المكسيك .. نحو تقنين الاستخدام الطبي للماريخوانا

  بقلم .. الطيب كزرار

   مكسيكو سيتي – بتوقيع الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو لمبادرة إصلاح قانون الصحة العامة والمدونة الجنائية الفدرالية، وبعث التعديلات إلى الكونغرس قصد المصادقة، تكون البلاد قد تقدمت خطوة أخرى نحو تقنين الاستخدام الطبي للماريخوانا ومكوناتها النشطة.

   وفي حال موافقة الكونغرس على هذه المبادرة، سيتم الترخيص بإجراء بحوث سريرية لأغراض تسجيل المنتجات التي تحتوي على الماريخوانا، فضلا عن عدم تجريم حيازة الماريخوانا للاستعمال الشخصي في حدود 28 غراما، وفقا للمعايير الدولية.

   وقال الرئيس المكسيكي، خلال الإعلان عن حزمة الإصلاحات التي وقعها وأرسلها إلى مجلس الشيوخ أواسط الأسبوع الجاري، إنه “من المستحيل إنكار أن النقاش بشأن المخدرات يشهد تحولا في المكسيك والعالم”، مشيرا إلى أن “المكسيكيين يعلمون جيدا مدى وحدود مخطط الحظر والعقاب، لما يسمى ب(الحرب على المخدرات)، الذي ساد لأزيد من 40 سنة على المستوى الدولي”.

   وكانت المكسيك قد شرعت بداية العام الجاري في نقاش عمومي “تاريخي” بشأن تقنين استعمال الماريخوانا ودراسة كافة السبل المتعلقة بالجوانب الأخلاقية والاقتصادية والتنظيمية والصحية والأمنية لمثل هذا القرار.

   وقد تم في هذا الإطار تنظيم خمس منتديات جهوية كانت مفتوحة في وجه المواطنين، وشهدت مشاركة خبراء وطنيين ودوليين، وناقشت قضايا تتعلق بالصحة العامة والوقاية، والأخلاق وحقوق الإنسان، والأبعاد الاقتصادية والتنظيمية، والسلامة العامة.

   وجاء إطلاق هذا النقاش في إطار التجاوب مع النقاش المجتمعي، المنقسم بين مؤيد ومعارض، الذي أثاره الحكم الصادر عن محكمة العدل العليا للأمة بالمكسيك في شهر أكتوبر الماضي والقاضي بالسماح لأربعة مواطنين باستهلاك الماريخوانا وزراعتها لأغراض شخصية.

   كما تهدف المبادرة الإصلاحية إلى إطلاق سراح الأشخاص الذين يقضون عقوبات، يعتبرها البعض، غير مناسبة لجريمة “استهلاك الماريخوانا”.

   وكما هو الحال بالنسبة لجميع الأدوية، فإن تلك التي ستصنع من مستخلصات القنب الهندي ستخضع، بموجب المبادرة، أيضا لضوابط صحية صارمة، لإظهار جودة وسلامة وفعالية خصائصها العلاجية.

   بالموازاة مع هذا المقترح الإصلاحي، سيتم اتخاذ خطوات أخرى نحو نموذج جديد، يقارب قضية المخدرات من منظور الوقاية والصحة العامة وحقوق الإنسان.

   كما سيتم مواكبة المبادرة بجهد مؤسساتي متجدد من أجل الوقاية من الإدمان، يهدف خصوصا لحماية الأطفال والشباب.

   في هذا الصدد، كانت محكمة مكسيكية سمحت، في غشت الماضي، لأبوين مكسيكيين بجلب دواء أساس تكوينه من الماريخوانا من الخارج لمعالجة ابنتهما ذات الثمانية أعوام من الصرع.

   وتأتي هذه الخطوة تماشيا مع المقاربة التي تبناها عدد من قادة الدول في المنطقة، حيث طالبوا بتغيير المسار في سياسة المخدرات، خاصة وأن المقاربة الأمنية الصارمة أثبتت عدم فعاليتها إلى حد كبير.

   يشار إلى أن المكسيك كانت قد شرعت سنة 2009 بالسماح بحيازة المخدرات للتعاطي الشخصي دون ترويجها، حيث سمحت السلطات بحيازة ما يصل إلى خمسة غرامات من الماريخوانا، و500 ميليغرام من الكوكايين، وكميات صغيرة من الهيروين ومواد الأمفيتامين المخدرة.