لماذا تكتسي الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا أهمية كبرى في السباق نحو رئاسة الولايات المتحدة؟

لماذا تكتسي الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا أهمية كبرى في السباق نحو رئاسة الولايات المتحدة؟

الخميس, 28 يناير, 2016 - 11:20

( بقلم كريم اعويفية)

دي موان (ولاية أيوا) – تقترب ساعة الحقيقة بالنسبة للمرشحين الجمهوريين والديموقراطيين الذين تخامرهم أحلام الحصول على ترشيح حزبهم، وخوض غمار المرحلة الأخيرة من السباق الرئاسي، قبل ولوج البيت الأبيض من بابه الواسع، كرئيس للولايات المتحدة.
فالطريق نحو البيت الأبيض، بعد الانتهاء من خوض الرئاسيات المقبلة، طويل ومليء بالمطبات والكمائن، التي تترصد بكل مرشح، الذي يتعين أن يتوفر على صبر فريد وحنكة سياسية، تمكنه من الحفاظ على الوتيرة نفسها طيلة هذا السباق المنهك والشاق.
بالفعل، لعل العقبة الأولى التي تعترض مرشحي الحزبين الجمهوري والديموقراطي تتمثل في الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا، التي تعتبر وفق عدد من المتتبعين والملاحظين “اختبارا قاسيا”، يضع على المحك قدرة كل مرشح على التفاوض خلال المراحل المقبلة من الحملة الانتخابية.
فالمرشحون الجمهوريون الأوفر حظا وفق استطلاعات الرأي، كالملياردير النيويوركي، دونالد ترامب، أو سيناتور تكساس، تيد كروز، او سناتور فلوريدا، ماركو روبيو، أو جراح الأعصاب المتقاعد، بين كارسن، أو الحاكم السابق لولاية فلوريدا، جيب بوش، لم يتوانوا عن سلك كل السبل الممكنة، طيلة الأشهر الماضية، من أجل إقناع الناخبين بالولاية، للحصول على دعمهم الثمين.
بالجانب الديمقراطي، ضاعفت وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، المتصدرة لنوايا التصويت، ووصيفها سيناتور فرمونت، بيرني ساندرز، والحاكم السابق لولاية ميريلاند، مارتين أومالي، من تنقلاتهم إلى ولاية أيوا، حيث عقدوا سلسلة من اللقاءات مع الناخبين المحليين.
ويرى عدد من المراقبين والمحللين المتخصصين في الشأن السياسي الأمريكي أن الانتخابات التمهيدية بأيوا، التي تعد المرحلة الأولى الفعلية في السباق الرئاسي، تقدم إجابات للمرشحين كما توضح الرؤية لهم بخصوص الاستراتيجيات التي يتعين أن يتبنوها من أجل الانطلاق بقوة في المراحل المتبقية من المسار الانتخابي.
واعتبر الصحافي، جوش كلارك، أن “مستوى الدعم الذي يتلقاه كل مرشح من ناخبي ولاية أيوا يشكل مؤشرا معقولا حول أدائه المقبل أمام باقي الناخبين الأمريكيين” بالولايات الأخرى.
في هذا السياق، لاحظ أن نتائج الانتخابات التمهيدية بأيوا تمثل بوصلة فعالة للمرشح لرصد نقاط القوة أو مكامن الضعف في استراتيجيته، وهل يتعين عليه أن يواصل حملته على المرتكزات نفسها، أم يستحسن أن يغير من تكتيكاته.
وأبرز أن “نتائج الانتخابات بهذه الولاية مهمة لدرجة أن العديد من المرشحين يقررون الانسحاب من سباق الحصول على ترشيح حزبهم في حال فشلهم في تحقيق مرتبة جيدة”.
على المنوال ذاته، يعتقد العديد من المخططين الاستراتيجيين بالحزبين الأمريكيين الكبيرين، أن “تجاوبا جيدا” من قبل ناخبي هذه الولاية يعزز من حظوظ المرشح في الفوز بتزكية حزبه.
واعتبر كلارك أن “أداء قويا من مرشح ما بولاية أيوا يوجه رسالة إلى زعماء الأحزاب”، مبرزا أن كل هيئة سياسية تبحث عن مرشح قوي قادر على المنافسة في السباق نحو البيت الأبيض ومواجه مرشح الحزب الخصم.
واكتسبت الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا أهميتها خلال سنوات السبعينات حينما حقق المرشح الديموقراطي، جورج ستانلي ماكغوفرن، نتائج غير منتظرة بهذه الولاية ذات الاقتصاد القائم على النشاط الفلاحي.
وبصمت الحملة الانتخابية لهذا العضو السابق بالكونغرس، والذي خسر في النهاية الانتخابات الرئاسية سنة 1972 في مواجهة الجمهوري، ريشارد نيكسون، التاريخ حينما فاز بالانتخابات التمهيدية بهذه الولاية في مفاجأة ألجمت كل المراقبين.
ومنذ هذا الانتصار، صار الإعلام بكل أطيافه يولي أهمية خاصة لاقتراع ولاية أيوا، وهو العامل الذي منح لهذه الولاية دورا سياسيا رئيسيا ضمن حلبة الصراع الانتخابي بالولايات المتحدة.
وازدادت أهمية هذه الولاية خلال الانتخابات الرئاسية سنة 1976 حينما تمكن الرئيس السابق جيمي كارتر، الذين كان شخصية مغمورة حينها، من تحقيق اختراق مفاجئ، بعد سنة من اللقاءات والأنشطة في مختلف مقاطعات وبلدات هذه الولاية الواقعة في وسط الغرب.
وجاب كارتر كافة تراب الولايات، كما عقد لقاءات منتظمة مع الناخبين، وهو ما مكنه من تحقيق “انتصار مدوي” حسب عدد من المراقبين.
ومنذ ذلك الحين، يحرص مرشحو الحزبين معا على تخصيص جزء مهم من جدول أعمالهم لبرمجة أنشطة بهذه الولاية، في محاولة لاستمالة الناخبين المحليين والحصول على دعمهم.
من جانبه، أكد جوهان بيرجيناس، الخبير في الشؤون السياسية بمركز (جايمز مارتين لدراسات عدم الانتشار)، أن “حضور الإعلام أعطى لهذه الولاية أهمية”، لافتا إلى أنه إذا استطاع مرشح ما الإقناع في الانتخابات التمهيدية بهذه الولاية، فسيتوفر دون شك على حظوظ وافرة في الاستفادة من تغطية إعلامية واسعة.
في السياق ذاته، شدد الأستاذ بجامعة (روتجرز يونيفرسيتي) وصاحب كتاب (لماذا أيوا؟) على أنه بعد فوز كارتر، أصبح كل المرشحين يولون أهمية إلى هذه الولاية بحثا على جذب اهتمام الإعلام.
كما يرى عدد من المراقبين أن الانتخابات التمهيدية بهذه الولاية مهمة أيضا لأنها تساعد على تحديد هوية المرشحين الخاسرين أو الأقل حظا في الفوز.
واعتبر كاري كوفينغتون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أيوا، في تصريح لصحيفة (دايلي نيوز) أن “أيوا تحدد هوية الخاسرين، لكنها لا تحدد هوية المرشح الرابح”.
وفي العادة، يفشل المرشحون الذين لم يحجزوا مكانا لهم ضمن الثلاثة الأوائل في الانتخابات التمهيدية بأيوا، في الظفر بترشيح أحزابهم، باستثناء السيناتور الجمهوري جون ماكين، الذي ترشح لرئاسيات سنة 2008.
وحل السيناتور رابعا في نتائج الانتخابات التمهيدية بهذه الولاية، لكنه تمكن بعد ذلك من الظفر بالانتخابات التمهيدية بنيو هامبشير، قبل الحصول على تزكية الحزب الجمهوري لمواجهة الرئيس باراك أوباما في الانتخابات العامة.
وأمام الاهتمام الإعلامي الكبير بهذه الموعد الانتخابي، تعالت أصوات العديد من الولايات الأخرى محتجة على الأهمية التي تحظى بها أيوا في العملية الانتخابية. في هذا السياق، قامت العاصمة الفيدرالية واشنطن بحملة ضغط في محاولة لتنظيم الانتخابات التمهيدية قبل ولاية أيوا.
كما التقت مجموعة تمثل 40 ولاية سنة 2007 بالعاصمة الفيدرالية من أجل مناقشة إمكانية تنظيم المرحلة الأولى من الانتخابات التمهيدية بشكل دوري بين الولايات ابتداء سنة 2012.
لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وتمكنت ولاية أيوا من الحفاظ على مكانتها في العملية الانتخابية، بل ستواصل الاضطلاع بهذا الدور الرئيسي في المشهد السياسي للولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة.

