القمة المغربية – الخليجية بالرياض .. قمة جيو-استراتيجية لدعم الشراكة بين الطرفين

الرياض – تعد القمة المغربية – الخليجية المنعقدة بالرياض، قمة جيو – استراتيجية لدعم الشراكة بين الطرفين، وتشكل نموذجا يحتذى به للعمل العربي المشترك.
لقد ارتكزت علاقات المغرب مع دول مجلس التعاون الخليجي، على الدوام، على وشائج القرب والمصير المسترك، ووحدة الهدف، وتوطيد الروابط والعلاقات الوثيقة القائمة في شتى المجالات، وخدمة المصالح والأهداف المشتركة والتضامن.
إن التغيرات الدولية والإقليمية، والتحولات المتسارعة التي تعرفها المنطقة العربية، أضحت تفرض، أكثر من أي وقت مضى، تنسيق الجهود، والمزيد من التشاور بين المملكة المغربية ودول مجلس التعاون الخليجي.
وتدرك المملكة المغربية بأن التنسيق والتعاون الكامل مع دول مجلس التعاون الخليجي من شأنه، ليس فقط خدمة شعوبها، وإنما كذلك الأهداف السامية للعمل العربي المشترك، وخدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية.
ومن هذا المنطلق، يسعى المغرب إلى ترسيخ علاقاته الإستراتيجية وشراكته مع دول المجلس، الذي يعد حليفا وشريكا، لما فيه خدمة المصالح والأهداف المشتركة. كما أن هذه العلاقات تساير المتغيرات الجيو – استراتيجية والتحديات الكبرى التي تواجه المنطقة العربية.
ويدرك المغرب أن المخاطر المحدقة بالمنطقة العربية بفعل تنامي تهديدات ناجمة عن بروز قوى غير عربية، أصبحت تفرض الحاجة الماسة إلى تعزيز التضامن والعمل المشترك، والتنسيق الدائم مع دول مجلس التعاون الخليجي.
كما يؤمن المغرب بأن علاقاته مع دول المجلس، علاقات لا تتحكم فيها الظرفية السياسية، ولا تتأسس على حسابات ظرفية لكونها تاريخية، وتتوق إلى ترسيخها من منظور التعاون المشترك، واستكشاف آفاق جديدة للرقي بها.
وتسجل المملكة المغربية، باعتزاز، أن دول مجلس التعاون الخليجي لطالما عبرت عن دعمها وتأييدها وتضامنها معها، في الدفاع عن مصالحها ونصرة قضاياها العادلة، كما وقفت دوما إلى جانبها، وكانت مواقفها ووجهات نظرها تتسم بالتطابق.
وفي منطقة عرفت تحولات وتغيرات، استطاعت المملكة المغربية ودول المجلس التعاون الخليجي، فضلا عن المملكة الأردنية الهاشمية، الحفاظ على استقرارها، بفضل تجاوبها مع انتظارات شعوبها، والإصلاحات السياسية والديمقراطية التي عرفتها، مما جعلها منظومة للعمل العربي المشترك وتكتلا اقتصاديا إقليميا وازنا يحتذى به.
إن قمة مجلس التعاون الخليجي بمشاركة المغرب، ستفتح لا محالة، آفاقا جديدة وواعدة، في مسار العمل العربي المشترك، وستساهم في ترسيخ أسس التعاون المشترك للرقي بالعلاقات الإستراتيجية، التي تجمع دول هذه المنظومة نحو الأفضل، خدمة للأهداف والمصالح الحيوية المشتركة، وتكريس التضامن القائم بينها.
وتهدف القمة، التي تندرج في إطار ثوابت السياسة الخارجية للمغرب، وتتأسس على تنويع شركائه غير التقليديين، إلى تعميق العلاقات المغربية – الخليجية على أسس بنيوية ومؤسساتية ومتعددة الأبعاد، بما يساهم في تنويع الشراكات لما فيه مصلحة الشعوب والدول.
وفي هذا الإطار، ما فتئ المغرب يعمل، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على تعزيز علاقاته الثنائية مع حلفائه التقليديين، مع الانفتاح على شركاء جدد، في إطار تنويع الشراكات، خاصة مع القوى الدولية الفاعلة، ومع التكتلات السياسية والاقتصادية، إقليمية كانت أو قارية، لما فيه خدمة مصالح البلاد.
وتعكس القمة المغربية – الخليجية الدور الذي يقوم به المغرب، الشريك الإقليمي والدولي الذي لا محيد عنه، على الأصعدة القارية والإقليمية والدولية، باعتباره أضحى يشكل نموذجا يعتد به في شتى المحافل الدولية. كما يعتبر المغرب شريكا موثوقا ومرغوبا فيه قاريا ودوليا، وهو الذي كرس دوره المحوري والمؤثر في العالمين العربي والإسلامي.
بالإضافة إلى ذلك، ستمكن مأسسة العلاقات بين الجانبين من الخروج بمواقف عربية مشتركة، بما يمكن من إرساء قدرة تفاوضية إزاء مكونات المنتظم الدولي للدفاع عن القضايا العادلة لشعوب ودول المنطقة. كما ستسهم في بناء نظام عالمي جديد أكثر توازنا وتضامنا وعدلا، لا تكون فيه الغلبة للقوي على الضعيف، ولا تهضم فيه مصالح الأمة الإسلامية العربية لصالح مصالح الدول النافذة.