيدة والتدابير المؤسساتية والتنظيمية الفعالة بما من شأنه النهوض بقرارات قابلة للتطبيق. وتدعم هذه العملية مجموعة من الوسائل من قبيل إجراءات التقييم الاجتماعي والبيئي، والآليات الاقتصادية، ونظم الإعلام والمتابعة.

من جهتها، تعتبر وكالة الحوض المائي لكير –زيز –غريس  أن من شان إنجاز سدود أخرى بالمنطقة الى جانب سد الحسن الداخل سيمكن من تعبئة موارد مائية سطحية إضافية جد مهمة ، مشيرة إلى أن من بين السدود التي تم الاتفاق على إنجازها في إطار المخطط المديري للتهيئة المندمجة للموارد المائية الذي أنجزته الوكالة بتعاون مع الجهات المختصة “سد تامتاتوشت” على وادي تودغى، الذي سيمكن من المحافظة وحماية الواحات من مشكل الفيضانات، و”سد تاديغوست” على وادي غريس الذي سيرفع من مستوى كمية الموارد المائية على مستوى هذا الحوض والتي كانت لا تستغل بسبب ضياعها في الصحراء، إلى جانب سدود صغرى ك”سد افني” بتنجداد و “سد تاغوشت “.

ولتقنين استعمال الموارد المائية والحفاظ عليها وخاصة الجوفية منها تم اعداد مشروع عقدة الفرشة المائية ببوذنيب التي تتوخى وضع سياسة تشاركية وبلورة خطة عمل متفق حولها بما يتماشى مع توصيات واحكام الاستراتيجية الوطنية للماء والمخطط المديري للتهيئة المندمجة للموارد المائية لحوض كير-زيز-غريس وتتمحور حول اقتصاد وترشيد استعمال الماء والتنمية والمحافظة على المياه الجوفية وتعبئة الموارد المائية السطحية.

 

اقرأ أيضا

مجلس الوزراء السعودي يوافق على مذكرة تفاهم بين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالسعودية وصندوق الإيداع والتدبير

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 17:38

وافق مجلس الوزراء السعودي في جلسة ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، اليوم الثلاثاء في جدة، على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التأمين الاجتماعي بين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالسعودية وصندوق الإيداع والتدبير بالمغرب.

كأس العرش للغولف 2024 .. انطلاق منافسات الدورة التاسعة عشرة بالرباط

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 12:38

انطلقت، صباح اليوم الثلاثاء بمسالك النادي الملكي للغولف دار السلام بالرباط، منافسات الدورة التاسعة عشرة لكأس العرش للغولف للموسم الرياضي 2024، التي تستمر إلى غاية 27 يوليوز الجاري.

المملكة المتحدة.. حضور قوي للمغرب في معرض فارنبورو للطيران

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 11:27

يبصم المغرب على حضور قوي في معرض فارنبورو الدولي للطيران، الذي يقام بجنوب غرب لندن من 22 إلى 26 يوليوز الجاري، بهدف إبراز المؤهلات التي يزخر بها المغرب من حيث فرص الاستثمار وتوفير الموارد في قطاع الطيران.‏