زيارة الوزير الأول الهندي للولايات المتحدة .. تكريس لجودة العلاقات الثنائية وسعي إلى تمتين شراكتهما الاستراتيجية

 (سعد أبو الدهاج)

نيودلهي – تهدف الزيارة الرسمية، التي بدأها الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، مساء أمس الاثنين إلى الولايات المتحدة، إلى تكريس جودة العلاقات بين البلدين، كما تتطلع إلى تمتين الشراكة الاستراتيجية القائمة بينهما.

وتطمح هذه الزيارة، التي تستغرق ثلاثة أيام، إلى مواصلة تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها على أسس متينة، خاصة وأن الوزير الأول الهندي أدرك أن السعي إلى إثبات الذات إقليميا ودوليا، وكذا جذب استثمارات اقتصادية كبرى يمر حتما من بوابة الولايات المتحدة، وهو ما يغذي أيضا طموحه إلى إرساء شراكة استراتيجية فعالة بين البلدين تتجاوز الروابط التقليدية صوب تشكيل نموذج تنموي فريد للعلاقات بين الشمال والجنوب .

ويبدو أن الجهود التي بذلها الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، طيلة السنتين الماضيتين ساهمت بقسط وافر في عودة الدفء إلى العلاقات الهندية- الأمريكية، وتجاوز مرحلة الفتور التي مر منها البلدان بسبب بعض الإشكالات الدبلوماسية، وفي التاسيس أيضا لمرحلة متقدمة من الشراكة والتعاون بين قوتين اقتصاديتين.

ويرى محللون أن الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي سيسعى، خلال هذه الزيارة، إلى مواصلة جهوده لدى أهم الفاعلين الاقتصاديين الأمريكيين، في إطار الترويج للاستثمار في بلاده، والمساهمة بقسط وافر في الحملة الترويجية التي كان قد أطلقها تحت اسم “إصنع في الهند”، من أجل حث رجال الأعمال المحليين والأجانب على إقامة مشاريع استثمارية في البلاد.

كما يهدف ناريندرا مودي، من خلال الزيارات المتكررة إلى الولايات المتحدة، إلى تجاوز الفكرة السابقة التي تقول إن الهند كانت تلاقي على الدوام اهتماما قليلا من قبل الولايات المتحدة مقارنة مع دول آسيوية أخرى كاليابان والصين وكوريا الجنوبية، إذ كانت علاقات التعاون بينهما تقتصر على المجالات المرتبطة بالأمن والدفاع ومحاربة الإرهاب، دون أن تمتد لباقي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

وفي هذا السياق، سيعمل الوزير الأول الهندي، خلال اللقاءات التي سيعقدها مع أقطاب الاقتصاد الأمريكي، على إبراز التوجه الجديد للهند (ثالث أكبر اقتصاد في القارة الآسيوية) القائم  على استقدام رؤوس أموال أجنبية لإقامة مشاريع استثمارية تنعش الاقتصاد الهندي وتساهم في تشغيل عشرات الآلاف من الكفاءات العلمية والأيدي العاملة الهندية.

ومن جهتها، تدرك الولايات المتحدة أن الهند، التي تعد اليوم ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وثالث أكبر اقتصاد آسيوي وأحد الاقتصاديات الصاعدة إلى جانب الصين، أصبحت ذات وزن استراتيجي واقتصادي مهم في القارة الآسيوية والعالم، وأحد الأسواق المهمة والواعدة التي ينبغي أن تلقى مزيدا من الاهتمام مستقبلا .

وخلال هذه الزيارة، سيجري ناريندرا مودي مباحثات في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ستتركز على عدد من القضايا السياسية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، لاسيما ما يتعلق منها ببعض الملفات الشائكة؛ كمحاربة الإرهاب وبرنامج الدفاع المشترك والوضع في أفغانستان.

كما أنه من المقرر أن يوجه الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، خلال هذه الزيارة، خطابا أمام مجلس النواب الأمريكي “الكونغرس”، بدعوة من رئيسه، حيث سيكون خامس وزير أول هندي يتحدث أمام هذه المؤسسة التشريعية، في إطار مبادرة تتاح لقادة الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة.

وتأتي هذه الزيارة عقب توقيع الهند والولايات المتحدة على مذكرة تفاهم بشأن تعزيز آفاق التعاون بين البلدين في مجال أمن الطاقة والطاقة النظيفة والتغيرات المناخية، وعلى اتفاق يخص تبادل المعلومات حول الإرهابيين.

وكان قائدا البلدين قد توصلا، في فترة سابقة، إلى إرساء شراكة استراتيجية ترتكز على استفادة الهند من النمو الناتج عن الاستثمارات الأمريكية والشراكات الاقتصادية والتقنية، فيما تستفيد الولايات المتحدة من المؤهلات والإمكانيات الهائلة التي تزخر بها الهند كأحد أكبر الاقتصادات الصاعدة وأهم الأسواق الواعدة .

وكانت الهند والولايات المتحدة قد توصلتا، خلال زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الهند في أواخر يناير 2015 ، لتفاهمات بهدف تعزيز التنمية المشتركة بين البلدين، والوصول إلى تعاون مرتبط بتصنيع الأسلحة الدفاعية، فضلا عن ارتباط البلدين، منذ عقود طويلة، بتعاون وثيق في المجالات المرتبطة بالأمن والدفاع ومحاربة الإرهاب.

تجدر الإشارة إلى أن الجولات التي يقوم بها الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، تعكس سعي الحكومة الهندية الحثيث إلى إرساء حركية اقتصادية غير مسبوقة في البلاد، من خلال مواصلة العمل على إنجاح حملتها الاستثمارية والترويجية “إصنع في الهند”، وذلك في أفق تحويل الهند إلى قطب دولي للتصنيع بامتياز.