قمة المغرب مجلس التعاون الخليجي : تكريس شراكة جيواستراتيجية متعددة الأشكال

الرباط – تشكل قمة المغرب-مجلس التعاون الخليجي، المرتقب انعقادها اليوم الأربعاء بالرياض، على أكثر من صعيد، تكريسا لشراكة جيواستراتيجية مكثفة وغنية ومتنوعة ومتعددة الأشكال، حيث تتداخل السياسة مع الأبعاد الاقتصادية والدبلوماسية، في إطار تعاون دائم التجدد.
فالحضور الفعلي في أشغال هذه القمة، الأولى من نوعها ، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، فضلا عن المستوى الرفيع للوفد المرافق لجلالته، يضفي أهمية كبرى على هذا اللقاء الاستثنائي الذي ينعقد في سياق إقليمي ودولي جد دقيق.
وسترسي هذه القمة، الحدث السياسي غير المسبوق الذي يطبع مرحلة جديدة في هذه العلاقات، الأسس المؤسساتية التي تمكن من إثراء كثافة العلاقات مع بلدان الخليج، من أجل تثمين المؤهلات في مختلف مجالات التعاون وضخ دينامية جديدة للشراكة الاستراتيجية ومتعددة الأبعاد بين الجانبين.
وفي هذا الصدد، ستشكل القمة مناسبة لدراسة السبل التي تمكن الشركاء من مواجهة، وبشكل جماعي، المخاطر والتهديدات التي تواجه العالم العربي، خاصة بسبب التدخلات التي تتربص به، وتشييد بنيان صلب وقوي وقادر على الدفاع عن المصالح المشتركة والقضايا العادلة للعالم العربي والإسلامي.
وفضلا عن ذلك ستمكن هذه القمة، المدعومة بشراكة متوازنة تتسم بالندية، وقائمة على الاحترام المتبادل لخصوصيات وسيادة كل دولة، المغرب من تعزيز موقعه كبلد مؤثر يمثل، وبفضل مساره السياسي المتفرد، مؤهلا حقيقيا لمجموع المنطقة.
ويجدر التذكير بأن المملكة استطاعت بفضل عبقريتها المتفردة أن تشيد، في سياق يشهد اضطرابات قوية، نموذجا خاصا يجمع بين الانفتاح والحداثة من جهة، والتشبث بالقيم الأصيلة من جهة أخرى. وحري بالذكر أيضا أن المغرب وبلدان الخليج يرتبطان بعلاقات دائمة ومتينة تستمد قوتها، بعيدا عن تغيرات الظرفيات السياسية، من التاريخ وتطمح إلى الانخراط في المستقبل، بفضل تضامن فاعل وشراكة مثمرة.
وفي هذا الأفق، تعد القمة باستكشاف آفاق جديدة بالنسبة لاقتصاد بلد كالمغرب، بلغ اليوم مرحلة من النضج والتطور المتقدم الذي يخول له التموقع كشريك قوي ويحظى بثقة نظرائه بمجلس التعاون الخليجي، الذي يسعون لتنويع وإنعاش هياكل الإنتاج.
وقد استطاع المغرب، مستفيدا من مكانته ضمن المبادلات العالمية وموقعه الذي يربط بين قارتين (أوروبا وإفريقيا)، أن يتطور ليصبح قطبا اقتصاديا حقيقيا سيفتح آفاقا جديدة لشركائه الباحثين عن مشاريع كبرى مفيدة للطرفين.
كما ان هذه الشراكة، التي تنسجم بشكل كامل مع التعاون جنوب-جنوب، ستمكن المغرب من الاستفادة من تكامل اقتصاده مع اقتصادات بلدان مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز المبادلات التجارية، واستقطاب مزيد من الاستثمارات القادمة من الخليج، وأيضا تسهيل ولوج القطاع الخاص المغربي لأسواق مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط.
ويتمثل البعد الآخر لهذه القمة، في تكريس دور المملكة ومكانتها في الساحة الدبلوماسية على المستويات القارية والإقليمية والدولية، إذ تشكل إرادة بلدان مجلس التعاون الخليجي تعزيز شراكتها مع المغرب شهادة معبرة عن مكانته كحليف موثوق أولا، والمكانة التي يحتلها ضمن الأمم.
ويجدر التأكيد أيضا على أن هذه الشراكة ستمكن المغرب من تمنيع تموقعه الدبلوماسي وتعزيز صيته كأرضية محورية جيواستراتيجية بين مختلف الفضاءات الجيوسياسية، من الأورومتوسطية إلى غرب آسيا، مرورا بالمنطقة المغاربية وإفريقيا.
إذلك أن القمة تعد مناسبة لتعزيز انتماء المغرب إلى الفضاءات العربية والإسلامية، وتنويع الشراكة خارج دائرة الحلفاء التقليديين وتثمين المؤهلات الاستراتيجية العديدة للمملكة.
وتعبيرا عن هذا الالتزام الراسخ، فإن جلالة الملك الذي سيجتمع خلال قمة المغرب-مجلس التعاون الخليجي مع أشقائه قادة بلدان مجلس التعاون الخليجي، سيقوم بزيارات أخوة وعمل للعديد من بلدان المنطقة.