اقرأ أيضا

فاس: تكريم الكاتب والمخرج المسرحي محمد الكغاط

الأحد, 30 يونيو, 2024 في 18:20

كرم ثلة من المثقفين ورجال الأدب من فاس وخارجها، السبت، الكاتب والمخرج المسرحي محمد الكغاط، بمناسبة الذكرى ال23 لوفاته، تكريما لذاكرة مبدع استثنائي بصم الساحة الثقافية المغربية.

مراجعة مدونة الأسرة.. الإحالة الملكية تضع حدا للتأويلات الدينية الفردية (فاعلة جمعوية)

الأحد, 30 يونيو, 2024 في 12:16

أكدت رئيسة جمعية “أيادي حرة”، ليلى أميلي، أن الإحالة الملكية لبعض المسائل الواردة في مقترحات اللجنة المكلفة بالنظر في مدونة الأسرة، على المجلس العلمي الأعلى، “تضع حدا للتأويلات الدينية الفردية التي لا تراعي الواقع وتطورات المجتمع”.

المهندس دعامة أساسية في بلورة الاستراتيجيات الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة (السيد أخنوش)

السبت, 29 يونيو, 2024 في 21:52

أكد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، اليوم السبت بطنجة، أن المهندس يعتبر دعامة أساسية في بلورة الاستراتيجيات الوطنية التنموية وتحقيق التقدم والتنمية المستدامة.