الاتحاد الأوروبي يتجنب فتح جبهة جديدة ويلجأ للحوار لحل خلافه مع بولونيا

(سمير هلال)

بروكسل – قرر الاتحاد الأوروبي اللجوء إلى “آلية الحوار” في محاولة منه لحث بولونيا على التقيد بالقيم التي نصت عليها المعاهدة الأوروبية.
جاء ذلك، عقب اجتماع للمفوضين الأوروبيين، انعقد أمس الأربعاء، ببروكسل، لبحث الخطوة التي أقدمت عليها بولونيا بمصادقتها على قانونين اعتبرهما الاتحاد الأوروبي يتناقضان مع دولة القانون والديمقراطية.
ويتعلق الأمر بقانون يعدل قواعد التصويت بالأغلبية الموصوفة داخل المحكمة الدستورية حيث عينت الحكومة بها خمسة قضاة جددا، والقانون الذي ينص على إقالة مدراء الإعلام العمومي وتعيين رؤساء جدد لمحطات التلفزيون والاذاعة من قبل وزير المالية، وهو ما اعتبر محاولة من الحكومة بسط سيطرتها على هذا القطاع.
وهذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها الاتحاد الأوروبي إلى هذه الآلية التي تم إحداثها سنة 2014. ويمكن للمفوضية الأوروبية، وفق هذه الآلية، في حال تسجيل حالات انتهاك دولة الحق والقانون والمبادئ الديمقراطية، أن تطلق إجراء لحماية دولة القانون على شكل “حوار” مع الدولة العضو المعنية عبر ثلاث مراحل متفرقة تهم عملية للتقييم، وإصدار توصية لحل المشاكل القائمة، ومتابعة عملية تطبيق هذه التوصية.
وفي حال فشل هذا الإجراء يمكن اللجوء إلى عقوبة تقضي بسحب حق الدولة في التصويت خلال القمم والاجتماعات الوزارية للاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من أن الجانب الأوروبي أعرب عن تفاؤله بخصوص فتح قنوات الحوار مع الحكومة البولونية، إلا أن هذه الأخيرة اعتبرت أن موقف الاتحاد من ” الإصلاحات ” التي أقدمت عليها يعتبر تدخلا في شؤونها الداخلية ومسا بسيادتها.
فقد وجه وزير العدل البولندي زبينييف زيوبرو أول أمس الثلاثاء رسالة شديدة اللهجة إلى الاتحاد الأوروبي أعرب فيها عن “استغرابه” لما وصفه بأنه “محاولة للضغط على برلمان منتخب ديموقراطيا وحكومة دولة ذات سيادة “.
موقف بولونيا هذا لم يكن مفاجئا. فحزب القانون والعدالة الذي فاز في الانتخابات الأخيرة يعد من المناهضين لأوروبا ومن دعاة استرجاع بعض الصلاحيات الوطنية والمحافظة على سيادة الدول. كما أن بولونيا عضو ضمن ائتلاف مجموعة (فيشجراد)، التي تضم في عضويتها أيضا كلا من المجر وسلوفاكيا والتشيك والتي تحاول الضغط على بروكسل من أجل إدخال إصلاحات على نظام عمل مؤسسات الاتحاد الأوروبي بشكل يقلص من سيطرته على أعضائه وتوسيع سلطات المؤسسات والحكومات الوطنية للدول الأعضاء.
ويخفي الخلاف البولوني الأوروبي خلافا أعمق يتمثل في تباعد المواقف بين المؤسسين الأوائل للاتحاد الأوروبي والأعضاء الجدد خاصة من أوروبا الشرقية، وهو ما ظهر بشكل جلي خلال النقاشات الأوروبية – الأوروبية حول سبل إيجاد حل لأزمة اللاجئين حيث أكد الوافدون الجدد عن رفضهم المطلق استقبال لاجئين في حين بدت دول أوروبا الغربية أكثر مرونة وإنسانية.
فبعد حالة بريطانيا، المقبلة على استفتاء هذه السنة سيحسم في خروجها أم استمرارها مع الاتحاد الأوروبي، ها هي جبهة جديدة تفتح في وجه المسؤولين الأوروبيين وهو ما يشكل امتحانا صعبا لمدى قدرة الاتحاد على استكمال مشروعه الاندماجي.